صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 24

الموضوع: عندما تورق البراءة

  1. #1
    الصورة الرمزية حنان الاغا
    في ذمة الله
    أديبة وفنانة

    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    الدولة : jordan
    المشاركات : 1,378
    المواضيع : 91
    الردود : 1378
    المعدل اليومي : 0.20
    من مواضيعي

      افتراضي عندما تورق البراءة

      عندما تورق البراءة

      وكانت الوجوه الواهنة المتغضنة يمر أحدها تلو الآخر تحملها أجساد متعبة من حمل أعباء الزمن ، بعضها من استطاع صعود درجات المنصة منتصبا معتمدا على نفسه وبعضها من تقوس ظهره ، والبعض الآخر ناءت بمساعدته ذراع نجله أو صديقه.
      استدارت فوق متكئها إلى الجانب الآخر بسأم وهي تلقي جهاز التحكم على المنضدة الصغيرة قربها.
      -- أف ، ينتظرونهم حتى يبدءوا بالتساقط مثل شجرة ميتة تسّاقط أوراقها مع كل نسمة هواء.
      ثم التفتت إلى أولادها وقالت لهم إنهم يحدثون ضجة .
      كانت ما تزال تستمع إلى صوت المذيع وهو يتلو بإيقاع رتيب ، أسماء المكرّمين ، فشعرت بجفنيها يتثاقلان ، إلى أن طرق سمعها اسم ما. لم يكن غريبا فاستدارت ربع استدارة لترى رجلا مسنا يسنده شخص ما ويقوده لاستلام وسام التقدير.
      أكملت استدارتها وقد خف الثقل عن جفنيها ففتحتهما وهي ترفع صوت التلفاز.
      في لحظة من الزمن وجدت نفسها هناك بعيدا في منزل العائلة ، طفلة في السابعة ، وكان هو صديقا لوالدها ، ، رجلا في أواخر العقد الرابع ، مديرا لشركة كبرى،يعمل فيها شقيقها الأكبر. كانت العائلتان تتزاوران ، وفي كل زيارة كان يحضر لها دمية وأنواعا من الحلوى التي تحب، وكان أحيانا يقدم هديته لها قائلا :
      -- تفضلي حبيبتي هذا لك .
      سمعتهم ذات يوم يتحدثون بألم عن زوجته الأجنبية التي أخذت أولادها وسافرت إلى بلادها دون نية الرجوع ، وتركت روحه معلقة بهم ، والحديث جرّ حديثا كما يقال ، إلى أن سمعت شقيقها يقول لأمها إن مديره يحب الصغيرة جدا ــ يقصدها هي – فطارت من الفرح.
      -ــ لهذا تركته زوجته . لأنه يحبني ! نعم .
      كانت تستمع للأغنيات ، وكانت كلها عن الحب الضائع والموجود والآتي والذي لا يأتي ، وكانت الأفلام الهندية والعربية تملأ دور العرض وحدث ولا حرج.
      ــ أمي . قالت لها ذات يوم هي تدللها وتداعب شعرها .
      ــ نعم حبيبتي
      ــ متى أصبح عروسا ؟
      فوجئت أمها بالسؤال فصمتت برهة ، ثم أطلقت ضحكة جميلة .
      ــ ما زلت طفلة يا حبيبتي ، وهذا السؤال مبكر جدا .
      فشعرت بإحباط ما ، إلا أنها كررت السؤال في جلسة ودية أخرى ، لكنها هذه المرة استدركت بسرعة :
      ـــ عندما يحب أحدهم فتاة ألا تصبح عروسَهُ ؟
      نظرت الأم بحنان إلى المخلوق الصغير : ــ لقد كبرت بسرعة يا بنيتي !
      ــ نعم نعم أعرف ، كنت أعرف أنني سوف أكبر بسرعة ،فهل سأصبح عروسهُ ؟
      ــ عروس من؟
      ــ هو . وذكرتْ لها اسمه .
      ــ ألم يقل لكم إنه يحبني ؟
      دمعت عينا أمها الجميلتان وهي تشرق بالضحك ، ثم نظرت إلى الوجه الصغير المقطب فأخذته بين راحتيها الدافئتين ، وجعلت تدلك الحاجبين الصغيرين والجبهة المقطبة بإبهاميها بحركة دائرية مريحة.
      ــ حبيبتي الصغيرة . الحب كلمة صغيرة في حجمها كبيرة في معناها ، وليس كل حب يشترط الزواج ، أنا أحبك ، ووالدك يحبك وكذا إخوتك ، وهو أيضا يحبك مثلما نحبك ، تفهمين؟ يحضر لك الحلوى لأنك الصغرى هنا ، وتذكرينه بأبنائه الذين يحس بفقدهم .
      ــ لكن يا أمي ..
      ــ لا بأس حبيبتي ، ربما فهمت الأمر بطريقة مختلفة ، وهذا طبيعيّ لأنك صغيرة . تذكري كلماتي هذه وحاولي فهمها جيدا ، الوقت أمامك طويل كي تكبري وتتعلمي وتعملي وتتزوجي ، لكنك قبل هذا تكونين قد نسيت ملامحه .
      حبست دموعها في عينيها بكبرياء طفلة أصبحت على شيء من الوعي فجأة.
      ــ نعم ماما . أفهمك .
      تململت بعد أن هبط بها بساط الريح عائدا ، وهمست لنفسها وهي تبتسم : ــ حبي الأول.
      ـــ ماذا قلت ؟ أمي ماذا قلت؟
      تساءل الأبناء .
      ــ لا شيء .
      ــ بل قلت شيئا عن .. الأول ! ماذا قلت؟ هيا أخبرينا .
      ــ أنا؟ قلت شيئا ؟ آه ربما قلت العمر الأول !
      وأطلقت ضحكة بينما تبادل أبناؤها نظرات مشاكسة : ـــ ربما !!
      حنان الأغا
      8 / 12 / 2007

