ــــــــــــــــــ كان ما كان .. ــــــــ عبد المنعم حسن


(1)
النجوم تصيحُ : هلموا !
الكواكب تدعو :
فرشْنا مواطننا بالزرابيِّ
فاسْتَجْنِحوا
واحداً واحداً ..
واستقلُّوا ظهور الشهبْ !

(2)
البطولات سدَّتْ مناخرَ هُوجِ الرياح الزَّعازعْ ..
الهتافاتُ خلَّدَت النورَ في أسطرٍ من سواد الليالي
على رُقَعٍ من بياض النهارات .. والرجعُ
.. رَجْعُ المسافات طبَّقَ أجفانَ هذي البروقِ اللوامعْ .

(3)
الملائك تفرش أجنحة النورِ للداخلين إلى روضة السحرِ
والحُورُ تعزفُ
وهي تطرِّز لون الغمام على وترٍ من خيوط الشعاع ..

(4)
أيّ عُرسٍ تَفتَّق عنه مُدامُ النداوةْ !
وهوىً ..
قام ناعي الزمانْ
صائحاً في نواحيهِ .. في سوحِهِ
أيّ معنى لأشياءِ أشيائِنا ..
أَسْدلَ الصبحُ عنه الستارْ !!

(5)
سِدرةُ الغضبِ المنتهى تمنح الأغنيات !
تُهطل الذكريات ..
تُعْشب الفِكَرُ القاحلاتُ إذا ما هَمَت !
تتورّدُ أنهارُها المُمحِلات ..
طقطقاتْ ..
.. طقطقاتُ الأغاريدِ تبعثها
من لحود الركود
إنْ تمسَّ يدُ الغيبِ أورادَها
يتنفسْ غدُ البوح فيها .. وتصحو نبوءةُ ماضي الدهورْ ..

(6)
هكذا يفعل السُّكْرُ
حين يُسَيِّجُ حلْمَ العصافيرِ
يرمي براءتَها
في قَليب السُّلاف ..
ما عهِدنا صفاء النَّوى يغرسُ الجدبَ
يرسل أسهمه في صدور الجهات !
هل ستربو رياضُ العقولْ
حين ينهلُّ غيثُ السطور ؟!
هل ستولد من حبة الرمل .. قبل الحصاد
باسقاتُ النخيل ؟!
هل ستقرع سمعَ الحياة لحونُ الخرير ؟!
أم سيُدمي الصفاءُ صدورَ الجهات ؟!
ما عهدناك ربَّ الردى
يا صفاء !!!

(7)
صُحُف الطهر هذي التراتيلُ تُورِق منها الكروم
زنبقاتُ السنا
يستحيل بها الكون فردوسَ حُبٍّ
وياقوتةً من جنون ..
نشوةٌ .. لم يذق طعمها بائسٌ
من زمان سحيق ..
نسماتٌ .. ودفءٌ يساجلها بالتي هي خضراءُ
أو بالذي هو أخضرُ
حتى يُدوٍّي الوجوم ..

(8)
كالنداءاتِ
تنتصبُ الألويةْ ..
فالردى والحياةْ ..
والضيا والظلامْ
.. كلها جُمِعتْ ثم صُبَّتْ وماجتْ بها الأوعيةْ !
كالنداءاتِ .. تنْتكسُ الألوية
تتهاوى ..
.. مثلما يتهاوى الهيامْ
حين تلعنه الأحذية (!)

(9)
النجومُ .. تقيء دماً حارقا ..
الكواكبُ تلفظ أضيافَها وتمجُّ الشُّهُبْ !
كان ما كان ـ لمْحاً ـ فأضحى المَدا
في الهوى غارقا ...
في الردى ..
غارقا !!

** ** **




الخميس 25/4/1429هـ ـ 1/مايو/2008م