هذه الحارة ضيقة ودافئة وتشعرني بالأمان ,كانكسار نور حنين الأم في العينين .
هل أنت معي يا غسان في شعوري العظيم هذا .
دائما تتحدثين يا أميره عن الحارة, وكأنها وسائد العشاق التي لا تبرد لا اعرف تماما سر تمسكك بها
وخاصة بهذا المصباح الرديء, كهيئة ساحرة لئيمه تستعد للشر والانتقام.
وأتعجب لما تلونينه بألوان غريبة لا حياة فيها.
لا تصور شعوري بهذه الصور المؤلمة يا غسان
ولا تنكر محاولاتك الدائمة من التقرب إلى غموض هذا المصباح الدافع إلى الحياة
, لكنك تتهرب دائما من ذكريات الحارة وسر هروبك هو حبك للتفرد بفكرة واحده ولا أنصحك أنا بهذا,
إن أردت أن تملك مصباحا لا تنتقده يوما بانتقاداتك الضائعة
عليك أن تستقر داخل الحارة , وتلتحم بها وبجدرانها وبسر مصباحها العظيم.
لماذا الهروب يا غسان ما دمنا أنا وأنت توأمين وابتسمنا للحياة من نفس النفس وعلى جدران الحارة ابتسمنا , وعلى حجارتها الحمراء بكينا معا كرمانة كاملة الإخصاب تنجب نورا ورمان,
منذ التقينا فيها أول مرة وخاصة تحت ضوء هذا المصباح الصغير وأنت تبحث عن شيء ما ربما أل.........
ألا تذكر كم كانت أنفاسك يومها ترتجف من البرد يائسة, ولونها اصفر ينتحر كهيئة المذعور من جهنم
كنت باحثا عن صورة تضحك لك من تراب ربما أو جزء من الأنثى يشبه مقطعا من السكر المرشوش فوق الحلويات.
وكان الحضن هذا المصباح انظر إليه جيدا ألا ترى طفولتك فيه تخيل نعومة أظافرك, وحلمك الأبيض كالجليد الذائب على سيقان البصر البعيد, أثناء العبور إلى عالم الخيال.
وسيرك وأنت صغير خلف رحمة أمك تبغي طعاما دافئا من أضلاع صدرها ومدفأة من حرارة جسدها التبر الناعم, بالحب ومن الحب .
لذلك يا حبيبي عليك أن تقتنع بأنك كائن لا يحيا من دون مصدر للعاطفة,
فالعاطفة للإنسان كالماء والهواء
وبالذات عاطفة الأنثى المراه, والأرض, والوطن.
إياك أن تحرم نفسك من العاطفة السامية يا غسان فانا أعشقك منذ ولادتك على الأرض,
واعشق دنيا أنفاسك , لأنك نافذة من خلالها أرى النجاة إلى الأبد.
هذا المصباح يرشد المغمورين إلى معمورة شاسعة, اشسع من عالم حارتنا, عالم ما بعد الحارة بكثير من العبور والعبور حتى نصل إليه أو ندرك شيئا يسيرا منه لنستمر في إنبات الحياة.
لا تقولي لي بأنه بطل في البحث والإرشاد في أخاديد الحنين التي صبت وتصب حنينها في القلب والكف
وفي طيات الأرض, والكتب
أنا يا أميره لا أحب الأحلام التي لا تتحقق كما عرفتك بنفسي من قبل,أنت تحلمين بان يكون الماء ذهبا وهذا لن يحدث إلا في لوحة فنيه بلهاء, والعاطفة أحيانا لا تؤدي إلى الوصول عبر كل النوافذ الموجودة في الحارات الأخرى .
2-
هذا ما تبقى من القرية الفلسطينية , ورقة تين تحوم حول الدور وكأنها تبحث عن كثافة حياتها في كف جدي ,
جدي أو جد الأرض, أو اسم عاشقة روحها طارت تطارد طيف حبيبها في قلب السماء.
أصبحنا أكثر قربا من روح الحجارة واستدارتها وهي تبتسم للحياة, أردنا منها أشياء كثيرة ,أردنا منها على الأقل,حرفا ضائعا أو دمعة حزن انسكبت بحب عليه أنها للقدس أنها للقدس, أو أردنا منها لمعة الزيت ,وقلبا
يتألم وشوكة ناعمة ,وأرضا وماء وسنبلة قمح عارية أ مام زوجها الشمس.
