أختي الفاضلة الأديبة / د. علا حسان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من كتاب القصة من يهتم بالحدث على حساب اللغة (وأعتقد أني منهم )، ومنهم من ينشغل باللغة فتطغى على الحدث الذي هو عماد القصة؛ فتتحول القصة إلى مجرد زخارف لفظية تاهت الفكرة في دهاليزها..
قليلون هم من استطاعوا الجمع بين الحسنيين ، وأرى قصتك الرائعة هذه مثالاً لهذا؛فقد لعبت اللغة هنا دور البطولة؛فلم تأت صورها متكلفة أو زائدة بل جاءت لتكون نسيجاً للنص ، ولا وجود لنص بلا النسيج الذي يحوي خيوط الفكرة والعناصر الأخرى..
مجرد مثال في البداية لا يحتاج إلى شرحنبض الأعوام يتدفق كالسيل جارفا الذكريات والأمنيات ..
والخريف تتساقط أوراقه فتعانق أديم الأرض في هوان وانكسار ...تسارع يده إلى وجنتيها لتمسح عنهما الغضب، ولكن الدلال يتفحم فيملأ أزمنة الحب ويزحم أروقة القلب..ومعالم الأشباح تتراءى لي حسنا ثريا والرغبات تستوي ألما حيا،وكبرياؤك فارغ أجوف والإحساس بك مسلوب معدوم ..مجرد أمثلة فقطفي فراغ الصخب أحتسي قطرات سعادة بها لا تشعرين ...
أجدت في اقتناص لحظة القص المناسبة وقد اتخذتها متكئاً؛ فمنها تذهبين
للماضي في ومضات سريعة لتسلطينها على ما كان؛ ثم ترتدين إلى الحاضر لنعرف ما صار عبر
مقارنات غير مباشرة أسهمت في إثراء العمل:
ويستمر التراوح بين الماضي والحاضر في سلاسة ونعومة ؛فنحيط بتفاصيل العمل .. نعيش مشاعر هذا الزوجفي زمن مضى من أعوامهما الأولى كان ينتظر، ينتظر عودتها..
- اشتقت إليكِ
- أنا أكثر
- ماذا أعددت على الغذاء؟
- تعال لترى بنفسك
في كثير من الأحيان نضن على أنفسنا بالسعادة ونرشف كؤوس الهموم في غبطة.
دلف إلى المطبخ ، تناول غداءه البارد في صمت ..
الذي يعيش مشاعر الفقد..فقد السعادة .. فقد الاهتمام تحت ذرائع الأولويات :
وتعبيرك بهذه المقدرة العالية عن الزوج لا الزوجة ( المفترض أن تمثليها كأنثى) يدل على عين راصدة محايدةكأنما حملتك فوق جناحي إلى مكان تعشقينه ثم أبديت شكرا وحبا ووليت عني إلى صغيرتين أحبهما ، لاهية بهما ، وكلما رأيتني تحجبينني عن عينيك ..
وهي عين الفنان المجردة التي تبحث عن الجمال أينما كان وتصوره ، وربما يكون هذا إسقاطاً عكسياً على مشاعر الزوجة التي تعيش نفس المشكلة بطريقتها .. عند إهمال الزوج لها ، واعتبار كل ما تفعله بديهياً ..من عمل ، وانشغال بالبيت والأبناء ..إلخ .
رأيت القصة وكأنها سؤال لا يطرحه الزوج مباشرة، ولكننا نعيشه في حيرته وفي بحثه اللانهائي عن السعادة
المفقودة ، والحب الذي كان ، والذي تحول مع أولويات الحياة إلى شكل مختلف يقنع به كما جاء في النهاية البليغة
والتي تمثل الجواب على السؤال الدائر منذ البداية؛ فإذا كان السؤال هو نصف القصة فقد أتت الإجابة (الخاتمة)
لتكون النصف الآخر من القصة على الرغم من أنها جملة واحدة ، ولكنها تقول الكثير والكثير ...
فيمضي إلى عمله مترعاً بالحب !!
عمل أكثر من رائع أراه نموذجا للقصة القصيرة كما يجب أن تكون .
للتثبيت.