    • #2
      الصورة الرمزية وفاء شوكت خضر
      أديبة وقاصة
      تاريخ التسجيل : May 2006
      الدولة : موطن الحزن والفقد
      المشاركات : 9,750
      المواضيع : 296
      الردود : 9750
      المعدل اليومي : 1.37
      من مواضيعي

        افتراضي

        دوما الحب الأول باكورة تفتح المشاعر وبدأ نضج الجسد ، تبقى معلقة في الذاكرة لا تنمحي ..
        كلنا توهمنا الحب لشخصية مقربة أو بارزة ، أو تى شخصية معلم أو معلمة ..
        كم حلمت الفتيات بنجوم السينما وعاشت قصص الحب ، والشباب بنفس الطريقة يعشق أحدهم إحدى النجمات ويذوب في هواها ..
        أتى النص بأسلوب تلقائي جميل ، به تلميح مباشر عن قضية هامة وهي التكريم الذي يأتي في غير وقته ،
        العلاقات الحميمة الأسرية وعلاقات الصداقة ..
        الحب والوفاء الذي يأتي على الفطرة ..
        حناني ..
        لولا ضيق لمكثت هنا أكثر ..
        أحببت هذا النص بعفويته وجمال سرده ..

        حبي وكل الود .
        //عندما تشتد المواقف الأشداء هم المستمرون//

      • #3
        الصورة الرمزية حسام القاضي
        أديب قاص
        تاريخ التسجيل : Mar 2006
        الدولة : مصر+الكويت
        العمر : 64
        المشاركات : 2,213
        المواضيع : 78
        الردود : 2213
        المعدل اليومي : 0.31
        من مواضيعي

          افتراضي

          أختي الفاضلة الأديبة / حنان الاغا
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          "عندما تورق البراءة"
          عنوان لافت يثير تساؤلات كثيرة عن كنهه ، وتاتي الإجابة على على مراحل وإضاءات بدءً من:
          -- أف ، ينتظرونهم حتى يبدءون بالتساقط مثل شجرة ميتة تسّاقط أوراقها مع كل نسمة هواء.

