السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحييك كثيرا ايها المفكر الكبير ..تأخرن كثيرا عن ابدأ رأيي لقلة معرفتي في هذا الشأن اقصد به النقد العربي
لذا بدأت برحلة مع الجمع لمقالات كتبت في هذا الشأن وقرأتها فننقل وبالله المستعان ..
أولا ..
التحلل والتغريب في ا لأدب العربي الحديث
ما أكثر الفنون القـولية (القصائد، والقصص، والمسرحيات، والمقالات) التي تنشر الفساد في الأرض عن طريق التغريب الاجتماعي والتحلل الأخلاقي والإثارة الجنسية، أو تمجيد الشاذين والمنحرفين بتقديم أعمال أدبية عنهم، وتجعلهم قدوات غير صالحة!
الولع بتقديم الشاذين والشاذات
في قصص بعض كتابنا المعاصرين نرى ولعهم بتقديم الشاذ وغير العادي، ونرى ازدراء عالَم الأسوياء من ذوي العقل والاتزان، ونرى محاولتهم الترويج لقصص تتناول الشذوذ في كل شيء على مبدأ الصحفيين القائل: أن يعضَّ كلبٌ إنساناً ليس خبراً؛ ولكن الخبر أن يعضَّ الإنسانُ الكلبَ.
ومن ثم تكون خطورة هذه الأعمال التي يُقبل عليها شبان في مقتبل العمر؛ فتكون النافذةَ التي يُطلون منها على العالم الأدبي، وما أرخصه من عالم، هذا الذي تُصوره أمثال هذه القصص المريضة الشاذة، ويتصوّرون أن الكتابة الحقيقية تكون هكذا!
ولن أُناقش مضامين هذه الأعمال مهما ادّعى أصحابها أنها قصص وروايات عالية جديرة بالقراءة والتأمل؛ إذ إن الوسيلة (اللغة، والأسلوب، وطريقة عرض المضمون) لا بد أن تكون شريفة لتصل بنا إلى الغاية المرجوة، أو التأثير المطلوب.
وفي قصة (انتحار صاحب الشقة) للروائي الراحل إحسان عبد القدوس التي وقف أمامها الدكتور محمد مصطفى هدارة، حيث ردّ على الدعوى التي يُريد إحسان من خلال جزء من القصة أن يُمررها ويؤكّدها وهي أن الريف مورد البغايا والمنحرفات. يقول الدكتور هدارة:
«إن إحسان هنا يُبرر فقره الثقافي الشديد في معرفة التحليل النفسي، وفي معرفة الأصول والعادات السائدة في مجتمعنا المصري. إن الفلاّحة التي يستقدمها السادة للخدمة في البيوت لا تبيع عرضها بهذه السهولة المطلقة التي يصورها إحسان عبد القدوس وكأنها أَمَة في سوق الرقيق، فلها أسرة يُضحي أفرادها بحياتهم في سبيل العرض. هذا ما نعرفه عن ريفنا الذي عشنا فيه وعرفنا قيمه وخبرنا عاداته، أما فلاحات إحسان... فهن لا ينتمين قط للريف المصري، ولا علاقة لهن بالمجتمع الذي يتحدث عنه إحسان إلا إذا كان مجتمعاً منحلاً لا مكان للدين فيه».
ولا يهمنا هنا أن تتفق القصص مع المجتمع وعاداته وتقاليده، فقد تكون العادات والتقاليد سيئة وغير إسلامية، ويرفضها المجتمع، ولكن ما نرجوه أن يكون الفن هادفاً داعياً إلى تثبيت التصور الديني لا هدمه، وغير مكرس لنشر الفساد في الأرض.
عمارة يعقوبيان وتسويق الشذوذ
قد يكتب الكاتب بلغة فجة مباشرة بعيدة عن الفن، وهو واثق أن كتابه سيجد الرواج؛ لأنه يتناول فئة من الشاذين والمنحرفين.
