الصوت المزمجر
لا سيـفَ عنـديَ لا دروعــاً أرْتَــدِي
شعريْ سلاحيَ كالمَدَافِـع ِ فـي يَـدِي
دبّابـتـي قَلَـمـي و جَيـشِـيَ أحْـرُفِــي
و ذَخِيرتـي و البـارجـاتُ قصـائِـدِي
قصفـي دمــارٌ و المـجـازرُ حرفـتـي
إعصـارُ نـار ٍ مـن جهـنَّـم ِ مَـوْقِـدِي
جهَّزْتُ للحـربِ الضَّـرُوس ِ عِتَادُهـا
فَتَهَيَّـئُـوا هــا قــدْ أتـيـتُ لـمـوعِـدِي
لـن أستريـحَ سـوى بـدكِّ حصونكـمْ
فَدَمَـارُكـم عـيـديْ و فـيــهِ تَـجَــدُّدِي
آن الأوانُ لـكــي أوجَّـــهَ ضَـرْبَـتِــي
ليعـودَ طُهـرُ الخاشعـيـنَ لمسـجِـدِي
أَيْ يـــا فـلاسـفـةَ الـمــدادِ تـقـدًّمـوا
هــل بينـكـمْ مــن قـامــع ٍ لِـتَـمَـرُّدِي
هـــل بيـنـكـمْ قـلــمٌ بـحــدٍّ صـــارِم ٍ
أم أنّـهــا جَـبُـنَـتْ أمــــامَ تَــوَعُّــدِي
سفـهـاءُ أنـتــم و الـتـخـاذلُ ديـنـكـمْ
متشـاعـرونَ و تعـبـثـونَ بمـعْـبَـدِي
سيسـجـلُ التـاريـخُ لحـظـةَ مـوتـكـم
و سيشهـدُ التاريـخُ لحظـةَ سُـؤْدَدِي
أنـا مـنْ إذا قلمـي تسامـى وارتـقـى
يعلـو كنجـم ٍ فـي السمـاء ِ فيهْتَـدِيْ
من ضلَّ عن درب ِ السواء ِ بجهله ِ
و لـضـلّ دهــراً غـيـر أن بـمـولـدي
لعـن الظـلامُ و كـلُّ أسـبـابِ العـمـى
فغدوتُ شمسـاً رغـم أنـفِ المُعْتًـدِي
و أنـا الـذي فــي صمـتـهِ و حديـثـهِ
معنىً و مغزىً حين يُفْهَـمُ مَقْصَـدِي
أمـا الغـريـقُ ببـحـرِ حـمـق ِ بَـلاهـةٍ
و الناعقـونَ كمـا الـغـرابِ الأسْــوَدِ
فــأولاءِ فــي دَرَكِ الغـبـاءِ مُقامُـهـمْ
أبــداً ولــن يصـلـوا لمـيـنـاءِ الـغَــدِ
يا من تظـنُّ الشعـرَ محـضُ تفاهـة ٍ
رصـفٌ و طَلْسَمَـةٌ بإسقـاط ٍ صَــدِيْ
الـشـعـرُ إحـســاسٌ و فــــنٌّ خــالــدٌ
يأتـيـكَ عـذبـاً مــن صـفـاءِ الـمَـوْرِدِ
يأتيـكَ مـثـلَ النـخـل ِِ طلـعـاً باسـقـاً
من عمق ِ حزن ٍ أو جَمال ِ المَشْهَـدِ
الشعـرُ يـا هـذا كتائـبُ فـي الـوغـى
حينـاً و حينـاً مـثـلُ ريـحـان ٍ نَــدِي
و لـئـنْ تـأثَّـرَ مـــا أُصِـيــبَ بِـجُـنَّـةٍ
و لـئـنْ تَعَـثَّـرَ فـهـو لـيـسَ بِـأًرْمَــد ِ
لـكـنّـهـا الأيـــــامُ تـصــقــلُ حـــــدَّهُ
لـتـرصِّـعَ الـمـجـدَ الـتـلـيـدَ بـأمْـجَــدِ
يا أيها الصوتُ المزمجـرُ فـي دمـي
يا سيدي يـا عشـقَ روحـيْ الأوحَـدِ
اقبلْ خضوعيَ عنـد عرشـكَ خادمـاً
دعنيْ ببـرْق ِ سيـوفِ عِـزِّكَ أهْتَـدِي
خذنـيْ فـإنـيَ فـيـكَ لـسـتُ بطـامـع ٍ
لا شــــيءَ إلا بـالــعُـطاءِ تَــفَـــرُّدِي