          نرى الأوراق هنا ؛أوراق الخريف التي يتم تكريمها عادة بعد فوات الأوان (كما ألمحت الأخت الأديبة / وفاء خضر)، وهنا تلميح بارع وبليغ وفني للغاية بعيداً عن المباشرة وأحياناً الصراخ اللذان يلجأ إليهما الكثيرون.
          في فلاش باك تعود للماضي لنرى البراءة في البرعم الصغير ذي الأحلام الوردية ، ثم نرتد للحاضر لنعرف إلى ما صار هذا البرعم بعد إكتمال دورة الحياة ، فقد صار مثل الشجرة التي جاء ذكرها في البداية ؛ فهل هناك أروع من هذا "عندما تورق البراءة" ، ولن أذكر التعبير االمعتاد المرادف حتى لاأفسد تلك اللوحة الجميلة.
          تمضي القصة معتمدة على حوار حي وموفق لم يكن للسرد أن يحل محله بأي حال ؛ فلن نجد ما يعبر عن تلك البراءة بغير حوار كهذا، مع ردود الأم الطبيعية وغير المفتعلة .
          كان الانتقال بين الماضي والحاضر سلسلاً وناعماً ، وخاصة في :
          ــ نعم ماما . أفهمك .
          تململت بعد أن هبط بها بساط الريح عائدا ، وهمست لنفسها وهي تبتسم : ــ حبي الأول.
          ـــ ماذا قلت ؟ أمي ماذا قلت؟
          تساءل الأبناء .
          ــ لا شيء .

          ثم جاءت النهاية الموفقة لتكلل هذا العمل الجميل.
          أديبتنا القديرة أشكرك على هذا الألق الذي حقق معادلةالفن الصعبة .
          حسام القاضي
          أديب .. أحياناً

        • #4
          الصورة الرمزية صبيحة شبر
          قلم نشيط
          تاريخ التسجيل : Mar 2007
          المشاركات : 590
          المواضيع : 69
          الردود : 590
          المعدل اليومي : 0.09
          من مواضيعي

            افتراضي

            الأخت الأديبة حنان الأغا
            ( حين تورق البراءة) عنوان يشد القاريء بتعبيره المجاز
            تعود بنا الكاتبة الى طفولة بطلة القصة حيث البراءة الكاملة
            تتصور ان كل انواح الحب مصيرها الى الزواج ، فتوضح لها الأم الواعية
            الحقيقة
            اسلوب ممتع وقدرة على القص كبيرة
            تأسرنا الأديبة حنان

          • #5
            الصورة الرمزية سحر الليالي
            أديبة
            تاريخ التسجيل : Sep 2005
            الدولة : الحبيبة كــويت
            العمر : 39
            المشاركات : 10,166
            المواضيع : 309
            الردود : 10166
            المعدل اليومي : 1.38
            من مواضيعي

              افتراضي


              رائعة يا حنان رائعة ..!!
              قصة كتبت بروعة متناهيىة ...!!!

              سلمت ودمت بــ ألق

              لك حبي وتراتيل ورد

            • #6
              أديب
              تاريخ التسجيل : Apr 2006
              المشاركات : 9,081
              المواضيع : 101
              الردود : 9081
              المعدل اليومي : 1.27
              من مواضيعي

                افتراضي

                حنان العزيزة.........
                شدني النص من العنوان الى النهاية / نص سردي جميل صورةً وتشكيلَ بناء / تحكم الكاتب في فضائه التخيلي بتيار بتيار عاطفي حكائي / ذا رداء فني يجذب المتلقي إلى آخر نفس / وقد شدني إلى النص انسياب في التصوير للحالة المراد رصدها / بجمالية في الوصف و دقة في الربط بين الجزئيات الموحية / وكعادتك تجيدين مزج الالوان وختمها بايحاءية جميلة تعيدنا للبدء .

                دمت بالف خير
                محبتي لك
                جوتيار

              • #7
                الصورة الرمزية حنان الاغا
                في ذمة الله
                أديبة وفنانة

                تاريخ التسجيل : Nov 2006
                الدولة : jordan
                المشاركات : 1,378
                المواضيع : 91
                الردود : 1378
                المعدل اليومي : 0.20
                من مواضيعي

