ثأر قديم...
جلس في المقعد الذي كان والده يجلس فيه قديما,عندما كان الملك والآمر الناهي,لن ينسى أبدا تلك الصفعة القوية من عمه والتي ارتجت لها عروقه الهشة,من عم أغرق العائلة كرما ومنافذ للعمل غير المشروع , حتى أصبح رغم صغر سنه بالنسبة لهم يؤبه جانبه بشكل خطير , وهو على علم تماما أن لا أحد يصل إلى ما وصل إليه إلا وقد تعربش وتسلق دونما وجه حلال غالبا إن لم يكن دوما.
-لا تجلس هنا أبدا حتى والدك قد كان يجلس بأمري هو يعمل عندي وأنت ولده.
-والدي شريك
-بحصة صغيره لا ينظر إليها.لولاي لما صار تاجرا ولما أكلتم...
شعر أن الدنيا تدور به وأن كل ما تعلمه في المدرسة وفي المنزل لم يعد كافيا للدفاع عن غصة وتعدي واضح سافر غير مشروع, غير معقول لصلة دم يفرض أن تحترم على الأقل.
كان يلمح تلك الكلمات في عيون أولاد عمه..في عماته ...في كل كلمة يسمعها عندما تجتمع تلك العائلة المحترمة ليأكلوا...ثم يمضوا...
وضع يده على خده ..آلمه من جديد.
تمر أمام عينيه سني الغربة المتواضعة والتي عاشها والديه عبرها أكثر بكثير مما أحس هو بها أصلا, كان كفاحا مريرا كان يجب أن يتوج بمستقبل جيد.
-عالم التجارة يا بني كعالم سمك القرش هناك من يؤكل غيلة وهناك من يصمد متأرجحا وهناك من يصعد بقوته وتسلقه ....عالم لا ضوابط له رغم كل الضوابط.
قام من الكرسي يديره بسرعة وهو ينظر إليه بقرف...
كم ذبحت دول وبشر لأجلك أنت, من أنت أصلا؟قاتل أنت.. لطيبة في القلوب...ذابح لكل خير نظيف....
قل من جلس واستراح , معظمهم يأتيه هوس التملك ,خوف الخصوم ...معارك لبطون جوعي لا تعرف الشبع...لوثت العالم ..وربطته بأصفاد القهر والتسلط...
دار في أرجاء الغرفة....رتب ما استطاع أن يرتب منها,رمى بيت رصاصة قديم كان قد نُسي على ما يبدو هنا قديما..
استطاع أخيرا أن ينزع حق والده من هنا..
أن يضع يده بيد وحش ثاني أكبر, فلربما أصبحت اللعبة أحلى...
صلى ركعتين...دعا.
وجلس على الكرسي ..وأشعل التلفاز....
أم فراس 21/ 7/ 2008