قراءة انطباعية لنص ( الصوت المزمجر )
للشاعر : هيثم اللحياني - السعودية

عندما نبحر في أشرعة الكلمات ومداراتها اللامتناهية تأخذنا الحروف ببصمتها إلى مجهر يحلل لنا الصور
و الأفكار و الرؤى أمام الحديث و الجديد منها فيلقي بأشعته المرســــــــلة إلى مفردات النص نتلمس بوح الشاعر في تشكيلاته الفنية التي تجاري صناعة الشعر في شعر طرفة و المتنبي و أبي النواس و إسقاطاته المجازية التي ترتكز على وجود واقعي لشاعر يبحث عن نفسه بين أروقة الزمن فيســـكب لحنه على جدران الحياة قصائد عشق تمنحه صيرورة البقاء فتغدو القصيدة معلقـــة على جــــدران القلب تنبض بدفء العيون و تكتب بمداد المحبة وتنفح بريح الاعتزاز بالنفس00 قصيدة تشربت من طموحها ألق الكبرياء :
لا سيف عندي لادروعأ أرتدي شعري سلاحي كالمدافع في يدي
دبابتي قلمي و جيشـــــي أحرفي و ذخيـرتي و البارجات قصائـدي

بين الصورة التي يصاهل سيفها المداد ودروعها حروف الشمس التي تبحر في أروقة الشـــــموخ لترتدي أحرف الشعر سلاحا تأخذنا هذه الصورة إلى ظلال بؤرة ضوئية في انعكاس قزحي يلون النفس بلغة تتعدى الحروف :
أي يا فلاسفة المداد تقدموا هل بينكم من قامع لتمردي

لتنطلق إلى مسامات الواقع و كأننا نصغي للمتنبي وهو يبرق لنا رسالته التي عاتب فيها سيف الدولة بقوة وجزالة و بافتخاره بشعره :
سأصب في سمع الرياح قصائدي لا أرتجي غنما ولا أتكـــــسب
و أصوغ في شفة السراب ملامحي إن السراب مع الكرامة يشرب

وتبقى لغة الحروف تشعل أتون جمرها فتجهز عتادها المأمول بقوافل الكلمات المفعمة بروح الاعتزاز بالنفس ورمز التحدي الصوري ( فتهيئوا ) و كأن الشاعر أعد عدته وجهز نفسه لساعة الحسم في مدارات تبحث عن صيرورة النفس لمعركة تدور على رحى السجال الشعري فتطحن الكلمات كل ما هو بائد منها وتسجل شعاعا للشمس يبرق بزغردة النصر التي تعتلي أروقة النهار :
هل بينكم قلم بحد صارم أم أنها جبنت أمام توعدي

وهنا يكبر الانكسار الحسي الذي يعتري الشاعر في بؤرة الضــــــــــوء لينقلنا إلى دهاليز النفس التي تجيد التلاعب بأبجديات الجمال المقنع فتقف بعنفوان أمام فلاسفة المداد لتلقي بوحها بنداء توجيهي يمثله حرف النداء ( أي ) الذي يجعــل البعيـــــد قريبا و يحول المنادى البعيد إلى حقيقة ماثلة أمام هذا النداء و لتلقي على أروقــة النص نفي وجود الأقلام الصادقة و الذي جاء بصورة الاستفهام( خروج الاســـتفهام من معناه الحقيقي إلى النفي = هـــل بيـنـكـمْ قـلــمٌ بـحــدٍّ صـــارِم 0000حقاً كما يقول الشــــــــاعر تلاشت كل الأقلام الصارمة هذه الاســـــــتفهامية تبحث عن مرفأ في شواطئ التحدي من خلال (أم ) المعادلـــــــة التي تقر بجوابـــــها ( أم أنها جبنت أمام توعدي ) 0
الـشـعـرُ إحـســاسٌ و فــــنٌّ خــالــدٌ يأتـيـكَ عـذبـاً مــن صـفـاءِ الـمَـوْرِدِ
يأتيـكَ مـثـلَ النـخـل ِِ طلـعـاً باسـقـاً من عمق ِ حزن ٍ أو جَمال ِ المَشْهَـدِ
الشعـرُ يـا هـذا كتائـبُ فـي الـوغـى حينـاً و حينـاً مـثـلُ ريـحـان ٍ نَـــــدِي
و لـئـنْ تـأثَّـرَ مـــا أُصِـيــبَ بِـجُـنَّـةٍ و لـئـنْ تَعَـثَّـرَ فـهـو لـيـسَ بِـأًرْمَــــد

شـــــــاعر تبدو ثماره اليانعة على نخل القصيدة الباســــــق و على طلعها النضيد حيث عمق الألم و المعاناة و الإحساس بروعة الجمال و الموت و الحق 0
يا أيها الصوتُ المزمجـرُ فـي دمـي
يا سيدي يـا عشـقَ روحـيْ الأوحَـدِ
اقبلْ خضوعيَ عنـد عرشـكَ خادمـاً
دعنيْ ببـرْق ِ سيـوفِ عِـزِّكَ أهْتَـدِي
خذنـيْ فـإنـيَ فـيـكَ لـسـتُ بطـامـع ٍ
لا شــــيءَ إلا بـالــعُــلَاءِ تَــفَـــرُّدِي
نحن إذاً مع شاعر و نص شــــــاعر تكتنفه جبهات المجد و نص يتمثــــــــل فيه الصوت الشـــــــعري الواعد ( هيثم اللحياني ) شاعر يستحق القراءة و صوت
يحمل معاناة الحياة و الكون و الإنسان 0