                  افتراضي

                  اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وفاء شوكت خضر مشاهدة المشاركة
                  دوما الحب الأول باكورة تفتح المشاعر وبدء نضج الجسد ، تبقى معلقة في الذاكرة لا تنمحي ..
                  كلنا توهمنا الحب لشخصية مقربة أو بارزة ، أو حتى شخصية معلم أو معلمة ..
                  كم حلمت الفتيات بنجوم السينما وعاشت قصص الحب ، والشباب بنفس الطريقة يعشق أحدهم إحدى النجمات ويذوب في هواها ..
                  أتى النص بأسلوب تلقائي جميل ، به تلميح مباشر عن قضية هامة وهي التكريم الذي يأتي في غير وقته ،
                  العلاقات الحميمة الأسرية وعلاقات الصداقة ..
                  الحب والوفاء الذي يأتي على الفطرة ..
                  حناني ..
                  لولا ضيق لمكثت هنا أكثر ..
                  أحببت هذا النص بعفويته وجمال سرده ..
                  حبي وكل الود .
                  ________________

                  الغالية وفاء
                  أولا أفتقدك ، أفتقد حضورك الدافىء، وروحك الحنون.

                  جميلة تلك الأيام ما أُحيْلاها !

                  ما زلت أحتفظ بنتف منها في ذاكرة خاصة بها .

                  الأمهات ونحن والأولاد والمشاعر التي تستبق السنوات .

                  محبتي لك

                • #8
                  الصورة الرمزية حنان الاغا
                  في ذمة الله
                  أديبة وفنانة

                  تاريخ التسجيل : Nov 2006
                  الدولة : jordan
                  المشاركات : 1,378
                  المواضيع : 91
                  الردود : 1378
                  المعدل اليومي : 0.20
                  من مواضيعي

                    افتراضي

                    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام القاضي مشاهدة المشاركة
                    أختي الفاضلة الأديبة / حنان الاغا
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    "عندما تورق البراءة"
                    عنوان لافت يثير تساؤلات كثيرة عن كنهه ، وتاتي الإجابة على على مراحل وإضاءات بدءً من:

                    نرى الأوراق هنا ؛أوراق الخريف التي يتم تكريمها عادة بعد فوات الأوان (كما ألمحت الأخت الأديبة / وفاء خضر)، وهنا تلميح بارع وبليغ وفني للغاية بعيداً عن المباشرة وأحياناً الصراخ اللذان يلجأ إليهما الكثيرون.
                    في فلاش باك تعود للماضي لنرى البراءة في البرعم الصغير ذي الأحلام الوردية ، ثم نرتد للحاضر لنعرف إلى ما صار هذا البرعم بعد إكتمال دورة الحياة ، فقد صار مثل الشجرة التي جاء ذكرها في البداية ؛ فهل هناك أروع من هذا "عندما تورق البراءة" ، ولن أذكر التعبير االمعتاد المرادف حتى لاأفسد تلك اللوحة الجميلة.
                    تمضي القصة معتمدة على حوار حي وموفق لم يكن للسرد أن يحل محله بأي حال ؛ فلن نجد ما يعبر عن تلك البراءة بغير حوار كهذا، مع ردود الأم الطبيعية وغير المفتعلة .
                    كان الانتقال بين الماضي والحاضر سلسلاً وناعماً ، وخاصة في :

                    ثم جاءت النهاية الموفقة لتكلل هذا العمل الجميل.
                    أديبتنا القديرة أشكرك على هذا الألق الذي حقق معادلةالفن الصعبة .
                    ____________

                    أديبنا العزيز حسام

                    ولا بد أننا نحمل الكثير من التفصيلات التي نعتقد أنها مسحت ، إلا أنها تجد فرصتها في وقت ما ومكان ما لتطل برأسها من جديد حاملة معها سحر الطفولة ، وذكريات العمر البعيدة .
                    أخي
                    استمتعت بهذه القراءة المتتبعة للحالة القصصية هنا .
                    تقبل احترامي

                  • #9
                    شاعر
                    تاريخ التسجيل : Jul 2007
                    العمر : 51
                    المشاركات : 1,200
                    المواضيع : 55
                    الردود : 1200
                    المعدل اليومي : 0.18
                    من مواضيعي

