المتهم البريء و القاضي
ما إن أطل محياه الغضبان حتى نهض جميع الحضور عدا المتهم الأول الذي لعله ارتبك من هيبة القاضي فربما لم تعد قدماه تساعداه على الوقوف من شدة رهبته ،
أو عسى أن يكون لعدم وقوفه سبب آخر كعدم احترامه له شخصياً وهو السبب الأرجح .
- : محكمة !
فتح القاضي ملفاته ليبدأ توزيع أحكام اليوم على المتهمين مثل عادته عابثاً غير آبه بأحد من حوله فهو ممثل السلطات العليا،
لكي يعود إلى أهله بعد انتهاء دوامه مسروراً يتمطى حاملاً معه محفظتة التي تزخر بحصاد اليوم مقابل الأحكام التي سيتلوها دون تأخير ،
- : المتهم الأول
نهض الرجل ووقف قبالة القاضي بهدوء وصارا يتراشقان الحوار بصمت من خلال نظراتهما لعدة لحظات حتى صوّب القاضي نظره للأوراق التي أمامه قائلاً :
- هل ستعترف بسرعة كيف قمت بعملية السرقة قبل أن ألقي الحكم عليك حسب ما تطأمن له ضميري ؟
- والله العظيم أنا بريء يا حضرة القاضي ولا يوجد دليل واحد لإدانتي يجعلك تحكم عليّ ! وأتبع في نفسه " تطأمن ضميرك ! "
- حسناً لا تحزن من شدة الحكم ستصير عبرة لمن يعتبر.
- :
" عبرة !! يبدو أنه قاض فصيح الظلم !حسبي الله ونعم الوكيل" قالها في قلبه.
- حكمت المحكمة بمعاقبة المُتْ.....مُتَّ.....ه مممم ...
وانكبَّ على وجهه بغتةً وعمّ الضجيج قاعة المحكمة وتداخلت أصوات الحضور وتراكض الحراس و شخصت أبصار معاونيه !
: - لاحول ولا قوة إلا بالله إنّا لله و إنا إليه راجعون ! يرجى الهدوء !
: - تؤجل جلسات اليوم حتى إشعار آخر .
وقف المتهم المظلوم مذهولاً بينما كان يقرأ الفاتحة على روح المرحوم.
تَمّتْ