سيرنا مؤلم هنا صباحا يا أميره
كيف لا ومنظر هذه الطيور لا يغادر الغرف الصغيرة ,لقد شاهدتها بمنظر مفزع هناك على ارتجاف الأسنان وهي تصطك من البرد. ربما كانت الغرف مغلقه بفأس من الجوع وخيال ابعد من فجر البحر,
ما أصعب أن نشترك في الحياة معا هنا في قعر البعد كأننا نتحدث ولا نلتقي, كما يلتقي ماء النهر بماء البحر,
هذا سر غامض لكن الصعوبة تكمن حقيقة في منظر الغروب ,انه يغرب باكرا كل يوم,
والى الآن لا تستطيع إعطاءه الأفق والسماء كلها شروق أبديه.
هذا بعد لا تتحمله الطيور التي ربيناها على الحب والصباح فوق أغصان العودة عند هذا الجذع القديم لزيتونة عظيمه,
الفخور بألف عين ولون, والعودة أكثر إلى أسماء قديمه تعود بنا إلى حضن يدفعنا إلى كرسي مستقبلنا,
مرتبط بذكرى حاضرنا دائما أمام الاندفاع العارم نحو هدفنا وهو الخلود والغرس من اجل البقاء.
تكمن ذكرياتي يا أميره عبر هذه الحروف الصغيرة حروف من خيال الأنثى العنقاء كأنها تسافر داخل أعماق الرجل بكل صلابة وكبرياء,
احتسبتها قليلا ماذا تكون قلت جندية في معركة حطين, أو فجة تين تسافر في حب نور الشمس,
وخيانة مع ابتسامة القمر في جناح الليل.
لكن الأمر مألوف لهذه الحياة الانثويه والأرض فهذه تتبع لروح ثابتة في إطار محدود داخله متغير,
ربما صلابة جمال الجسد مع الورد أعمق وأحر من منظر التراب المكشوف الذي بدا كهيكل خسر الحرب,
وبات في العراء شحاذا تشمت به زهرات الحياة الآنسات بمعطف القمر الندى بالشهوة والغرور.
أما الأرض فتبقى أنثى أكثر وهي رجل أيضا في بعض الأحيان لكن الأنثى تتعمق كثيرا داخل كل الأجساد حتى تنفض من روحها عبق مودتها ورائحتها الياسمينية في كل أشياء الأرض باسم الحياة وعلى الأرض.
ها هو تأثير مصباحنا أنا وأنت
يبدو بأنه قد اثر عليك كثيرا حتى أصبغك بهذا الحس المرهف,
والبوح الداخلي, لقد بدوت كحمامة زرقاء عاشقه في عمق الأحلام الوردية, بل وابعد خيالا وأميل إلى عالم لا يموت,
يا لك من شخص مراوغ يا غسان كيف استطعت أن تتغلب على كل هذه الجبال وتنافسها في طولها,
من جهة تقول بأنك لست بارعا في عمق العاطفة والسباحة فيها,
ومن جهة أخرى أرى حبك للأرض وعشقك لحجارتها البيضاء الجالسة حول الدور وكأنها الطيور تحولت من أحرف قد سرقت منك هذه الصلابة وصبغتك برهافتها وأصبحت عصفورا فوق الأغصان تطلق أناشيدك للحياة,
وعلاوة على ذلك تصف لي شعورك وكأنك عاشق لألف ن النساء بالغات في الحسن والانا قه حولتك إلى شاعر وارض أو إلى شجرة ذاكرتها في عمق التاريخ وجذورها في كل مكان غاصت كأم عجوز لغتها الإخلاص وتوأم الحب الأبدي.
تحت ظل المغيب ونبض القلب الغريب مع ألف نبضة تحب تحت ظل الليل الجميل بوحدته في أحضان السكون.
ليس الأمر كذلك يا شوكتي الناعمة,
أنا أتكلم عن إحساس يعيش بي وأعيش به منذ نعومة أظافري,
كطائر صغير يحلم بالطيران نحو كل الأسرار ونحو كل نافذة لأرى من خلالها أسراب العائدين السائرين إلى الأرض وعلى الأرض.
