اللوحة بريشة الفنان التشكيلي السعودي : فيصل الخديدي ..
الشكر له بمنحي شرف إرفاقها لنصي ..
نظرة ........
شيء ما جثم على صدري ، ضغط على رئتي حد الاختناق ..
لحظة ما عاد فيها شيء يقال ، حين حزمت أمرك ، وبإصرار صامت نظرت إلي نظرة زلزلتني .. وغادرت ..
لم تتفوهي بكلمة ، فقط تلك النظرة التي ما زالت تطاردني في صحوي ومنامي ..
دون وعي .. بدأت أدور في حلقات حول نفسي ، دوائر تكبر وتتسع ، أفقد فيها توازني ، وكأنني في حلقة زار صاخبة بالطبول والأصوات ، حتى سقطت أرضا ..
نهضت من سقطتي وأنا أحس بغثيان شديد ، وكل ما حولي ما زال يدور ، الجدران ؛ الأثاث ، كل شيء ، وأنا أترنح وسط فوضى أفكاري و مشاعري ..
لا أدري لم بدأت الغناء بصوت عال ، بدأت أهذي بكلام ما عدت أذكره ، تارة أبكي وتارة أقهقه بصوت عال كالمخمور أو الممسوس بمس من جنون ، حالة من الهستيريا العنيفة انتابتني ، كتبت على الحجدران اسمك ، ورسمت وجهك بصور مختلفة ، وتلك النظرة في كل وجه منها ..
حين نفقد عزيزا ؛ يبقى لقاؤه ولو لمرة واحدة أمنية نتمنى أن تتحقق ولو صدفة ، ننتظر اليوم تلو اليوم علَّ الصدفة تحقق تلك الأمنية ..
كنت أبحث عن تلك الصدفة في كل مكان أذهب إليه ، وفي كل الوجوه كانت تشبهك أم لا ، أو تلك النظرة التي تركتها مطبوعة في ذاكرتي لا تغادرني ..
كنت أتمنى أن ألتقيك ولو لمرة واحدة كي أقول لك فقط كم أحببتك ..
كم كنت مجنونا بحبك لدرجة الذعر ..
نعم كنت أخاف هذا الشعور الصاخب بداخلي ، أخاف ضعفي أمامك ، والذي كنت أخفيه خلف انفعالات الغضب العارم ، كنت أبحث بين كلماتك على مبرر كي أصب عليك جام غضبي ، كنت أحرِّف كل معانيها ، حتى كلمات الحب منها ..
كنت أخشى فقدك ، وأنا المحتاج أن أرتمي في أحضانك كطفل صغير ، فأثور على مشاعري وعليك ، وأكره هذا الشعور في نفسي ، أنكر على نفسي هذا الاحتياج ، فأعذبها بالكتمان وأعذبك بقسوتي ..
صبرك واحتمالك كانا يثيران جنوني ، كم عاتبتني دموعك وأنا أتجاهلها ، كلما اقتربتِ كنت أبتعد أكثر ، وكلما زادت رقتك زادت جفوتي ..
مثقل راسي بك ..
يطاردني طيفك ، صوتك ما زال عالقا في أذني يعذبني ، أشياؤك الصغيرة التي ما زالت في أماكنها ، هداياك ، رسائلك ، عطرك الملتصق بيدي ، براءة ضحكتك ، نظراتك التي كانت تخترق صدري فتشعل فيه الحب بضراوة ..
كنت طائرا حرا وكنتِ ليَ الفنن الذي كلما تعبت حططت عليه ، حيث المأوى والدفء والحنان ، وأغادره في تحليق جديد بأنانيتي ، لم أنظر يوما خلفي لذلك الغصن ، ولم أشعر بفقده إلا حين انكسر من ثقلي عليه ، لأبقى محلقا في فضاء فارغ ، ليس فيه إلا نظرتك أطاردها في أشباح تروح وتجيء من حولي ..
وأمنية أغلق عليها العين كل ليلة ، وأشرع لها نافذتي علَّ الصباح الآتي يحققها ..