                      افتراضي

                      اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنان الاغا مشاهدة المشاركة
                      عندما تورق البراءة
                      وكانت الوجوه الواهنة المتغضنة يمر أحدها تلو الآخر تحملها أجساد متعبة من حمل أعباء الزمن ، بعضها من استطاع صعود درجات المنصة منتصبا معتمدا على نفسه وبعضها من تقوس ظهره ، والبعض الآخر ناءت بمساعدته ذراع نجله أو صديقه.
                      استدارت فوق متكئها إلى الجانب الآخر بسأم وهي تلقي جهاز التحكم على المنضدة الصغيرة قربها.
                      -- أف ، ينتظرونهم حتى يبدءوا بالتساقط مثل شجرة ميتة تسّاقط أوراقها مع كل نسمة هواء.
                      ثم التفتت إلى أولادها وقالت لهم إنهم يحدثون ضجة .
                      كانت ما تزال تستمع إلى صوت المذيع وهو يتلو بإيقاع رتيب ، أسماء المكرّمين ، فشعرت بجفنيها يتثاقلان ، إلى أن طرق سمعها اسم ما. لم يكن غريبا فاستدارت ربع استدارة لترى رجلا مسنا يسنده شخص ما ويقوده لاستلام وسام التقدير.
                      أكملت استدارتها وقد خف الثقل عن جفنيها ففتحتهما وهي ترفع صوت التلفاز.
                      في لحظة من الزمن وجدت نفسها هناك بعيدا في منزل العائلة ، طفلة في السابعة ، وكان هو صديقا لوالدها ، ، رجلا في أواخر العقد الرابع ، مديرا لشركة كبرى،يعمل فيها شقيقها الأكبر. كانت العائلتان تتزاوران ، وفي كل زيارة كان يحضر لها دمية وأنواعا من الحلوى التي تحب، وكان أحيانا يقدم هديته لها قائلا :
                      -- تفضلي حبيبتي هذا لك .
                      سمعتهم ذات يوم يتحدثون بألم عن زوجته الأجنبية التي أخذت أولادها وسافرت إلى بلادها دون نية الرجوع ، وتركت روحه معلقة بهم ، والحديث جرّ حديثا كما يقال ، إلى أن سمعت شقيقها يقول لأمها إن مديره يحب الصغيرة جدا ــ يقصدها هي – فطارت من الفرح.
                      -ــ لهذا تركته زوجته . لأنه يحبني ! نعم .
                      كانت تستمع للأغنيات ، وكانت كلها عن الحب الضائع والموجود والآتي والذي لا يأتي ، وكانت الأفلام الهندية والعربية تملأ دور العرض وحدث ولا حرج.
                      ــ أمي . قالت لها ذات يوم هي تدللها وتداعب شعرها .
                      ــ نعم حبيبتي
                      ــ متى أصبح عروسا ؟
                      فوجئت أمها بالسؤال فصمتت برهة ، ثم أطلقت ضحكة جميلة .
                      ــ ما زلت طفلة يا حبيبتي ، وهذا السؤال مبكر جدا .
                      فشعرت بإحباط ما ، إلا أنها كررت السؤال في جلسة ودية أخرى ، لكنها هذه المرة استدركت بسرعة :
                      ـــ عندما يحب أحدهم فتاة ألا تصبح عروسَهُ ؟
                      نظرت الأم بحنان إلى المخلوق الصغير : ــ لقد كبرت بسرعة يا بنيتي !
                      ــ نعم نعم أعرف ، كنت أعرف أنني سوف أكبر بسرعة ،فهل سأصبح عروسهُ ؟
                      ــ عروس من؟
                      ــ هو . وذكرتْ لها اسمه .
                      ــ ألم يقل لكم إنه يحبني ؟
                      دمعت عينا أمها الجميلتان وهي تشرق بالضحك ، ثم نظرت إلى الوجه الصغير المقطب فأخذته بين راحتيها الدافئتين ، وجعلت تدلك الحاجبين الصغيرين والجبهة المقطبة بإبهاميها بحركة دائرية مريحة.
                      ــ حبيبتي الصغيرة . الحب كلمة صغيرة في حجمها كبيرة في معناها ، وليس كل حب يشترط الزواج ، أنا أحبك ، ووالدك يحبك وكذا إخوتك ، وهو أيضا يحبك مثلما نحبك ، تفهمين؟ يحضر لك الحلوى لأنك الصغرى هنا ، وتذكرينه بأبنائه الذين يحس بفقدهم .
                      ــ لكن يا أمي ..
                      ــ لا بأس حبيبتي ، ربما فهمت الأمر بطريقة مختلفة ، وهذا طبيعيّ لأنك صغيرة . تذكري كلماتي هذه وحاولي فهمها جيدا ، الوقت أمامك طويل كي تكبري وتتعلمي وتعملي وتتزوجي ، لكنك قبل هذا تكونين قد نسيت ملامحه .
                      حبست دموعها في عينيها بكبرياء طفلة أصبحت على شيء من الوعي فجأة.
                      ــ نعم ماما . أفهمك .
                      تململت بعد أن هبط بها بساط الريح عائدا ، وهمست لنفسها وهي تبتسم : ــ حبي الأول.
                      ـــ ماذا قلت ؟ أمي ماذا قلت؟
                      تساءل الأبناء .
                      ــ لا شيء .
                      ــ بل قلت شيئا عن .. الأول ! ماذا قلت؟ هيا أخبرينا .
                      ــ أنا؟ قلت شيئا ؟ آه ربما قلت العمر الأول !
                      وأطلقت ضحكة بينما تبادل أبناؤها نظرات مشاكسة : ـــ ربما !!
                      حنان الأغا
                      8 / 12 / 2007
                      أختي الأديبة الراقية الأستاذة حنان

