حين شارك الامام [ محمد عبده ] في ثورة عرابي [ السياسية ] في مصر وفشلت نُفي إلى لبنان، وهناك كتبَ كتابه الإسلامُ والنصرانيّة بين العلم والمدنيّة، ولمّا تعرّضَ في حديثه عن السياسة قال عنها :
"لعنَ اللهُ ساس ويسوس وسائس ومسوس وكلَّ ما اشتقَّ منها."

هنا قلت في نفسي : هذه لعنة ليست في محلها . وتأملت النظم السياسية العلمانية في اوربا اليوم وذهب بي طيف التأمل إلى سيدنا المسيح عليه السلام الذي لم يشهد قيام الدولة .. في حين مات النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن أكمل بناء [ الدولة الإسلامية ] ففصل الدين المسيحي عن الدولة في الغرب يؤكد أن الشريعة المسيحية التي انفصلت عن السياسة هناك هي شريعة رجال الدين وليست شريعة المسيح نفسه ، في حين أن الدعوة لفصل شريعتنا عن سياستنا أمر يكذبه روح الدين الإسلامي .. كون القرآن والنبي يدعوان لجعل كل تفاصيل الحياة إسلامية ( اجتماعيا واقتصاديا وسياسياً ... )

والسياسة قوة : والدين لايعترف بالقوة .. هنا تكمن المفارقة .
ولكن لابد لأفكار الشريعة أن تقود الحياة .. ولكي يحصل ذلك لابد أن نجعل لأفكار الشريعة : قوة ..

لا أقول قوة لحمل الناس على شريعتنا بل قوة لتوقف الظالم عن ظلمه .وعلى هذا فلم تكن أفكار الأنبياء معلقة بين السماء والأرض بل في تفاصيل الحياة .. عند القاضي وعند ضابط الجيش وعند موظف البنك وعند الوزير وعند المدرس .. قوة تصنع للأفكار واقع أجمل ...
ولابد أن يدخل الدين ورجاله في عالم السياسة .. بصفة مراقب لابصفة منفذ
فيتولى مجلس الحل والعقد مهمة مراقبة أداء الوزراء ومهمة مراقبة رجال السياسة ورجال الاقتصاد ورسم غاياتها والى غير ذلك من المهام ..
ومن غير المقبول والحال هذا أن يتولى [ رجل الدين ] مهاماً تنفيذية ففي ذلك انتقاصاً لدوره القيادي والترشيدي التقويمي ..
فنحن لانوافق نظرية [ ولاية الفقيه ] لأننا لانؤمن بشخصنة الدين في [ الإمام ] بل نؤمن بالتخصص على مستوى [ المؤسسة الدينية ] فالفقيه رجل تنفيذي يملك سلطته من خلال مؤسسة القضاء أما رئيس الدولة فهو رجل [ مراقب ] لمستوى الأداء لجميع تخصصات [ مؤسسة الدولة ] وهو يخضع لمراقبة مجلس [ أهل الحل والعقد ] الذين يكون قرارهم ملزم للرئيس نفسه .

السؤال الآن :

ما مواصفات تكوين مجلس [ الحل والعقد ] وما آلية اختيار أعضاءه ؟