الشلل الدماغي لم يثن ..((محمودعاطف )) عن اجتياز الفصل الأول من الثانوية العامة الأردنية
هديل غبّون
عمان - وسط ضجيج المشهد العام الذي رافق إعلان نتائج الثانوية العامة (التوجيهي)، يواصل الطالب محمود عاطف الخضور بابتسامة صامتة صافية لا تفارق محياه، دراسته في المرحلة الثانوية، بعد أن اجتاز الفصل الدراسي الأول للعام الحالي بنجاح لافت، عجز عنه كثيرون من أقرانه.
اجتياز الخضور لامتحان "التوجيهي" في الفرع العلمي لم يكن عاديا، ليس لإصابته فقط بشلل دماغي تقلصي، ترافق مع إعاقة حركية ونطقية منذ ميلاده، بل لإصراره ووالديه على التحاقه بمدارس عادية من غير المخصصة لذوي الإعاقة، ضمن مراحل الدراسة المختلفة.
وفي الوقت الذي يتمتع فيه الخضور بقدرات ذهنية طبيعية، بحسب التقارير الطبية، لم يثنه شلل أطرافه بالكامل وانعدام النطق لديه عن المضي قدما في الدراسة، رغم صعوبة انتقاله من المدرسة وإليها طيلة الأعوام الماضية إلا محمولا بمساعدة والديه وعلى الكرسي المتحرك.
وبينما استقبل الخضور وعائلته وأساتذته في مدرسة ذوقان الهنداوي الثانوية نتيجته بمعدل 68% ببهجة عارمة، لم تتجاوز وسائل الإفصاح لديه عما يجول في خاطره، عن إيماءة سريعة، أو كتابة نصية على الورق.
وبلغة التواصل البسيطة تلك، استطاع الخضور الاستفسار عن المنهاج الدراسي داخل الغرفة الصفية خلال العام، كما راعت إدارة المدرسة التابعة لمديرية تربية عمان الثانية توفير غرفة صفية في الطابق الأرضي لتسهيل تنقلاته، إضافة الى التسهيلات البيئية على مستوى المرافق الصحية والممرات.
ويقول والد الخضور لـ"الغد" إنه حرص على إلحاق ابنه بمدارس التعليم "العادية" منذ صغره، معللا ذلك بإصرار عائلته على "دمج ابنه بالمجتمع الخارجي"، كونه يتمتع بقدرات ذهنية واستيعابية طبيعية". وأشار إلى أن حداثة بناء مدرسته وتوافر التسهيلات الحالية، واستعداد الإدارة لاستقبال محمود، شجعه على إلحاقه بها.
بدوره، أكد معلم الثقافة العامة في مدرسته راضي الخفش، على قدرات الخضور الاستيعابية الجيدة، لافتا إلى أنه غالبا ما يلجأ إلى الكتابة على دفتره عند الحاجة إلى سؤال، كما أنه طلب من معلميه "عدم التمييز" في معاملته، باعتبار أنه من أصحاب الإعاقات.
وحاجة الخضور إلى وقت إضافي في كتابة الإجابات رغم أناقة خطه، كانت العائق الأبرز أمامه قبيل تقديم امتحان "التوجيهي"، ما دعا والده إلى مخاطبة وزارة التربية عدة مرات لحصول ابنه على وقت إضافي عند تقديم الامتحانات، وذلك بخلاف المتعارف عليه بين طلبة الشلل الدماغي الذين تزودهم الوزارة بكاتب خاص للامتحان.
ويضيف والد الخضور أن "موافقة الوزارة صدرت بعد محاولات عديدة، كان آخرها مخاطبة المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، قبل أسبوع واحد فقط من موعد الامتحانات العامة".
في السياق ذاته، دعا معلمو الخضور الذين التقتهم "الغد" في مدرسته، الوزارة إلى منحه وقتا إضافيا للامتحان يزيد على نصف ساعة، لاعتبارات تتعلق بإصابته بالإرهاق أثناء كتابة الإجابات "لضعف أعصاب يده"، وحاجته إلى أكثر من ضعف الوقت الذي يحتاجه الطالب العادي، "ليحظى أيضا بمقعد جامعي لدراسة تخصص الحاسوب"، بحسب والده.
من جهة ثانية، أكد مدير مراكز الميدان في جمعية مؤسسة العناية بالشلل الدماغي الدكتور محمود حماد، على صعوبة مواصلة المصابين بالشلل الدماغي دراستهم الأكاديمية لأسباب تتعلق بدرجة الإعاقة، بحيث يعاني 50% منهم إعاقات عقلية، إضافة إلى غياب وضعف التسهيلات البيئية لهم.
وبين حماد أن مرض الشلل الدماغي الذي يصيب المراكز المسؤولة عن الحركة في الدماغ، وتتسبب بشلل كلي للمصاب به، قد لا يؤثر في الـ50% من الحالات المتبقية منهم على قدراتهم العقلية، مشيرا إلى أن الجمعية تسجل سنويا حالة إلى حالتين من طلبة الثانوية العامة فقط.
وفيما افتتحت الجمعية مدرستها الخاصة بالشلل الدماغي حتى الصف العاشر، شدد حماد على ضرورة رفع مستوى التوجه لدمج ذوي الإعاقة في المدارس العادية وغيرها من المؤسسات التعليمية والمجتمعية.
وبلغ عدد المتقدمين لامتحان "التوجيهي" من ذوي الإعاقة للدورة الشتوية الحالية 175 طالبا وطالبة، تنوعت إعاقاتهم بين ضعاف البصر والمكفوفين والصم، إضافة إلى ذوي الإعاقة الحركية.
************************************************** **********
نقلا عن: شبكة وإذاعة و منديات بلسم الإنشادية