نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

"قناع .. قناع.."..

هتف رجل الأعمال المريض "مندور" بتلك الكلمات فجأة، في تلك اللحظة، التي توتر فيها الموقف كله، فاستدارت العيون كلها إليه في توتر، وسأله "أمجد" في لهفة :
- أي قناع يا سيِّد "مندور"؟!

بدا الرجل يقظاً تماماً، وهو يجيبه في حماس:
- دخل الحجرة، وهو يرتدي ذلك القناع.. قناع العمليات الجراحية.. قناع الـ…

بتر عبارته بغتة، قبل أن تعود تلك النظرة الحائرة الشاردة إلى عينيه، وهو يتلفَّت حوله، متسائلاً:
- أهذه حجرتي؟!

اتجه "أمجد" نحوه، وربَّت على كتفه، قائلاً:
- كلا يا سيِّد "مندور".. إنها ليست حجرتك.

غمغم الرجل في حيرة:
- ولماذا لست في حجرتي؟!

أجابه "أمجد" مشفقاً:
- ستعود إليها قريباً يا سيِّد "مندور".. اطمئن.

هزَّ الرجل رأسه، بنفس الحيرة والشرود، قبل أن يرفع عينيه إليه، متسائلاً بابتسامة مرتبكة:
- أشكرك يا… بالمناسبة.. ما اسمك؟!

زفر "أمجد" في توتر، والتفت إلى "نادر"، وسأله، متجاهلاً سؤال "مندور" الحائر:
- ما قصة التهديد بالقتل هذه يا دكتور "نادر"؟!

لوَّح "نادر" بذراعه في عصبية، قائلاً:
- لم أكن أقصد هذا فعلياً.. كانت لحظة غضب فحسب.

عاد "أمجد" يعقد ساعديه أمام صدره، متسائلاً:
- والسبب؟!

بدا "نادر" شديد التوتر، وهو يقول:
- لست أذكره.

همَّ "أمجد" بإلقاء سؤال آخر، عندما اندفع الدكتور "جلال"، يقول في استنكار:
- أي جواب سخيف هذا؟!

تضاعف توتر "نادر"، وأشاح بوجهه في عصبية، في حين تساءل "أمجد" بمنتهى الاهتمام:
- ولماذا تعتبره كذلك؟!

هتف الدكتور "جلال":
- لأننا جميعاً نعرف السبب، فكيف يمكن أن ينساه الدكتور "نادر"؟!

وهنا، أضاف "سمير"، بنفس الخبث:
- خاصة وأنه كان يتعلق بمسار حياته كله.

بدا ارتياح عجيب، في عيني الدكتور "عرابي"، وكأنما أسعده أن يُلقى الاتهام على سواه، مما جعل "أمجد" يقول في حدة:
- يبدو أنكم قد أثرتم فضولي، دون أن يحاول أحدكم إشباعه.

عاد الجميع يتبادلون نظرة متوترة، ثم اندفع "نادر" يقول بمنتهى العصبية:
- فليكن.. لقد أراد إنهاء تعاقدي مع المستشفى، في منتصف الموسم.

سأله "أمجد" بسرعة:
- ولماذا؟!

أجابه "نادر" بنفس السرعة والعصبية:
- بسبب خطأ بسيط.

قال "سمير" في سخرية:
- بسيط؟!.. لقد أصاب مريضاً شاباً بشلل رباعي دائم.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

هتف "نادر":
- كل عمليات المخ لها مضاعفات محتملة.

قال "سمير" في سرعة:
- وأخطاء بشعة أيضاً.

احتقن وجه "نادر" في شدة، واحتبست الكلمات في حلقه، و…
وفجأة، اندفع "مندور" يقول:
- عمليات.. قناع العمليات.

استدار إليه الكل مرة أخرى في توتر، في حين انتبه "أمجد" فجأة إلى ما يعنيه هذا..

وفي اهتمام بالغ، اتجه نحوه، يسأله:
- القاتل كان يرتدي قناع عمليات جراحية يا سيِّد "مندور".. أليس كذلك؟!

تطلَّع إليه "مندور" بشروده التقليدي، وهو يقول:
- عمليات.. طبيب.. قناع.

