
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هشام مصطفى
هل لي أن أختلف معك في منطلقك لفهم التناقض وربط الدال بالمدلول ؟
أولا سيّدتي إن الشاعر الذي يبدأ القصيدة بهكذا بداية ( نبذة عنها وعن مقصدها ) قد وأد القصيدة وهمش القارئ تماما فالقارئ من المنظور الحديث هو المبدع الثاني للقصيدة وحينما تخرج القصيدة من عباءة الشاعر فإنها حتما ملك يمين القارئ يؤولها كيفما شاء لتأتي الرؤية النقدية كقراءة أخرى للقصيدة من حيث استيطيقا الشعر ( الأسس الجمالية لها ) واستراتيجية النص للوصول إلى هدفه الدافع لقول القصيدة هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن التناقض لدى الشاعر ( ولا أقصد تقديم رؤية ما للقصيدة وإنما لأي قصيدة ما ) قد يكون البوابة الواسعة لفهم الشاعر والوصول إلى المعنى الممكن وحينئذ لا يكون التحول التناقضي إلا انعكاسا مباشرا لمنطقة الألم والتعبير بالتناقض قد يأتي متناسقا لنوعية الألم وبارزا له وققد يكون التناقض أيضا نابعا من استحضار ملامح الأسطورة كما في أنشودة المطر للسياب واتخاذها وسيلة للمناجاة التي صوغت له التناقض والجمع بين المعاني المتناقضة لفهم أوسع لرؤيته للحياة في العراق مما أكسب المطر كرمز تناقضية الفرح والنماء وكذلك الحزن والموت
أمّا عن النبض كدلالة فليس من المعقول أن نحبسه على مدلول معين فإن الرمزية في اللفظ تقبل الصفة التجددية للمدلول وهي إحدى السمات الأساسية للرمز وإلا لتحول للإشارة ولا مانع من ان يحاول الشاعر ليضيف بعدا جديدا لرمزية النبض كدال متجدد لمدلولات أخرى وإلا فقد أوقفنا عملية الإبداع على منطقة معينة في اللغة ولنجمدها في قالب لا تخرج عنه .
الأديب الرائع / هشام مصطفى
الاختلاف لا يفسد مودة الأدباء ، بل هو وسيلة الارتقاء الأدبي، وبلوغ الغاية من النص
لذا أود أن أقول إنه عندما يفقد الدال مدلوله أو دلالته تحدث فجوة بين الشاعر والمتلقي
وعندما يكون للدال دلالة مختلفة عن كافة الدلالات المحتملة الحقيقية
منها المجازية فهذا يخبر عن شرخ عميق في العلاقة بين مؤلف النص
وقارئ النص ..
وماذا يضير النص لو أن الشاعر بدأه أو أنهاه ببعض سطور نثرية مثل قوله :
" إن المحن التي نتعرض لها عديدة ، تتطلب منا مواجهتها والتصدي لها ،
أمامنا تحديات كثيرة للتخلص من الآخر الذي تجاوز مداه فقتل
فينا البسمة ، وأطفأ فينا الشموع وسكب الدماء...
والمتلقي يُترك لرؤيته وتأويله عندما تكون الثوابت الدلالية المتفق عليها
كما هي دون أن يعتريها تشوه وعندما تكون ذات نسبة ما من الوضوح
أيضا متفق عليها دلاليا ، أما مع الإغماض وقلب المفردات
فلا مناص من الإيضاح وإعطاء إشارات تضيء النص ..
أما دعوى الحرية الدلالية فهي دعوى نبعت من خلل اعترى القيم
والمثل الإنسانية، ومن انهزام الإنسان في مواجهة الحروب والعلم
والتكنولوجيا وإنكاره لكل شيء.
ورغم انتشارها في الغرب ، ومحاولتنا التأثر بها والاندفاع وراءها ،
فثمة ثوابت لا يمكن التحرر منها .
فلا يجوزعلى سبيل المثال أن نجعل من الرائحة الزكية رمزا للشر
ومن الرائحة الكريهة رمزا للخير ، أو أن الكلمة الطيبة تشبه الشجرة الخبيثة ،
والكلمة الخبيثة تشبه الشجرة الطيبة .
إنها ثوابت عندما نتجاوزها نصيبها بالتشوه.
لكَ ولشاعرنا محسن العويسي المزيد من الإعزاز والتقدير
علا حسان