يا أماني العمر أنتِ
فيك أسرار العطاء
فيك نبضٌ واحتراقٌ
كيف أنسى من جفاك؟!
فيكِ - رغماً – قلب أمي
ليت أمي لم تراك !
***
آه منها هذه الدنيا
فراغٌ وانتظارٌ
واشتباكٌ
وارتباكٌ
واحتراقْ
ليس لي بعد أمي
غيرُ أفياءِ الخرابْ
***
يا "أماني" ياحناني
أين أنتِ في رفاتي
في حياتي
إنما الدنيا فراقٌ وانتهاءْ
ليت لي بعضُ حسٍّ
بعضُ نبضٍ
كان يجري في عروقِ الأمهاتْ
***
آه منها ليلةُ عمرٍ
كان فيها صوتُ أمي من يبابْ
ليت ثوبي عطّرتْهُ كفُّ أمي
قبل يلمَسَهُ هناءْ
ياهنائي ضاع مني
يا "أماني" قبل أن أحيا الحياةْ
يا " أماني " ياحياتي
أين مني الاشتهاءْ ؟
صار دهري مثل أشعاثِ السّرابْ
يا " أماني " أين أنتِ؟
أشتهيكَ رغم أكوام التُّرابْ
أشتهي كفيكِ عندي
أشتهي مرآكِ – قلبي –
آه منها هذه الدنيا .......... اجترامْ !
فرّقتنا
أحرقتنا
عذّبتنا
وانتهينا دونَ رُؤيا
دونَ أحلامِ اللّقاءْ
***
يا " أماني " أين أنتِ ؟
أرتضي منكِ ابتسامٌ في ارتضاءْ
أبتغي منكِ احتياجٌ للحياةْ
لاتخافي يا " أماني "
أنتِ قلبي
أنتِ روحي
أنتِ عمري
رغمَ موتي والفناءْ
أنتِ غرسٌ ناضرٌ
لاتبالي بالصعابْ
أنتِ حبٌّ واعدٌ
لاتشنقي قلبكِ
لاتخنقي عمرَ الشَّبابْ
***
يا " أماني " أنتِ عطرٌ فائحٌ
لاتأخذي عني أكدارَ العناءْ
إنني فارقتُ دنيا
لم تبالي بالحياةْ
لم تبالي بشبابي
لم تبالي بالأماني
والنّجاةْ
إنني – رغم عني – فارقتُ أفلاذي
فارقتُ أرواحاً هناكْ
ليت أمي لم تلدني
ليتني يا " أماني " كنتُ قلبَ الانتهاءْ
تاه عني خيط أبني
ضاع مني كلُّ شيء
في بروقٍ
في خفاءْ
***
ليتها أيامُ عمري
أرضعتني شوقَ أمي
قبلَ موتِ الابتسام
ليتها أنسامُ أمي
خامرتني قبلَ فجرِ الاحتضار
ليتني ماكنتُ يوماً
طفلةً تلهو
ثم تكبرُ للشقاءْ
آهِ منها سكرةُ الأفراح تسري
فوقَ جُرحي
مثل أسنانِ الحرابْ
مثل جرذانٍ تغابتْ
في تجاويفَ الصّفاءْ
***
يافؤاداً غابَ عني
يشتهي لثمَ التُّرابْ
وعروقاً تتوارى
في صخورِ البعدِ بحثاً
عن أنينٍ مستطابْ
آهِ منها فجوةُ الأيام تكبرْ
تلتهم مني السّلام
تشتهيني
تشتهي رميي
من على
سفحِ السّقامْ
ليتها أيامُ وصلٍ
جمعتني
في قبر أمي
قبل أن أحيا الفراقْ
***
ياودادي .. ياحياتي
أين أنتِ في عيونِ الأمهاتْ ؟؟
آه منها دمعةٌ سقطتْ
فوقَ أعتابِ الوداعْ
مَلْمَسِي
كفّي
زَفَافِي
وعطوري
وزهوري
كلها في غباءٍ
وغباءْ !!
***
آهِ من يعقل عني فَهْم أمي
من يفهم عني
حاجتي للاحتضانْ
وعيونٌ خنْجَرتني
وأنا المطعونُ في دنيا الزِّحامْ
وطبولٌ ودفوفٌ
وأغانٍ
وحبورٌ
وأنا مِزْعُ قُمَاشٍ
يتهاوى فوقَ جذعٍ من ظلامْ
***
آه منها لحظةُ السَّعد الشّقيةْ
أسلمتني في جفاءٍ
لحريقي
والشقاءْ
ليتني استبقيتُ قلبي
قربَ أمي
لازفاف
لاحبور
لاابتسام
فأنا بضعُ أنفاسٍ لأمي
قد تلاشتْ في الفضاءْ
وحياتي صنو أمي
قد تردّت في الفناءْ
***
آه منها ذكرُ أيّام الوفاءْ
طاردتني مثل أشباحٍ
ترومُ الالتهامْ
ليتني مااشتقتُ أمي
شوقُ أمي
مثل أسياخٍ تُحمَّى
فوق نيرانٍ شِداد
مثل أوهامٍ قبيحةْ
تشرخُ الفهمَ
حيثُ يبقى مثلُ أخياطِ الهباءْ
شوقُ أمي
يخلعُ القلبَ عني
من ضلوعي
والحياة
آه منها أشواقُ أمي
مثل ذرّاتِ الرّمالْ
مثل قطراتِ الدّماءْ
فجّرتني فوقَ ينبوعٍ من
خواءْ
" ليتني كنتُ وهماً
ليتني كنتُ سرابا
ليت أني لم أكن " !!
..........................................................
(*)" أماني " فتاة فقدت أمها وهي طفلة .......... بالأمس كان زفافها , فكانت هذه النثرية صدى معبر عنها وعن أمها في نفس الوقت .