الأخت تهاني
مرحبا بك في ديار ألفت أهلها ، وسكنت بينهم ألقا ، وبهم ترنح قلمك سكرة معرفة , فلك من أخيك كل الترحيب .
الأخت الفاضلة
لست أدري هل السؤال فيه تحد للرجل يقال له أين أنت مني مثلا ؟ أم له معنى آخر ولم أستوضحه ، وعلى كل الفرضيات أبدأ
الرجل في نظر نفسه له مكانة يقرنها بأصل ، أو مجتمع معين ، أو منصب ما ، ومن خلاله يكون لنفسه عظمة برأي الآخرين ربما تكون فقاعة كبر ، ومن خلال هذا التعظيم للنفس يكون تصرفه محاطا بنظرة دونية للآخرين فنراه يثور لسبب تافه ، أو بدون سبب يرتجى منه الثورة على حق ، ويبدو على طرف النزق لسانه ، فمن يوجه له سؤال الإنكار أين أنت ؟ يجيش للرد كل جنود الفوضى ، ويعسكر على شفتيه احتياطا من كلمات لا معنى لها إلا إثبات الشخصية ، وكأنه من خلال التلفظ بوقاحة الحروف ، وسمج المعاني ، يزيح عن قلبه صدأ الزمن الذي لم يعترف به شخصية مميزة ، لذا نراه على طرف الحماقة دوما .
أما إن كان السؤال لمعنى بلاغي آخر ويثور عليه ، فلا أراه يملك مثقال حبة من أمل بتأقلم الروح مع الواقع ، وسيبقى غريب الطبع عمن يحيطونه بحب .
وإن كانت ( أين أنت ) للإذلال فلا مناص من طريق التروي إن ملك حلما ، أو الإجابة بقدر السؤال تمثلا بسيدنا عثمان رضي الله عنه عندما تعثر برجل ينام بالمسجد فقال له الرجل : هل أنت أعمى ؟ فرد عليه عثمان رضي الله عليه أنا عثمان .
فلابد من السكينة بالمعنى ، والاطمئنان للقصد حتى تتوضح رؤى الإجابة .
تحياتي لك