انظــر إلى هذه الفقرة عن نادٍ للشواذ في مصر المحروسة (!!) كما يصوره علاء الأسواني في رواية (عمارة يعقوبيان) التي لقيت حفاوة من الصحف الأدبية والسينما: «صاحب البار اسمه عزيز، وشهرته (الإنجليزي)، وهو مصاب بالشذوذ، ويقولون إنه رافق الخواجة اليوناني العجوز الذي كان يملك البار فأحبه ووهبه البار قبل وفاته، ويشيعون أيضاً أنه ينظم حفلات ماجنة يقدم فيها الشواذ إلى السياح العرب، وأن دعارة الشواذ تدر عليه أرباحاً طائلة يدفع منها رشاوى جعلته في مأمن تام من المضايقات الأمنية» (ص52). إنها عبارة تخلو من أي فن، ويقدمها في تقريرية فجة وسطحية لافتة!
وتشيع في الإبداع العربي المُعاصر نقيصة بغيضة هي تزيين الرذيلة، تستوي في ذلك الرواية و القصة القصيره والمسرحية والقصيدة الشعرية!
فالأم ـ في رواية (عمارة يعقوبيان) تطلب من ابنتها ممارسة العمل مهما لاقت من تحرشات جنسية: «إخوتك في حاجة إلى كل قرش من عملك. والبنت الشاطرة تُحافظ على نفسها وشغلها»! (ص62).
ونتوقف أمام تزيين رذيلتي الزنا واللواط في بعض الأعمال الإبداعية التي يعتقد أصحابها أنهم يقدمون من خلالها صوراً جديدة للإبداع الأدبي!
فها هي (ناني الأرستقراطية) في رواية السيد إبراهيم (أيام في الوحل) تتحدث عن تجربتها في البغاء ـ بكل فخر! في عصر الانفتاح:
«الأمر ليس مأساة.. أنا اخترتُ حياتي بنفسي، لم أكن ضحية لأحد، أمي هجرتني وتزوّجت، وأبي هجر أمي وتزوّج هو الآخر. وعشتُ أنا مدلّلةً في بيت الجدة. افترسني السائق برضاي وأنا في عمر الزهور وأصبحت عادة، وكنتُ أختارُ الضحايا، ثم لم أعد أقنع بالقليل فتركتُ المنزل وعشتُ حرة أتجوّل في الفنادق والشقق المفروشة، أختار زبائني بعناية. والبلد مليانة من كل صنف ولون، ونسميها بالليالي السياحية، أقصد الليالي الحمراء، وكله سياحة في سياحة! بلدنا انفتح على الدنيا كلها، ونحن مثله انفتحنا على كل الأجناس والألوان. الشقق المفروشة سهّلت لنا الأمور؛ هي أوكار اللذة، تأتي بالعملة السهلة، أقصد العملة الصعبة، وأنا واحدة ممن يُساندون اقتصاد البلد.. مورد سياحي متجدد».
فهاهو الكاتب الفاضل يسوق على لسان هذه البغي:
ـ أن الزنا ليس مأساة.
ـ أنها هي التي اختارت الرذيلة، ولم تكن ضحية لأحد.
ـ أنها هي التي تختار من تُريد أن تُمارس الرذيلة معهم.
ـ أنها حرة؛ وتفهم الحرية على أنها مُمارسة الرذيلة بدون زاجر ولا رادع في الشقق المفروشة والفنادق.
ـ البلد مليئة من كل صنف ولون، كمــا تقــول (نانــــي) أو يقول (المؤلف) على لسانها.
ـ أنها تُساعد البلد في السياحة بارتكابها هذه الرذيلة، وتجلب له العملة الصعبة.
أليــس لهذا الأدب خطـــر على الناشئة وعلـى دينهم؟ ألا يصور بلداً إسلامياً (وهو مصر) وكأنه قد امتلأ بالرذيلة والفجور؟ والأدهى والأمرّ أن الرواية تصور هذا العهر وكأنه البديل للزواج!
