((( زَفْرَةٌ )))
بِقَلم / ربيع السّملالي
كُنْتُ البَارِحَةَ جَالِساً بينَ حُقُولِ أيَّامِي كَالعَادَةِ ، وَقَدْ لَفَّنِي صَمْتٌ رَهِيبٌ ..وابتَلَعَنِي ليلٌ كَلَيْلِ النّابِغَةِ الّذِي هُوَ مُدْرِكُه .. أرَتّبُ بَعْضَ أفْكَارِي الهَارِبةِ ، أَفِرُّ مِنْ وَاقِعِي الصَّارخِ بالتَّنَاقُضَاتِ ، المُضَمّخِ بِأرَائِجِ التّفَاهَةِ .. مُحَاوِلاً اغْتِيَالَ الضّجَرِ الّذي يَجُوبُ أنْحَائِي ...مُستَدْرِجاً فِي سَحْبِ أَنْفَاسِي منْ بِئْرِ الْمَلَلِ الْمُتَأصّلِ فِي أعْمَاقِهَا ، أَذُوبُ ، أتَلاَشَى ، أفْنَى فِي سَرَادِيبِ إِنْسَانِيَتِي الْمُثْقَلَةِ بِالهُمُومِ وَالأحْزَانِ..عَبَثَاً أحَاوِلُ سَبْرَ أغوَارِهَا .. ألْتَمِسُ مَوَاطِنَ الرَّاحَةِ فِيهَا لَكِنْ دُونَ جَدْوَى ، أَنْشُدُ الْهُدُوءَ والسَّكِينَةَ فَأعُودُ خَائِباً ..أَحيَا مُكَبَّلاً دَاخِلَ كيسِ الْعِظَامِ الّذِي يَحْتَوينِي ..وَكِلاَنَا ضاقَ بِصَاحِبِهِ .. جَاعِلاً كَلاَمَ الشَّاعِرِ دَبْرَ أُذُني وهُوَ يُنْشِدُ فِي دَواخِلِي :
إنَّ الشَّبَابَ الّذي مَجْدٌ عَوَاقِبُهُ ...فِيهِ نَلَذُّ ولاَ لَذَّاتِ لِلشّيبِ
أَخْبِِطُ فِي قِفَارِ وِجْدَانِي وَأَتِيهِ فِي بَيْدَاءِ وَعْيِي ، لَعَلّي أَجِدُ الْحَبْلَ الّذِي يَنْتَشِلُنِي مِنْ غَيَابَاتِ تَأمُّلاتِي الْمُضْنية ..أَخْشَى أنْ أكُونَ أخَا جَهَالَةٍ فِي شَقَاوَةٍ يَنْعَمُ ..يَطْغَى عَلَيَّ إِحْسَاسٌ بِالْبُكَاءِ لاَ أَدْرِي مَا سَبَبُهُ ..يَجْثُمُ فَوقَ فُؤَادِي وَحْشٌ مُفْتَرِسٌ لَهُ أَنْيَابٌ كَحَدِّ النّصْلِ لاَ أعْرِفُ لَهُ اسْماً ..فِتَنٌ تَسْتَعْرِضُ عضَلاتِهَا تَكْبُرُ وَتَتَمَطَّى ..طُولُ مُقَامِي في عَالَمِي أَخْلقَ ديبَاجَتِي فَلَمْ أَغْتَرِبْ وَلَمْ أَتَجَدَّد ..
سَرَتِ الهُمُومُ فَبِتْنَ غَيرَ نِيَامِ، ... وَأخُو الهُمُومِ يَرُومُ كُلَّ مَرَامِ
ذُمَّ المنازلَ بعدَ منزلة ِ اللّوى ... وَالعَيْشَ بَعْدَ أُولَئكَ الأقْوَامِ
07 / 04 / 2012