قصيدة في نصرة رسول الله علية السلام
(( ثنيات الوداع ))
من ديوان: ( الفرار إلى الله )
شعر الدكتور حكمت صالح
عَلَى عَتَبَاتِ "مَكَّةَ"
حَيْثُ لاَ بَاباً يَصُدُّ الرِّيْحَ
تُعْوِلُ فِي الْقِفَارِ
تُصَارِعُ اللَّيْلَ الْمُسَجَّى
بِالأَسَاطِيْرِ الْخَرَافِيَّةْ [1].
وَحَيْثُ الرَّبُّ يُؤْكَلُ كُلَّمَا جَاعَ الدَّهَاقِيْنُ [2].
وَحَيْثُ "جَزِيْرَةُ الْعَرَبِ" [3]
تَئِنُّ بِقَفْرِهَا الأَزْمَانْ [4].
مُدىً فِي صَدْرِهَا
فِي خَصْرِهَا
فِي ظَهْرِهَا
مَغْرُوْزَةً فِي ثِنْيَةِ الْوَاحَاتِ
وَالْفَلَوَاتِ
وَالْكُثْبَانْ [5].
وَحَيْثُ دِمَاءُ أَبْنَاءِ الْقَبَائِلْ [6]
تُسْفَكُ فِي بِلاَطِ الأَعْيُنِ الْحَمْرَاءْ [7]
تُسْفَحُ فَوْقَ أَرْدِيَةِ السَّمَاوَاتِ الزُّجَاجِيَّةْ [8]
يُطِلُّ بَنَفْسَجُ الْعَطَشِ [9]
يُنَشِّفُ وَجْهَهُ فِي لَحْظَةِ الْفَرَجِ [10].
وَتَنْكَشِفُ السَّتَائِرُ
ثُمَّ يُعْرَضُ مَشْهَدُ الْمَلَكُوْتِ
يَسْتَلُّ الشُّخُوْصَ..
الْبُرْكَةُ الأَسْيَانَةُ
امْتَدَّتْ إِلَيْهَا حُزْمَةُ الضَّوْءِ الْمُسَلَّطِ
مِنْ مَصَابِيْحِ الْكَوَالِيْسِ [11]
وَتَخْلَحُ ثَوْبَهَا "نَجْدُ" [12].
يَمَامَاتُ الْحَرِيْرِ تُغَازِلُ الشَّفَقَا [13]
وَيَنْسُجُ
- مِنْ شُعَاعِ الْفَجْرِ أَرْدِيَةً لَهَا -
الْوَجْدُ [14].
فَيَدْخُلُ مِنْ شُفُوْفِ الصِّدْقِ
سَيِّدُ هَذِهِ الدُّنْيَا [15].
وَيَخْرُجُ مِنْ شُفُوْفِ الصِّدْقِ
سَيِّدُ هَذِهِ الدُّنْيَا [16]
تَشُقُّ كَثَافَةَ الْجَسَدِ الإِرَادَةُ
ثُمَّ تَسْبَحُ فِي فَضَاءِ الَّلاَنِهَايَاتِ [17].
وَتَخْتَرِقُ الْوُعُوْرَةَ فِي حِوَارٍ
بَيْنَ مَاضٍ قَاتِمٍ
وَوَضَاءةِ الآتِي [18].
غِيَابٌ يَصْطَلِي مِنْ جِذْوَةِ الأَرَقِ
امْتِزَاجَ الظِّلِّ بِالأَشْيَاءْ [19]
حُضُوْرٌ يَصْنَعُ الْمَجْدَ الْمُؤَطَّرَ
بِالْقَنَادِيْلِ السَّمَاوِيَّةْ [20].
وَتَنْكَشِفُ الْمَرَايَا
حُزْمَةً تَشْتَارُ أَفْئِدَةَ الرِّجَالِ
تُثَبِّتُ الإِيْمَانْ [21].
إِذَنْ.. فَلْيَصْعَقِ الْبَرْقُ [22]
زُجَاجَاتِ الْخُمُوْرِ الْمُقْشَعِرَّةَ
فِي الْخُدُوْرِ [23].
وَيَنْطَلِقُ الدُّعَاءُ
إِلَى مَدَى حُرِّيَّةِ الإِنْسَانْ [24]
فَيَخْتَطُّ الْمَعَارِجَ فِي نِقَاطِ الَّلوْنِ وَالدِّفْءِ [25]
وَأَبْرَاجاً..
تُطِلُّ عَلَى تَحَرُّكِهَا الدَّؤُوْبِ
مَشِيْئَةُ الرَّحْمَانْ [26]
تُقِيْمُ جُسُوْرَهَا مَا بَيْنَ دُنْيَانَا [27]
وَبَيْنَ الْجَنَّةِ الْمُخْضَرَّةِ الضَّوْءِ [28].
وَيَنْسَجِمُ الْمَدَى قُرْباً .. وَبُعْداً
بَيْنَ صَوْتِ اللهِ .. وَالإِنْسَانْ [29]
لِكَيْ يَضَعَ الْخُطُوْطَ عَلَى الْخَرِيْطَةِ..
رَاحَتِ الرَّايَاتُ تَعْلُو
كُلَّمَا الْوِدْيَانُ تَنْخَفِضُ [30].
وَيَجْمَحُ .. يَجْمَحُ الْفَرَسَانِ
فِي وَادِي الْعَقِيْقِ..
وَخَلْفَ آمَادِ "الْجَزِيْرَةِ"
يَنْبُتُ السَّعْفُ [31]
وَيَنْمُو الْجِذْعُ
وَالنَّخْلاَتُ تَنْتَفِضُ [32].
فَيَا شَجَراً؛ تُخَبِّئُ ضَوْءهُ الرَّعَشَاتْ [33]
أَلاَ رَاقِصْ فَرَاشَاتِ الْمَصَابِيْحِ [34]
وَبَلِّلْ بِاخْتِلاَجِكَ خَفْقَةَ الأَنْوَارْ [35].
هُنَا.. إِذْ تُعْقَدُ الْبَيْعَةْ [36]
يَهُزُّ الْجِذْعَ "مُصْعَبُ" حَوْلَ "طِيْبَةَ"..
يَسْقُطُ الرُّطَبُ [37]
وَيَتْلُو "مُصْعَبُ" الآيَاتْ [38]
فَتَنْتَشِرُ السَّكِيْنَةُ فِي رُبُوْعِ مَدِيْنَةِ الأَنْصَارْ [39].
وَمَا أَنْ صَرَّحَ الْحَقُّ [40]
هُنَا.. إلاَّ وَ"يَثْرِبُ" تَرْتَدِي حُلَلَ الزَّغَارِيْدِ! [41].
دُفُوْفُ الْمُؤْمِنَاتِ تَذُوْبُ تَرْجِيْعَاتُهَا
فِي كُلِّ نَبْضٍ شَفَّهُ الصِّدْقُ [42]
زَنَانِيْراً.. وَأَسْوِرَةً
تُشَعْشِعُ.. فِي تَأَلُّقِهَا
"ثَنِيَّاتُ الْوَدَاعِ"
فَيَنْتَشِي الأُفُقُ [43].
وَحِيْنَ تُلَوِّنُ الأَقْوَاسُ وَالأَقْزَاحُ وَجْنَتَهُ [44]
رَسُوْلُ اللهِ يُمْطِرُ فِي قُلُوْبِ الْمُؤْمِنِيْنَ..
سَحَائِبَ الْفَرَحِ [45].
*:*:*
الموصل:30/8/1980م.
© الشاعر الاسلامي الدكتور حكمت صالح