«أنت خايبة يا (لواحظ)؛ زواج إيه وزِفت إيه؟! أنت حرة أحسن تكسبي كتير.. عندنا الأمريكي والأفريقي، وحتى الصنف الياباني موجود. إحنا يا بنت الحلال نعيش الانفتاح الحقيقي. بلدنا بلد سياحي، ويوظف كل شيء من أجل السياحة. والبلد تطور القوانين والعادات والتقاليد لتمشي مع العصر السياحي.. مهنتنا أصبحت كنزاً تدر ذهباً.. بلاش حكاية الجواز دي!».
وتمتلئ الرواية بتصوير نماذج من هذا الفجور، وإن زعمت أنها تنتقده في سطور لاهثة سريعة، وفقرات مبتورة خارجة عن السياق.
موسى صبري القبطي وتزيين الرذيلة
يقوم تزيين الرذيلة من خلال مقالة أدبية أو تحقيق صحفي، فتكون الدعوة إلى الفجور أشدَّ وطأة على المتلقي، مثل تلك المقالة التي كتبها موسى صبري في صحيفة (أخبار اليوم)، ونقلها عنه سيد قطب في كتاب (الإسلام ومُشكلات الحضارة)، والمقال طويل، نكتفي بإشارات منه:
«قال لي أستاذ جامعي سويدي: إننا نعلِّم أبناءنا وبناتنا في المدارس الثانوية، وفي سن مبكرة، كل شيء عن الجنس واضحاً صريحاً. ليس لدينا مشكلة جنس. إن المتعة الجنسية كمتعة الطعام اللذيذ ومتعة الملابس الأنيقة. والعلاقات الجنسية بين الرجال والنساء قبل الزواج هي شيء طبيعي وعادي، وما يُباح للشاب يجب أن يُتاح للفتاة».
إن الكاتب الذي يصف السويد في مقاله بأنها (أرقى بلد في العالم)، يريد أن يُزيِّن لنا الرذيلة باسم (حرية الحب)! وهذا تعبيره؛ بل يُزيِّن لنا رذيلة أخرى هي الكفر!
يقول: «وإذا كانت حرية الحب مكفولة في السويد فهناك حرية أخرى يتمتع بها أهل السويد؛ إنها حرية عدم الإيمان».
إنه يصــف غير المؤمنين بأنهـــم يُمارسون حـــريتهـــم! و (يتمتعون!) وكأن عدم الإيمان متعة! ولكن يأبى الله إلا أن يسوق الحقيقة على لسان الكاتب نفسه، فيقول بعد سطور:
«إن عُشر الذين يصِلون إلى سن البلوغ في السويد يتعرّضون لاضطرابات عقلية تُلازم أمراضهم الجسدية».
إن الزنا كبيرة من الكبائر، وقد قال الله في حقه: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء:٢٣]، والنهي بعدم القرب أبلغ في التحريم، والإسلام حين نهى عن جريمة الزنـا لم يقصـد التحكم والحدَّ من الحرية، كلَّا! بــل لأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قرّر من الأحكام ما يجعلنا ومجتمعنا نشعر بالحياة العزيزة والعفيفة إن سلكنا الطريق التي رسمها لنا أمراً ونهياً، غير أن الإنسان بطبيعته ميّال إلى إرضاء شهواته دون مراعاة للنتائج.
إن من نتائج الزنا: اختلاط الأنساب، وكفى به هادمًا لأساس المجتمع! ومن أمراضه: الزهري، والسيلان، ونقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، وهذا الأخير أخذ يعصف بالمنحرفين والشواذ في الأعوام الأخيرة.
مفردات الرذيلة في شعر الحداثة
تشيع مفردات الرذيلة في شعر الحداثيين، فها هو سميح القاسم يقول:
كلام ساقط لم ادرجه
ويقول أدونيس:
....................
كلام ساقط جدا لم ادرجه
وفي التغريب يشِيع في الشعر العربي استعمال مفردات لا تليق مع الله جل وعلا. يقول محمد الماغوط في نهاية إحدى قصائده:
«إنني أعد ملفاً ضخماً
عن العذاب البشري
لأرفعه إلى الله
فور توقيعه بشفاه الجياع
وأهداب المنتظرين
ولكن يا أيها التعساء في كل مكان
جُلُّ ما أخشاه
أن يكون الله أميّا»!