كلمات متفرعة، فهم منها "أمجد" الكثير..
والكثير جداً..

وفي ثقة، عاد يواجه الأطباء الأربعة، قائلاً:
- الأمر واضح للغاية.. الذي ارتكب الجريمة طبيب، كان يرتدي زي العمليات الجراحية.

غمغم الدكتور "جلال" في عصبية:
- عديدون يرتدون ذلك الزي، في هذا الطابق بالذات، حيث توجد ثلاث حجرات للعمليات الجراحية.

ابتسم "أمجد"، قائلاً:
- الأمر ليس بالبساطة التي تصفها.. صحيح أنه ربما ترى العديدين في الزي الجراحي، في هذا الطابق، ولكننا نبحث عن طبيب محدد، يعرف الكثير عن مرض "الزهايمر" وكان يجري عملية جراحية، قبل الجريمة مباشرة.

وعاد يدير عينيه في وجوههم، مضيفاً في صرامة:
- السؤال إذن هو: من منكم تنطبق عليه هذه الأوصاف؟!

لم يكن بحاجة إلى جواب مباشر، فقد اتجهت العيون كلها مباشرة إلى الدكتور "جلال"، الذي قال في عصبية:
- هذا ليس دليلاً.

سأله "أمجد" في صرامة:
- هل تعتقد هذا؟!

هتف "جلال" في حدة:
- بالطبع.. عمليات المخ لا يجريها طبيب واحد، أو حتى طاقم جراحي بسيط، وهذا يعني أن لدي أكثر من عشرة شهود، على تواجدي في حجرة العمليات.

هزَّ "أمجد" كتفيه، قائلاً:
- وماذا بعد خروجك منها؟!

أجابه في عصبية:
- لقد عدت إلى حجرتي مباشرة.

قال "أمجد"، ملوِّحاً بسبَّابته في وجهه:
- الجريمة لم تستغرق سوى لحظات قليلة، وحجرتك في نفس مستوى حجرة الدكتور "ثروت"، ويمكنك أن تنتقل منها إليه، عبر الشرفة المشتركة، فتطلق النار على رأسه، وتعود إلى مكتبك في أقل من نصف الدقيقة، دون أن يشعر أحد بغيابك.

احتقن وجه الدكتور "جلال" في شدة، وهو يقول:
- والدافع.. ماذا عن الدافع أيها العبقري؟!

وهنا، اندفع "سمير" يقول في حماس:
- أنا أعرف الدافع.

تضاعف احتقان وجه الدكتور "جلال"، وأطلَّت من عينيه نظرة مذعورة، و"أمجد" يتساءل في لهفة:
- وما هو؟!

أشار "سمير" بسبَّابته، قائلاً في حماس أكثر:
- المستشفى الخاص.

هتف الدكتور "جلال":
- أي سخف هذا؟!

ولكن "سمير" تجاهله تماماً، وهو يواصل:
- الدكتور "ثروت" كان غاضباً للغاية، عندما عرف أن الدكتور "جلال" يمتلك مستشفى خاصا، وأنه يسعى طوال الوقت للاستيلاء على مرضى المستشفى هنا، ونقلهم للعلاج في مستشفاه الخاص.

تألَّقت عينا "أمجد"، وهو يتساءل:
- وماذا كان رد فعله؟!

هزَّ (سمير) كتفيه، قائلاً:
- لقد قرَّر إبلاغ الجهات القانونية.

والتقط "أمجد" نفساً عميقاً..

فمع معلومة كهذه، بدا وكأن الجريمة قد انكشفت في وضوح..
وأن القاتل قد سقط..
و..

ولكن الدكتور "جلال" قطع سير أفكاره، وهو يقول في عصبية شديدة:
- مجرد تهديد أجوف.. للاستهلاك الداخلي فحسب.. من المستحيل أن يبلغ الدكتور "ثروت" الجهات القانونية بهذا.

قال "سمير" في حماس:
- لأنك قتلته.

أجابه الدكتور "جلال" في حدة:
- بل لأنه كان شريكي السري، في ذلك المستشفى الخاص.

وكانت مفاجأة جديدة..
أكثر عنفاً.

* * *