قد أورثني غبار كفّ....
و سلبتُه التّجلّي حين المطر....
لا أعلم كيف أفتحهما كفيّ مثقلين بوجهي الـ يملأهما حدّ التّقمّص... فأبحث عنّي في خطوط الشّيب الذي أتمنى...، ولا أعلم.. كم من الزّمن عليه أن يمرّ كي أمارسني من جديد... و ليس مجرد ظلٍّ غزته القارّات بألوانها مجتمعة، أظنُّ السّوسن يريدنيهِ... و الزّنبق صادَقَ على أسري، و الشّوق يقطن أصيص الأنفاس، فأنبض بصعوبة حمّالٍ لأكياس الشّعير المتكوّمة على باب الجوع، كنتُ ذاته أجمع حبّات القمح المتناثرة على باب الجارة... أرصفها.. و أتأملها جدّا كي أحفظ طعم الشّبع، الآن، استبدلت الرّغيف " المعجون بالحليب " بالقمح، لا زلت أحفظ طريقة خبزها في تنور أمّي... لكن قوى الممارسة خانتني الآن..، فأخشى المساس كي لا أخفق، و لم أكن لأقبل بالإخفاق..
أسمع وقع الخطى تدجّ بالأرض حولي، غاليةٌ هناك أو... غاليتان، بدأ القصف يزور عتباتهم بغيةَ صمت... كما صمتت بابا عمرو، و غالية أخرى، تذكرت ابتسامتها.. جزعها.. و حنقها عليّ حين أشغل بغيرها، فأهمّ بصباحٍ لها عبر هاتف نسيت أني نسيته في المختبر، أو ربما أضعته، لست أذكر أو أدري، فأحسّ الخليل قصيّة حدّ الجزع و إن فصل بيني وبينها بحرٌ ميّت..، و أنا... أكاد لا أكاد، و إن أردت عودة، أتقمّص أدوار الحكاية في ذات الوقت، فتلد لي وجعا في الرأس، و دوارا من أحلامِ الكينونة...
كم عليّ أن أصمت كي لا يغزوني طيف... أيّ طيف... كلّ طيف...، المشكلة أنّي ولدتُ أصرخ... و خبّأت الكلام تحت جلدي إلى أن يحين وقت الكلام... فلم يسمعني أحد... فازددتُ كلاما... فلم يسمعني إلّا قلّة... فازددتُ...، فصرت نهبا لكلّ الطّيوف...
أريد جدّا أن أصمت...
أن تدغدغني أصابعه، أن تلعق آخرَ الأمنياتِ المعلّقة بين طيفي و ظلّ النّهار...فتلد الخاصرةُ وجه القلق... و تنام....
وجه الأرض يشكو القلّة، و أنا..، أتجاهل ككلّ من تجاهل..، أتّخذ لنفسي أعذاري، فأنا أؤسّس جيلا أتمنّى أن يرسخ فيه كره الغشّ، و التّبغ، والتخلّف العنصريّ، و الهمجيّة الأخلاقيّة، و الجهل بكنوز الذّات...
أوَ لستُ أصنع شيئا في حمّى التّجاهل تلك؟؟؟؟؟!!!
أم أنّي أتوهّم أنّي أردُّ للأرض جميل الاحتواء... أو نصف جميل تحمّل خطوي على وجهها... شيئا منه.. ذرّتَهُ...!!
السّاعةُ الآن بتوقيت هاتف أختي السّابعة وستٌ و عشرون دقيقة صباحا... وأنا لا زلت أسكن فراشي أحتضن جهازي وأكتب، أمّي تعدّ الإفطار... إخوتي الصّغار لايزالون نائمين رغم تأخرهم عن المدارس، أجِدُ الجوّ ساكنا رغم الهواء الشّديد خارجا والّذي اقتلع سقف " الزّينكو " من مخزن " العدّة " في أرضنا...
إيـــــــه...
شيء ما يجعلني أعلَقُ حيث أنا أكثر... و قلبي معلّق حيث أنتِ... لا أريد إلا نفح هواكِ كي أتحرر... أهمّ بالصّبح والمرايا العتيقة... فأتمنّى لو لم أحبّ يوما.... وأتمنّى لو لم.....
الرّوح العطشى
19-3-2012