ويمـتد التحلل الأخلاقي والتغريب ليدل على فساد الرؤية/ فساد الصورة عند بعض المبدعين، فنجد بعضهم يتحدث عـن الله ـ تبـارك وتعالى ـ كأنـه يتعـامل مـع رمز ـ ولا أقول مع وثن ـ تعالى الله عمّا يقولون علواً كبيراً.
فعبد الوهاب البياتي في ديوانه (كلمات لا تموت) يقول:
«اللهُ في مدينتي يبيعهُ اليهودْ
اللهُ في مدينتي مُشرَّدٌ طريدْ!
أرادهُ الغزاةُ أن يكونْ
لهمْ أجيراً شاعراً قوادْ
يخدعُ في قيثارِهِ المُذهَّبِ العبادْ
لكنَّهُ أُصيبَ بالجنونْ!
لأنَّهُ أرادَ أنْ يصونْ
زنابقَ الحقولِ منْ جرادِهمْ
أرادَ أنْ يكونْ»!
أي إله هذا الذي يُباعُ والذي يعيش مشرداً طريداً، والذي يريد منه أعداؤه أن يتحوّل إلى أجير، وإلى شاعر، وإلى قواد؟! هل يتساوى هؤلاء الثلاثة عند البياتي والذي يُصاب بالجنون أخيراً؛ لأنه حاول أن يكونَ ذاتهُ (أي يكون إلهاً بحق!).
إنه لم يصور الله كما صور لينين:
«... أقوال لينين
وهي تُلهمُ الأجيالْ
وتصنعُ الرجالْ
ألمحُها في وطني تُزلزلُ الجبالْ
يا إخوتي العمال!».
والتحلل الأخلاقي والتغريب الاجتماعي مظهران من مظاهر السقوط في الأدب العربي الحديث، ولا تكفي المواعظ فيه لتطرده أو تبعده عن الساحة، أو تنقي الساحة منه. وإنما المطلوب من الأدباء المنتمين لهذه الأمة أن يقدموا نماذج عالية من الأدب الراقي الذي لا يسف حتى ينتصر الطيب الجيد على الخبيث المرذول، وما ذلك على أدباء الأمة بعزيز!
المراجع:
1 ـ الأدب الإسلامي بين النظرية والتطبيق، للدكتور صابر عبد الدايم، ط2، دار الشروق، القاهرة 1422هـ ـ 2002م.
2 ـ أيام في الوحل (يوميات شقة مفروشة)، للسيد إبراهيم، دار السندباد المصري، القاهرة 1991م
3 ـ الحداثة العربية: حقيقتها ومرجعيتها، د. وليد قصاب، جمعية حماية اللغة العربية، الشارقة، الإمارات العربية المتحدة 1246 ـ 2005م.
4 ـ خطاب الحداثة في الأدب: الأصول والمرجعية، د. وليد شحيد ود. وليد قصاب، دار الفكر، دمشق 2005م.
5 ـ عمارة يعقوبيان، علاء الأسواني، ط7، مكتبة مدبولي، القاهرة 2005م.
6 ـ القرآن ونظرية الفن، د. حسين علي محمد، ط2، مطبعة أبناء وهبة حسان، القاهرة 1992م.
مجلة البيان عدد246 / فبراير 2008
هذه امثلة على الانحدار والتغريب في الادب العربي
اعود بكم الى مقالة الاسباب لهذه الغربنة في الادب العربي
اشتدت الهجمة التغريبية في النصف الاول من القرن العشرين من خلال التخطيط لغزو الادب العربي والدراسات الادبية الجديدة وكان مذهب النقد الغربي الوافد قد اولى اهتمام كبير بالادب الاغريقي الهيليني او اليوناني، وكان ذلك عملاً محسوباً في مخططات تغريب الادب العربي وفصله عن جذوره الأصيلة وادخال مفاهيم غربية اليه، ولما كانت غزوة الادب الاوروبي الغربي الحديث هي العمل الاساس فقد كانت غزوة الادب الاغريقي عملاً مكملاً وعنصراً اخراً يزيد من مسافة التباعد عن اصول الادب العربي نفسها، من هنا ركز التغريبيون على هذا الادب تركيزاً شديداً وتخصص فيه كبيرهم وحامل لواءه والداعي اليه باصرار وموالاة دون توقف طه حسين ثم ظهر عدد كبير من الدعاة في بيروت ومصر وفي مقدمتهم صفر خفاجة واسماعيل مظهر ولطفي السيد وسلامه موسى وتوفيق الحكيم ولويس عوض وغنيمة هلال والدكتور غلاب اخيراً، وغفل عن الخطر كتاب آخرون اشادوا بأفلاطون وارسطو دون ان يفقهوا ما يرددونه ولم يعرفوا ابعاد القضية اساساً فيما يتعلق بإتصال الفكر الاسلامي والثقافة العربية بالفكر اليوناني.
