كثيرًا ما نقرأ على الطرقات : المدينة الفلانية تودعكم أو ترحب بكم :

غــدًا تودِّعـنا الآثـارُ والصورُ
فليس مِن عَــودةٍ يَشتاقها العُمُرُ
ولن يعودَ رضابُ الروح منتشيًا
و كيف يندى بهمسِ اللوعةِ الزَهَرُ
تغتالُ قافيــةَ الأحبابِ طارقـــةٌ
حيالَ دمعاتها الأيَّـامُ تنحسـرُ
لا النورُ لا ومضاتُ الفِكر مسعفةٌ
وقـد تكوَّرَ فـي أعماقنا القَمرُ
غدًا تطوف على الذكرى مُتيَّمةٌ
لو كان يجدي هواها النَّوحُ والعَبَرُ
تسائل الدارَ عن أطيافِ جيرتِها
الحاملينَ صفاءَ القلبِ : هل حضروا
الباذلينَ مودَّاتِ الهوى ترفًا
و قبل هــذا إلى مغنى الهدى عبروا
الحاملينَ لواءَ الحبِّ ما فقهوا
سوى الوصالِ وكم جادوا وكم صبروا
أم شرَّد الليلُ فرط البينِ ضحكتَهم
فلم يبَنْ للأمانــي الخاطِرُ العَطِرُ
غدًا قصيدي سَينسانـي فَـلا وطـــنٌ
يستذكرُ الأوفيا لو مسَّهم وضرُ
تبقى البُنياتُ تستذري بمنطقها
وتبعثُ الوصفَ مِن عليائنا الفِكَرُ
فَدَيْتُ حسَّكِ يا أيَّــامُ فاقتبســي
مِن طَـيِّـبـاتِ فـؤادٍ زانَــــه السَّحَرُ
إذ كنتُ أرويـــهِ بالقِـدَّاحِ ذا هِمَمٍ
ويشهدُ الحـيُّ والجيرانُ والمطرُ
أحلامنا اندرسَتْ مِن قبل أوبتها
ما كانَ يُجدي الحَشا التطبيقُ والنظرُ
وحمَّلـتـنـي سَلامًـا غيرَ منقطــعٍ
على الثقافــةِ ما غنَّـت لها العِبَرُ
غـــدًا تعيــدُ حنايانا صياغتَها
ليلتقي في سماها البدوُ والحَضَرُ
إن غبتُ عنها تولّى الغيثُ أربعَها
وترتوي باسمها الآثار والصورُ