في قلبي ما زالت تعيش الأم الفراق وجسارتها السوداء, هكذا كنت داخل صندوق ابيض تارة وأخرى اسود,
كل إنسان يكتسب ما يحب وأنا أحببت الحب, أنا انطلقت من حبي أجسد الأرض ومن حليبها ومن الثديين, ثدي الرغبة وثدي التغلب والهمة نحو الأبد كعنقود عنب يسيل لعابه على الأرض ليقبل الأرض حتى أخر نفس فيه,
غايتي الآن أن أكون داخل كون شاسع ابعد من أي خيال لا حدود له والواقع فيه لحظة عابره لكنها تعلم الإنسان الإنسانية للأبد,
جسد وفكر, وأمراه وهدف وأخره.
على الإنسان أن يحمل يا أميره هذه الأشياء
على يده غصن زيتون اخضر يلوح به نحو العفاريت لتهرب من عالم الملائكة,
وان يضيء لمحبوبته من الأرض وفي كل ثانيه شمعة للأرض وللحجارة القديمة,
وان يهطل من عينيه وابلا من الدموع الحارة إلى أن ترتوي الأرض منها والى أن تنتشل منها برودة العظام وتزرع فيها روح الفتيات الناهدات للحياة,
على العصافير يا أميره أن تنطق بأسماء العاشقين وان تلحن لونين واحد للتراب وواحد لشعر المحبوبة الشمس.
نحن ولدنا يا أميره لكي نبني في الفراغ حتميات وموجودات نحبها وتحبنا نحن هنا لأننا نحب شهوة الأرض التي أطلقت من بين ثناياها البيضاء بقلا وقمحا, نحن موجودون هنا على الأرض لنجد ما لم يوجد من قبل فنحن نحارب الكره لأننا نطمح لأجساد تعيش مع الخير.
غسان دعنا من نوعية عاطفتك المجبولة بحب الأرض وقل لي, ماذا اعني أنا لك ولماذا اخترتني عن دون كل الفتيات حتى الأجمل مني ولتكلمني لوحدي ووحدة الليل وهدوءه.
أولا لان قلبي ينبض إذا بمقدوره أن يحب احبك لأنك مخلوق قادر على إعطاء العاطفة بصدق ولو مات.
فانتم شهداء, وبذور في داخلها كل المورثات
كبذور أضعها داخل اذرع التراب لتمدها بأربع جهات أمان لتستكمل دورتها في طبيعة الحياة لكن قلبي يحبك على انك شيء اكبر من الحب ومعناه.
أنا انطلقت أليك لأني اكره أن أحب ارضي من دون حبي لفتاه ,ولأنك تشبهين نبضات قلبي عن دون الفتيات كلهم
فكيف برأيك سيكون منظر الأرض من دون السماء أو الماء.
فالإنسان الذي لا يتعلق بامراه, فهو إنسان لا يستطيع أن يحب الأرض ويعشقها ليسجل لها خلودها وبقاءها على مرور الزمان وحوادثه.
هل أنت غسان حقا أراك قد تغيرت كثيرا أنت لم تحب أي فتاه من قبل عبر هذه السنين كلها
وبكلامك هذا تحيرني فأنت تجسد أمامي ألان صورة لعاشق نادر الوجود.
نعم تغيرت
لان نافذة بيتي كانت مغلقه وباب بيتي أيضا كذلك باب قلبي,
وباب التراب كذلك كان مغلقا,
ولا احد يملك مفاتيح كل هذه النوافذ والأبواب إلا القلوب التي تألمت وما زالت.
فهذا أول استيقاظ لي منذ عشرة سنوات يحصل لي ويؤثر بي لأنه مختلف عن كل استيقاظ
به وجدت مصباحا قد نما في ثنايا جسدي كنجم معلق في السماء
وجدته يدفعني نحو العظمة والسكون لأكسر كل جبروت الدنيا بواسطة قوته ألمغريه هكذا التصقت مع هذا الجسد والأرض ما زالت إلى ألان تورث هذا المصباح...........