لقد حاول هؤلاء الدعاة ان يتخذوا من قضية الفكر اليوناني مع الفكر الاسلامي القديم حجة لهم ووسيلة الى تبرير اعمالهم في اغراق الادب العربي المعاصر بالآثار اليونانية ولكنهم عرضوا هذه القضية على غير حقيقتها واتخذوا من مظهرها الخارجي اداة اقناع في حين يرى المتعمق في الامر ان فكر المسلمين لم يتقبل الفكر اليوناني وان استخدم بعض جوانبه الصالحة بيد انه رفض وثنياته ورفض ايضاً سيطرته، اما الادب اليوناني فإن العرب والمسلمين لم يتقبلوه اساساً ويبدو هذا واضحاً في انهم لم يترجموا الشعر اليوناني اما مناهج النقد والشعر والبيان فإنها لم تجد لها طريقاً فأنحصرت وماتت غير مأسوف عليها، وقد استقبل فكر المسلمين الترجمة اليونانية اول الامر دعوة منه ورغبة في سبق الاتصال بالفكر البشري كله وقد استقبلها وهو في أوج قوته وبعد ان تكاملت قيّمه ومقوّماته وحين استقبلها وهو في ذروة قوّته وبعد ان نقدها ليتقبل منها إلا ما وجده متفقاً مع اصوله واهمها التوحيد والنبوة والعدل والحق والحرية فلما حاولت هذه الترجمات واقبست في علوم الكلام والفلسفة التدخل في العقائد استطاع الفكر الاسلامي ان يناهضها ويشكل نفسه من جديد وفق قيمه واصوله وبهذا نجا مما وقعت فيه اليهودية والمسيحية حين سيطر عليها الفكر اليوناني وقد ارتفع به في بعض المراحل لكنه لم ينصهر فيه او يغرق في بئره او ينحرف عن اي المضامين الاصيلة تحت تأثيره او يتقبل منه قيمة واحدة يضيفها الى اصولة التي استمدها في الاساس من القرآن الكريم والتي كانت قد تكاملت منذ عصر النبي (صلى الله عليه وآله).
من هنا حرص النفوذ الاجنبي والتغريب والغزو الثقافي على ان يركز على ترجمه الادب الاغريقي واغراق الادب العربي فيه خلال فترة من فترات الضعف وفي ظل نفوذ استعماري قادر على فرض ما يشاء وقد وضح هذا في اوائل القرن حين ظهرت ترجمة الايلياة والاوديسة عام 1913 التي قام بترجمتهما سليمان البستاني وفي حينها كتب السيد رضا يقول الان عرفنا موقف العرب من الشعر اليوناني ولماذا نبذوه ولم يترجموه ولم يأخذوا من معاينه فلما اطلعنا على الايلياذة وهي اعلى شعر الاغريق ومفخرة تاريخية حكمنا بأن اجدادنا لم ينبذوا شعر اليونان وراء ظهورهم إلا لأنهم وجوده دون الشعر العربي في حكمه وسائر معانيه وانه مع ذلك محشو بالخرافات الوثنية التي طهر الله تعالى عقولهم وفحيلاتهم منها بالاسلام.