                      سبق أن تطفلت على فن القصة مرات ، ولذا لا ضير أن أتطفل ربما للمرة الأخيرة ، فعذرا منك ومن الأساتذة المتخصصين ...

                      رأيت الحلم شاخصا ، رأيته أول نبضة ينبضها القلب لا تبرح الحس والمشاعر ، نعم قد تغفو ولكن لا تموت ما دامت العروق يجري ماؤها ...

                      رأيت الآمال تتقوض أمام عين البراءة ، والواقع وحشا مخيفا لكننا نسكن في أحضانه بدعة نتظاهر بالفرح ، ونتبادل الابتسامات حتى نقهقه ...

                      رأيت الإنسان الفطرة ، ثم رأيت الإنسان القدر

                      تحيتي وتقديري

                    • #10
                      الصورة الرمزية حنان الاغا
                      في ذمة الله
                      أديبة وفنانة

                      تاريخ التسجيل : Nov 2006
                      الدولة : jordan
                      المشاركات : 1,378
                      المواضيع : 91
                      الردود : 1378
                      المعدل اليومي : 0.20
                      من مواضيعي

                        افتراضي

                        اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صبيحة شبر مشاهدة المشاركة
                        الأخت الأديبة حنان الأغا
                        ( عندما تورق البراءة) عنوان يشد القاريء بتعبيره المجاز
                        تعود بنا الكاتبة الى طفولة بطلة القصة حيث البراءة الكاملة
                        تتصور ان كل انواع الحب مصيرها الى الزواج ، فتوضح لها الأم الواعية
                        الحقيقة
                        اسلوب ممتع وقدرة على القص كبيرة
                        تأسرنا الأديبة حنان
                        _________________

                        الأخت العزيزة صبيحة

                        ما أكثرها حكايات الأطفال والأمهات وذلك الطارق الذي يأتي في غير موعده.

                        نداء الطبيعة ، ما كان ليمر بعذوبة لولا وعي أهلينا ونضج فكرهم.

                        محبتي

                      صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

                      المواضيع المتشابهه

                      1. حينما تورق الحروف
                        بواسطة هائل سعيد الصرمي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
                        مشاركات: 10
                        آخر مشاركة: 21-11-2014, 12:08 AM
                      2. وجهَ البراءةِ
                        بواسطة زاهية في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
                        مشاركات: 41
                        آخر مشاركة: 22-01-2014, 12:48 PM
                      3. عندما عاتبتني البراءةُ
                        بواسطة أيمن كمال في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
                        مشاركات: 32
                        آخر مشاركة: 03-10-2010, 11:44 PM
                      4. "أناشيد البراءة" للشاعرة نجوى السيد
                        بواسطة فضل شبلول في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
                        مشاركات: 0
                        آخر مشاركة: 06-08-2006, 08:43 PM
                      5. شموع ...! تُورقُ الأسَى
                        بواسطة يحـيى الحكـمي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
                        مشاركات: 12
                        آخر مشاركة: 06-12-2005, 08:56 PM