حسين علي الهنداوي ( في ذاكرة الإبداع )

حينما تتراقص الكلمات بثياب سحرية تتحول الحروف إلى حوريات عذراء تلامس بشفافية الصمت قطرات الماء البحر المتقاذف على شواطئ الحياة 0
و حينما تنطلق الذاكرة الإبداعية إلى أعالي السماء بحثاً عن السحر الإنساني تتهامس حروف الإبداع معلنة عن بداية وعد جديد 0
انطلاقة بعد تحفز طويل و كلمات تحمل على بساط ريحها أفاقاً متمثلة بواحة من الإبداع الأدبي 0
بين الشعر و القصة و الدراسات النقدية تتماوج كلمات الحب و الشوق و تضع رحلها في واحة الأدب الخالد الذي ترسمه آفاق الكلمة الحرة البعيدة عن الإنحيازات الشخصانية 00 شاعر يمتلك إرثاً ثقافياً و يختزل الحروف ليصنع أغنية يتماوج لحنها على بحر الحياة المتقاذف الأمواج في زمن صعب تستعصي فيه الكلمات على اللسان و تستقصى فيه خطوات الباحثين عن الخلود الأبدي 0
في واحة الشعر و بين نخيل المجموعات الشعرية ( هنا كان صوتي وعيناك يلتقيان )
و ( أغنيات على أطلال الزمن المقهور ) و ( هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير )
و ( القدس ليست فاصلة ) و ( هذه الشام لا تقولي كفانا ) تنبثق عرائس البحر حاملة معها أصدافاً شعرية مكنونة بالحب الإنساني و الوطني و الترابي و مبرقة بلؤلؤيتها
حكايا تحمل على عاتقها سيزيف الوطن الذي مازالت صخرته تتدحرج بحثاً عن الخلاص الإنساني 0
لأني كنت قريباً من النار
أنت احترقت
لأني كنت بعيداً من الثلج
أنت اشتعلت
على جمر صوتك
كانت طيور النوارس
تهجس حقداً
وحزناً
وموت
ضحكنا جميعاً وأنت بكـــيت
هربنا جميعاً و أنت استويت
أيا ومضة الجمر
و الخمر
و التمر
قل لي لماذا بكيت ؟؟؟
وها قد تلوّنتَ في الصمت
وها أنت في زحمة الراحلين عبرت
سيمفونية رائعة تعزفها أنامل الشاعر على أوتار الواقع الرديء الذي يستعصي على المترجلين هذه الأيام و كأنما هذا الحوار الذي يتجاذب أطرافه لاوعي الشاعر هو صعقة الوطن الهارب من الذاكرة هو حفيف أشجار واعدة و سقسقة مياه رافدة و انطلاق نحو رؤية جديدة تبحث عن الوطن في الذات و عن الذات في الوطن حالة اغتراب داخلي تجهش بالبكاء و تتلون في الصمت ليعبر الوطن أخيراً في زحمة الراحلين 0
ناهيك عن مئات الدراسات النقدية التي فتقت كثيراً من النصوص الأدبية و التي ما تزال ترسم خطاً بيانياً من المحيط الأطلنطي إلى بحر العرب تعبر آفاق الشعراء و الشواعر الذين نسجوا من دمائهم قطرات الوعد الشعري و للقصة بوح في ذاكرة الشاعر تتعربش فيه الحروف لتصنع من الأحلام غداً جديد و تصنع من ورق التوت الذي اقتبس منه الشاعر العنوان ( شجرة التوت ) غطاءاً جديداً لإنسانية ما تزال تكشف عن عوراتها الكثيرة و على إيقاع النبض الدافئ تأخذنا الكلمات إلى عالم المسرح السيمفوني الذي يصور واقع الصراع فالمسرح الواقعي هو جزء من شخصية الشاعر يرسم من خلاله ما تنبض به ذرات التراب الإنساني
بين بوح الحروف و قلب الشاعر صهيل يتأجج بأغنيات واعدة تبحث عن مرفأ تحط عليه نوارس الكلمات 0
وهل تحب أن تعبر ذاكرة الشاعر على مساحة واسعة من الحب و الخير و العطاء آفاق إنسانية تحمل في عبقها رحيق اللقاء الإنساني 0