أسعد الله أوقاتك بكل الخير أخي العزيز د. جمالالمشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.جمال مرسي
شكرا لكلماتك الطيبات.. هذا من لطفك
نعم..أم نضال خنساء هذا العصر جزاها الله عنا كل خير
أعتبرها مثلي الأعلى في الحياة
أحب أن أنقل لك حديثها عن القائد عماد عقل الذي بنت له ملجأ في بيتها.. وكانت تحبه كابن لها.. تقول أم نضال عن لحظة استشهاده وقد أطلقت تنهيدة عميقة واغرورقت عيناها ثم سكتت طويلا وقالت:
كان اليوم أربعاء 24-11-1993 والوقت قبل المغرب بساعة وجاء عماد وادخله ابني نضال من المدخل الثاني نظرت إليه أنا وزوجة ابني وكان في غاية السعادة وعندها قالت زوجة ابني ، ولا أدري كيف قالتها: " والله يا مرت عمي عماد زي العريس فلم أشاهده من قبل بهذا الجمال " صورته لا زالت أمام عيني كان حلو .. حلو .. حلو جدا رغم أنه كان صائما له أربعة عشر يوما وكنت اعتقد أنني سأجده وقد أصفر وجهه ولكن شاهدت في تلك اللحظات في وجهه نور لم أشاهده من قبل وسألته يا عماد صائم أم مفطر، قال والله صائم " خرجت و أخذت أجهز الإفطار قبل أن يستدركنا الوقت ثم دخلت عليه وقلت أريد أن أعمل شاي، عندها قال لي وسام ربما لا يستطيع عماد شرب الشاي، فالسائق سيحضر سريعا ولكني أصررت أن أصنع الشاي وليشرب ما يستطيع فقد كان يحب الشاي بعد الأكل صنعت الشاي على وجه السرعة وشرب عماد نصف الكأس ..
وتتنهد أم نضال بشكل يهز المشاعر وقالت :" حسبي الله ونعم الوكيل "
في هذا الوقت كان العميل ينتظر عماد فوق سطح المنزل، وقال:" أريد عماد بكلمة سريعة ..
وما أن نظرت إلى الشارع وحول المنزل حتى انقلبت الدنيا ولم تقعد وصوت حركة كبيرة جدا وعندها خرج ولدي حسام لينظر في الأمر، كانت سيارة فولوكس واجن دبل كبينة على الباب وقف حسام ليسلم على السائق وما أن مد يده و إذ بهم قوات صهيونية خاصة والسيارة بها عشرات الجنود المدججين بالسلاح وقاموا بتكبيل حسام ووضعه بالسيارة وما هي إلا لحظات حتى حوصرت المنطقة بأكملها بمئات من الجنود والصحفيين الصهاينة وسيارات الإسعاف ، و أخذنا نجري في البيت من غرفة إلى أخرى لا ندري ماذا نعمل وعلقت كل الكلمات في الحلوق وأخذت انظر من الشبابيك حول المنزل، الجنود في كل مكان وهم على أهبة الاستعداد لإطلاق النار عندها كان نضال يجلس على درجات المنزل الداخلي، ينظر أن ينتهي وليد من السر الذي يريد أن يبلغه لعماد ، وتقول :" لقد خدعنا جميعا " صرخت عندها وقلت :" الجيش على الباب يا عماد " عندها خرج عماد وابني مؤمن من الباب الخلفي شاهدهم الجنود فدخلوا إلى المنزل ، نظرنا هنا ونظرنا هناك و إذا بالبيت كله محاصر لم يكن الجيش لوحده بل كان هناك عدد من العملاء أيضا لم استطع الصلاة أو الدعاء فالأمر كان جلل والخوف على عماد سيطر على كل أركاني وكنت أتمنى أن تتشقق الأرض و تبلعنا ولم نستطع عمل شيء ، عندها قال له نضال :" والله يا عماد مالك إلا الشهادة " .
آه ... تقول أم نضال وكأن أحد طعنها بسكين " من دون الأيام لم يكن عماد يحمل معه سوى مسدسه الشخصي " عندها احتضنه نضال وقال له:" وصيتي لك أن تدعو الشباب لتكملة المشوار وها أنا ذاهب للشهادة " وبالفعل صلى عماد ركعتين في صالة المنزل وصعد إلى سطح المنزل صعدنا معه جميعا ولم نكن عندها نفكر في شيء وكبرنا ودعونا الله سبحانه وتعالى لقد كان سطح المنزل كالنهار من كثرة الأضواء الكاشفة التي سلطت عليه وعندها تقدمت نحو سور المنزل شاهدت عدد من العملاء ،والتفت نحو عماد و إذ به يودع أبنائي ثم تقدم عدة خطوات و أطلق النار على العملاء وقال : " الله اكبر " ودعا دعاء وأفرغ سلاحه من طلقاته باتجاه الجنود و ألقى بنفسه عن السوار عندها فتحوا نيران أسلحتهم بكثافة عليه وكنا نظن أنه استشهد لكن كان لا زال حيا ولف حول البيت وتحت الزيتونة سقط بعد أن أطلق الجنود من الجهة المقابلة النار عليه حتى مزقوا جسده، حتى أن رأسه هشم من كثرة الطلقات ووجدنا مخه قد تساقط من الرأس.
وكنت عندها أوصي أولادي أن يكونوا رجال وأن يصمدوا في التحقيق، وبعد عدة ساعات نادى الجنود علينا وعندها خرجت من باب المنزل وعندما شاهدني الجنود صرخوا " مره أرجع البيت أرجع البيت " عندها نزل خلفي نضال قال لهم ماذا تريدون؟ طالبوه بخلع ملابسه كلها حتى أبقوه بالشباح و البنطال وقالوا له تعال وفعلوا ذلك مع كل الأولاد أما نحن النساء و الأطفال فقد أخذونا إلى منزل الجيران .
عندها طلبوا من نضال أن يحمل جثة عماد ويخرجها من مكانها وتقول: " تصوروا أنهم كانوا يخافون من عماد حتى وهو ميت " وقالوا لنضال أحضر الجثة و أي حركة تصدر منك لن ترى أنت وأهلك الخير .
وتعود أم نضال بالذاكرة لقد كان نضال دائما يقول لعماد " وقتيش أحملك و أنت مخروق بالرصاص " وكأنه قرأ الغيب وبالفعل حمل نضال عماد وهو مخردق بالرصاص مئات من الطلقات دخلت جسده الطاهر، عندها قال نضال: " كانت تلك اللحظة اسعد لحظات حياتي و أنا أحمل عماد وهو شهيد ".
رحم الله شهداءنا الأبرار..