جمرات من أرض الموت
فرج أبو الجود
نشكو المعادين أم نشكو الموالينَا
نعانق الموت أم نرفع أيادينا
العالم الحر قد أضحى لنا صنما
وأخوة الدم قد أمسوا أعادينا
نشكو إلى الله ما نلقاه من ألمٍ
يبكي له الصخر من جيران وادينا
أبكي على مصر قد كسرت أسنتها
واسترعت الذئب كي يدمي حواشينا
أناشد النيل عل النيل يسمعنا
باسم المروءة لا باسم الفراعينَا
كانت لنا مصر يوم البأس قبلتنا
بل كانت الأمنَ والإيمانَ والدينَا
ما كان في مصر يؤذي بعض أخوتنا
من لفحة الشمس يوما كان يؤذينا
وما رأيت صلاة في مساجدنا
إلا لمصر جرى دمع المصلينَا
لو أن في مصر طفل رافع يده
يدعو لمصر لقلنا نحن آمينَا
ما بالها اليوم قد وقفت تحاصرنا
لا تطفئ النار بل للنار ترمينا
تسالم الذئب بل تهدي مخالبه
فوق الجسامين ريحانا ونسرينا
أبكي على مصر هل ألقت عروبتها
أم خانت العهد أم باعت فلسطينَا
يا معبر الخزي والخذلان في رفح
أين الأخوة من خذلانكم فينا
يا معبر الخزي موتانا بلا كفن
تحت القنابل لا يلقون تكفينَا
يا معبر الخزي أطفال بلا سببٍ
يتسربلون دماءً بين أيدينا
يا معبر الخزي عينان تحاصرنا
عين القريب وعين من أعادينا
أرض الكنانة تصلينا بجفوتها
بنو قريظة بالنيران تصلينا
الموت والخوف والبلوى تطاردنا
والليل والجوع والنيران تكوينا
أطفالنا اليوم أشلاء تناشدنا
من ساحة الموت والثكلى تنادينا
فوق الأرائك أجساد مبعثرة
تدمي القلوب وتستجدي الملايينا
هل أمسك البين سكينا فمزقهم
أم آلة البين لا تحتاج سكينا
استنشق الموت من أجساد إخوتنا
عطراً لعل عبير الموت يحيينا
أين العروبة إني لست أبصرها
إلا على الذل قد صارت عناوينَا
ميثاقها الصمت لا نار تحركها
ولا القلوب التي صارت براكينَا
أنعي إلى الغد أمجاداً لأمتنا
أزف للموت حاضرنا وماضينا
أناشد الموت ملهوفا على وجل
كي يرسل الموت أجنادا لتحمينا
يعيرنا الموت أسماءً كمعتصم
والله ياموت إن الاسم يكفينا
ما أرخص الدمع أن يجري على عربٍ
ليسوا من الذل إلا بعض ساقينا
شجب الحناجر لو تدرون مهزلة
قذائف الموت تجتث المساكينَا
مساجد الله قد زالت قداستها
أين المساجد بل أين المصلونَا
يا قادة العرب كم في الدهر من عبر
وكم عزيز وأمسى في الأذلينَا
لا ينفع الملك محمولا لحفرته
في نشوة الملك قد خان النبيينَا
تحكي لنا الشمس أن العمر منصرم
وأن في العمر أحداثاً ستخذينا
إن تنصروا الله ياقومي سينصركم
لا ينصر الله من لم ينصر الدينَا