و أغسلُ وجهي بماءِ حرفك
مذُ رأيتكِ كرضيع تتعالى صرخاتهُ مُستجدياً قطراتٍ من حليب دافئ يسدُ جوعه, و يسري بأوصالهِ سريانَ محبتكِ في قلبي, غَمرتني نشوة عجيبة, و رقصَ حسي فخورًا بطلبكِ المفاجئ, و تغلغلَ صوتكِ مخترقاً حدود الجهل و كهوفهِ المظلمة... " علمني القراءة و الكتابةَ يا بُني " نطقتْ عيوني فرحةً مُستبشرة, و عانقتُ باهتمامٍ كبير صدى رغبتكِ الصادقة أماه.
اليوم... و عندَ أولِ كلمةٍ تكتبينها دونَ أن أمسكَ بيدكِ أوجهُ حركاتها في رسم الحروف , دعيني ألثمُ بياض كفكِ المورق و أرتمي بفخر في بحر ابتسامتكِ البريئة... دعيني أغسلُ وجهي بماء كل حرف تخطينه و لو كان فيه اعوجاج ... دعيني أمسحُ عنكِ غبار الجهل و أميّة اللغة...
أخيرا ستتمكنينَ يا حبيبة الفؤاد من قراءة نبض وليدك و لو تهجيا... حتى و لو غابت عنكِ مداركُ المعنى... كفاني فخرًا أن تنطقَ به شفتيكِ و أسمعه لحنا بديعا يدغدغ أذني و يطربُ وجدي, كفاني فخرًا برؤية ذلك الرضا مرتسمًا على قسماتِ وجهك الجديد .
هشـام