دندنة غريبــــــــة
رمقتني بنظرات متسائلة عندما رددت بفرح وثقة بالله آمين آمين معقبة على دعاء بأن يرزقني الله بالزوج الصالح ..
هذه التي عاتبتني نظراتها لم تكن تنظر إلي على أنني مثلها في الحقوق والواجبات كانت تتأمل وتتفحص جسدي كأنها لأول مرة تراني وقد جاهدت نفسها أن تظهر لي الشفقة والعطف عندما غمغمت :
آمين وليس مستحيلا على الله أن يحقق لك ما تتمني ولو أنه صعب.
تعاليت على الألم وابتسمت قائلة : ثقتي بالله أكبر من أن تُقهر
تسلل الصمتيحمل بين طياته الكثير من المواقف التي علمتني أن أبحث عن سبل الخلاص من العجز , ما أجهلنا إذ نقيس بعضنا البعض بمظاهر وصور , ثم نكل تحقيق الآمال إلى جهدنا وقدراتنا المحدودة , كانت كلمة آمين كفيلة بأن تكشف لي الكثير من الأشياء كانت مغيبة عني , أشعر بالغربة ! ومثلي يعاني منها ومن التهميش وكم نحتاج أن نعيد صياغة هذا المجتمع الذي كان من المفروض أن يكون مثلا يحتذى به في التعامل مع من ابتلي بالإعاقة , غصة في حلقي أكرهتني على الإبتسام بصعوبة في وجوه الآخرين وأنا أستعرض مقطع رأيته بالنت استغربته كثيرا وأعجبني حد الثمالة , عنوانه لا لليأس والإحباط , مضمونه من حق كل إنسان أن يكون سعيدا , غايته علينا جميعا أن نعين من كسر جناحه كي نحلق عاليا .أبطاله ليسوا من جلدتنا ولا يتحدثون بلغتنا لكن صوتهم اخترق سمعي وبصري بصوره الإيجابية وأهدافه الجميلة وإن كانت قصيرة المدى ...لا يرجو أصحابها ثوابا من الله ولا جزاء ولا شكورا..
ثم فكرت مليا لماذا نحن المسلمين تعلوا وجوهنا السلبية كلما رأينا مبتلى فكأننا نقول له صبرا الموت قادم .!!
أمامي رسمت لوحة متعددة الألوان والأشكال لم تكن سوداء ولكن فيها شيء يؤلمني ويحزنني فيها علامات قف كثيرا وفيها منعطفات وقاعات انتظار ونظرات فيها تساؤل وعطف وشفقة وبصيص أمل يشع بعيدا ...
لو أعطيتكِ مجالا أن تتجولي في مدني الزاهرة بالحب والأمل , لأدركت أن هذه الإعاقة أعطتني الكثير , جعلتني أقدر الحياة وأوقن أن نعمة الصحة لا تقدر بثمن , وكلما أظلم الطريق أمامي استنار الأمل بإيماني ..
كم أشتاق يا أخية أن أتحدى هذه الصعاب ثم أحظى بحياة نقية بهية ....
هل الإبتلاء إلا هذا الإحساس الحارق بالحرمان فإذا اختفى ماذا يكون الإبتلاء إلا صورة ؟؟
وماهو إلا أمنيات تتغلغل مع مسام الروح ثم تقهر بالقيد المادي القصير اللحظات , فإذا قهرناه بالغاية التي وجدنا من أجلها تقهقر إلى الخلف معلنا الإستسلام والهزيمة .
غير أنني أيتها المستنكرة لحالي , إنسان ينبض بداخله قلب محب وحنون فيه تنبت مشاعر عذبة وتكبر أمنيات بحجم الكون ..
وعندما يصدح الحب بداخله يغرد بصوت هامس : اللهم اجعله حبا يوصلني إلى الخير ويفتح لي طريقا للجنان .
ولكم تلظى القلب بالعذاب والهوان في متاهات كان يظن أنها توصل إلى السعادة , ثم عاد بفضل الله إلى النور , لو تعلمين يا رفيقة كم أشفقت على نفسي وخفت عليها أن تهلك حسرات أن لا ينبض لي خافقه غير أنني تمنيت له السعادة , ولماذا لا نتمنى لبعضنا البعض السعادة وكلنا روح محلقة في فضاء الله تنشد السلام والحب والآمان !!
لربما أسعد إذا ما علمت أن أحدا من المسلمين إبتسم فرحا سعيدا بتحقيق أمل ما ...
ولو تعلمين يا آهات صبري كيف أقهر هذا العجز إذا ما استبد بي النوى وأهداني السهر وأعطاني ورودا نبتت وطالت بتلاتها ثم شكى أن تموت عطشا وهمس : ارويها دمعا غزيرا إذا الليل طال , و أقلقك ظلامه فتحركت الأشجان تعدو وراء طيف تولى ...
لا يجف عود سقاه الندى في صباحات الذكر والتسبيح , لا يموت عطشا وسقياه دموعي ورجائي ودعائي .. أوَ يخلو قلب موحد من الحب ؟ والحب حياته ونجواه . أمله الذي يعيش من أجله وحلمه الذي يحيا به ...فالإبتلاء يا أخية يعلمنا ما معنى أن تكون إنسانا , ينتزع الأنانية من الذات ويجعلنا نحتقر هذه الدنيا الدنية , فنعطي ونعطي وأكثرما نعطي هذا الحب النقي , ونطلب فقط حقنا بأن نسير معا في رحلة بدايتها هنا ونهايتها هناك في جنات عدن 0ظلالنا ترتسم فتوحد الوجهة والهدف لا إقصاء ولا تهميش .. كلنا سائرون إلى الله ...
حسنية تدركيت
يوم 4/12/2009