الموت ...


هو تلك المرحلة العصية التي تولد في قلب العدم ...
ترحل الألوان جميعها ما عدا الأسود ...
في ذلك اليوم السرمدي ...
تتحطم أشعة الشمس الذهبية ويرحل ضوء القمر ...
إلى بعد ثالث ...
أما الحزن لم يشرق بعد ...
هو نظرة خائفة لكل ما تهابه ...
يستجدي طريقة للتفاوض أو المواجهة ...
أو التحايل على الذات العنيدة ...
لتعيد رسم خطواتها بحذر مع الوحدة الصديقة ...
أو مع ذلك الصباح الفيروزي ...
أو تلك الوردة الذابلة في سنا الفجر المنبثق ...
ليعطينا مبررا للوجود أو التواصل من جديد ...
أو التشارك بأسراره وغموضه وجماله الغريب ...
أو حتى النفير في حالات التوحد المزمنة ...
يعذبنا بعجزنا عن الإمساك بجوهره الغامض ...
والذي لا تراه إلا في صورة من سراب ...
هو الفكرة التي أقدمت على إعادة تكويننا الجنيني ...
في سكون قصيدتي المزيفة أو في موقفها الأزلي بشكل يدعو للسخرية ...
أو الرفض التام لوجوده الكامن في دواخلنا ...
انعطف بحواسنا الخمسة إلى حقيقة الفتنة وملذاتها السبع ...
في مقدسية حروفه الظاهرة ...
يا له من ذكي ماكر ...!!!
كيف استدل على وجوده في عقولنا الخاوية ؟!
أو جمال روحه في أعماقنا الضائعة ؟!
كون علاقة مع نفسه منا ...
فاتسعت تلك العلاقة بين العقل والجسد ...
من خلال بتلات الوردة الحمراء التي يعشقها ...
أو الفراشة الملعونة التي يراقصها على أنغامه السوداء ...
أو الموجة المجنونة التي يرسلها إلى عقولنا الجاهلة ...
ترددها فينا أشبه بصوت إلهي كامن في شجرة أرز جبلية ...
أو بأحلام ملائكية تتخفى سرا في جناحي طائر ...
يمر في الأفق سريعا ...
أو بطبيعة جدباء عجزت عن التواصل والانسجام مع حقيقتها المجردة ...
اختزل في وجداننا عبق رحيقه الفطري إلى عالمه المجهول ...
المخلوق من حفرة عميقة وحفنة من تراب ...
ومعولا من عذاب ...
كان أقرب للمرايا من أبصارنا العمياء وهو يتأكد ‘
عبر انعكاساتنا من صورنا الحقيقية ...
في خلاص أنفسنا الضعيفة ...
بل استحضر أرواحنا البريئة في تجربة فريدة من نوعها ...
وسيكون من الصعب التقيد بقوانينها أو تقليدها ...
هو عالم من الأسئلة والجمال والغرابة التي تظهر بصمت وهدوء ...
التي تتسلل إلى أطراف الصمت في أرواحنا الباهتة ...
حتى غدا حرفا لا يسقط من كتب التاريخ ويساوي شعرا بأكمله في قافيتنا الخافتة ...
بل ويزاحم في بعض الأحيان خيالنا المطلق ...
الخيال بحسب رأيه ظلا يتغذى به على عواطفنا الجياشة وحريتنا الكامنة ...
ويوسع آفاقه المريضة من ردود أفعالنا الإنسانية أو السخيفة ...
لا فرق لديه ...
هو ظاهرة ما زالت على قيد الحياة ‘ ولن تموت أبدا ...!!!
النظر في وجهه يكاد أن يخلق فجوة أو هوة عميقة ...
يتجلى من خلالها على إيقاعها الفارغ أو أصواتها الصامتة عندما تؤدي عبادة ما ...
أو تأمل حركة الريح فيها لإفتضاض بكر الذات أو سماع صوت الإيمان فيها حين يهطل المطر ...
أو ربما تعاطف مقدس مع ذنوبنا العارية ...
لم يعط مساحة من الرقة والحنان ...
أو القدرة على التأمل بصوته أكثر أو بمخيلته المريضة ...
كم هو مثيرا للجدل ...!!!
وكم كانت روحه غامضة ...!!!
يؤرقنا في أحلامنا عن كثب ويراعنا في زلاتنا في كسل لطيف ...
فجأة ...
الحفرة تتسع من خلاله ...
الأحداث تتسارع من حولنا وحولي ...
الجميع سيسقطون وسأسقط قريبا ...
نهرول بهرع إلى أرض مجهولة وأهرول معهم ...
من نحن وأنا ؟!
أين نحن وأنا ؟!
الأموات لا يزالون أمواتا وسنموت معهم ...
الآن ...
أنا في طريقي للهلاك المحتم ...!!!


بقلمي **إسراء إسماعيل**