وقد حمل طه حسين لواء ترجمة الأدب الاغريقي والتعريف به على اكثر من اتجاه وكان قد عاد من فرنسا حين اختير استاذاً للجامعة المصرية* لتدريس التاريخ اليوناني والروماني منذ عام 20 حتى عام 26 حيث تحول الى الجامعة المصرية لتدريس الادب العربي القديم، اما في الفترة الاولى فقد عني بترجمة ما اسماه صحفاً مختارة من الشعر التمثيلي عن اليونان وكتب تلك الفصول التي اطلق عليها قادة الفكر والتي طبعت من بعد وقررت على طلبة المدارس الثانوية وقد ضم التراجم بعض فلاسفة اليونان امثال ارسطو وافلاطون وسقراط، وكلمة قادة الفكر من العبارات الغامضة الماكرة التي اريد بها أن يقال إنّ هؤلاء القادة انما هم قادة الفكر البشري كله وفي هذا كما ترى توجيه خطير لشباب الأمّة يلقي في اذهانهم ان ارسطو وافلاطون وسقراط هم قادة الفكر دون ان يعرف انهم قادة الفكر اليوناني وحده وان الفكر الاسلامي له قادته الكبار الذين استمدوا منهجهم من الاسلام والقرآن ومن النفس الاسلامية والمزاج الاجتماعي الخاص بهذه الأمّة، هذا ما عدا اهل العصمة النبي واهل بيته (عليهم السلام) الذين هم الناطقون عن الحق والقادة للخلق، ولا ريب ان بيننا وبين قادة الفكر اليوناني فوارق كثيرة وخلافات واسعة اهمها الوثنية والعبودية التي اقرها افلاطون في جمهوريته وتابعه عليها ارسطو وقامت عليها الحضارتان اليونانية والرومانية.
ولما ترك طه حسين تدريس التاريخ اليوناني الى تدريس الادب العربي القديم لم يترك دعوته الى اعلاء آداب اليونان ومذاهبهم بل حمل معه هذه المعاني الى الادب نفسه فزعم سبق الأدب اليوناني وتأثيره في الأدب العربي وفي كل الآداب ثم كان له من النفوذ الذي يهيئه له الغرب ما أتاح له أن يفرض اللغتين اليونانية واللاتينية على الدارسين في كلية الآداب بل استطاع طه حسين ان يفرض أدب اليونان على مناهج المدارس الثانوية *حين تولى منصب المستشار الفني في الوزارة وغير هذه المناهج بحيث اهمل الخطابة عند العرب واختصر فصولها بينما انتقل مباشرة الى الخطابة اليونانية فوسعها وافاض عليها ومجّد خطباء اليونان القديمة واستوعب النموذج المختلفة والواسعة من كلامهم، وقد سجل الباحثون هذا الانحراف في وقته وكشفوا عن هدف طه حسين الذي تعمد تغريب الادب العربي ونقله عن مقوماته وقيمه وفرض ذوق غريب عليه وكان هذا الهدف ابعاد النفوس عن مجد اللغة العربية وسمواد بها بحرمان الناشئين من معرفة الوسائل المؤدية الى هذا السمو وهذا المجد، وهذه الوسائل هي وسائل فهم القرآن وفهم الدين وانه بقدر ما يكون بعد المسلمين عن لغتهم واديهم يكون بعدهم عن فهم الدين والقرآن.
وهذه المقالة هي اللب فيها ما قلته استاذنا المفكر وما رميت له
أما قضية الاستعمار
او الاحتلال وقضية المستشرقون جاءت على ألوان عدة وضخمة وقد كانت بين مد وجزر ولم تنتهي قط من بعد رسالة الرسول عليه افضل الصلوات والتسليم الى هرقل الروم
من هنا بدأت الضغينة لكون ارسول الذي خرج على العالمين عربيا
ووبعدها ظهرت الاطماع الامادية وحلاوة الشرق كانت في جميع الميادين لذا فعين اوربا لم تحول عنه ابدا
قد نعود مجدا الى هذا الموضوع المترامي الاظراف والذي ينبع من قلب اسلامي مخلص يحب امته وفقك الله دوما الى ما يحبه ويرضاه