الجرحُ في القلبِ و الآهاتُ مـن قَلَمِـي
و لستُ أشكـوا و لا أخشـى مـن الألَـمِ
و لـسـتُ مـمـنْ إذا زادَ الـعـذابَ بَـكَـوا
لكننـي صامـدٌ و الصـبـرُ مــنْ شِيَـمِـي
بـل إنَّ فـي الصـدرِ نيـرانٌ لـهـا لَـهَـبٌ
تكوي فـؤادي بسيـل الجمـرِ و الحِمَـمِ
و اللـيـلُ يــا قاتـلـي يـهـوي بأزمِنَـتِـي
يجتاح روحي بجيـش الويـلِ و الظُّلَـمِ
أيـا زمانـي مـتـى الأحــزان تهجـرُنـي
حتَّامَ هـذا الأسـى يجـري علـى قَدَمِـي
يا راحلاً هل علمـت اليـوم عـن تَعَبِـي
أم لست تدري فأنـتَ اليـومَ لسـتَ هَـمِ
يا راحلاً لو علمت اليـوم عـن وَجَعِـي
لـعـدت لــي قـبـل أنْ يغتالـنـي سَقَـمِـي
ويـلاهُ يــا قـلـبُ لا تبـكـي عـلـى طَـلَـلٍ
كلُّ الذي قد مضى أضحـى مـنَ العَـدَمِ
يــا قـلـبُ لا تبتأسْ..هـيـا بـنــا قُـدُمــاً
و اتركْ سنيناً مضتْ بالسهدِ و السَّجَمِ
فالليـلُ مهمـا جــرى ظلـمـاً بِـأَوْرِدَتِـي
مـا نـال منِّـي إذا مـا النـورُ كـانَ دَمِـي
يــا قـصَّـةً مــا فـتـأت العـمْـر أكتُـبُـهَـا
سطَّرتـهـا لـوعـةً فــي صفـحـةِ الـنَّـدَمِ
فـي بدئـهـا غـربـةٌ و الـمـوت آخـرُهـا
ريــحٌ عقـيـمٌ بـهـا فـيـضٌ مــنَ الـنِّـقَـمِ
وا حسرتـاهُ علـى شمسـي إذا غَـرَبَـتْ
و الويل لي من جحيم الذنـبِ و اللَمَـمِ
ربـاه يــا راحـمـاً أنْ أنــتَ لــي أَمَـلِـي
أنـزلْ علـى مسـرفٍ طهـراً مـن الـدِّيَـمِ
غوثـاً مغيثـاً يسـاقُ اليـوم فــي عَـجَـلٍ
و اغسـل بـهِ حوبتـي يـا مسبـغ النِّعَـمِ
و اللهِ مـا لـيْ علـى الأيـام مــن عَـتَـبٍ
لـومـيْ عـلـى خـائـنٍ مــا بــرَّ بالقَـسَـمِ
أوَّاه يـــا مــوعــداً مــــازال مُـنْـتَـظِـراً
يرجـو حيـاةً لمـا قـد مـات فـي الرَّحِـمِ
صـبـراً جمـيـلاً غــداً ميـلادنـا و غـــدا
عـــودٌ لـعــزٍّ و أمـجــادٍ عـلــى الـقَـمَـمِ
بـشـراك بـشـراك إنَّ الـلـيـلَ مُـنْـصَـرِمٌ
أطـربْ فـؤاديْ و أسمعنـيْ مـنَ النَّـغَـمِ
أنشـد و غـرِّد فـإن الصبْـح ذو طَــرَبٍ
و قــل لـهـم إنـنـي نــارٌ عـلــى الـعَـلَـمِ
آمـنــت أنــــي أنــــا لـلـمـجـد تــوأمــهُ
و اسمي هناك اعتلى فـي قمـة الهَـرَمِ
تبحر الكلمات مع الأشـــــــــرعة و تبقى الحروف تضع البصمة فوق الجراح توقد لهيبها وتصنع من آهاتها حبر القلم لتضيء شكواها التي استرسلت من زاد العذاب وكتم الأشواق لتصبر على شوقها المتوقد وجمرها الدفين بين ضلوع الشوق وأجنحة المحبة 00 السيل لا يطفئ جمرها و لا يسكن لهيبها 00 نبحرمع الشاعر هيثم اللحياني مع الكلمة التي تنبع من القلب لتسكن القلب عبر سيكولوجية الروح النابضة بحــــرارة الأفئدة ومدارات اللاوعي تختصر المسافة لتبوح بأروقة الصمت عن وجع يسكن العيون ويســــتقر في شبكيتها أما البعد المحرقي فما زال يسافر في الشرايين يقلب الصورة على أنسجة الدماغ يســـــائل الأحزان عن الهم 00عفواً الوهم الذي يخالط المشاعر لتنطلق الكلمات تصدح :
الجرحُ في القلبِ و الآهاتُ مـن قَلَمِـي
و لستُ أشكـوا و لا أخشـى مـن الألَـمِ
و لـسـتُ مـمـنْ إذا زادَ الـعـذابَ بَـكَـوا
لكننـي صامـدٌ و الصـبـرُ مــنْ شِيَـمِـي
بـل إنَّ فـي الصـدرِ نيـرانٌ لـهـا لَـهَـبٌ
تكوي فـؤادي بسيـل الجمـرِ و الحِمَـمِ
و اللـيـلُ يــا قاتـلـي يـهـوي بأزمِنَـتِـي
يجتاح روحي بجيـش الويـلِ و الظُّلَـمِ
فمن جــــــراح الروح إلى آهــــــات القلم وأي بعد في هذا المـــــدار الذي يســيطرعليــــه العذاب النفســــــي و لا يتمازج بالبعـــد الأخــــــــر وهو العــــــذاب الجســـــــــدي
(و لستُ أشكـوا و لا أخشـى مـن الألَـمِ )
(و لـسـتُ مـمـنْ إذا زادَ الـعـذابَ بَـكَـوا)
تتوقد الكلمات في فرن العشـــــــق لتكوي الفؤاد بحممهـــــا ولكن العاشـــق الولهان يأبى الدموع لأن زاده الصبر على صبـــــــــره الذي يتعالى بين حناياه 000
(لكننـي صامـدٌ و الصـبـرُ مــنْ شِيَـمِـي
بـل إنَّ فـي الصـدرِ نيـرانٌ لـهـا لَـهَـبٌ
تكوي فـؤادي بسيـل الجمـرِ و الحِمَـمِ )ولعل النفس المظلمة التي توقد أنينها بسراج الليل ولا تجد الفتيل لتشعل برهة الضوء على شـــرفاتها تكدس الأزمنة بجيوش الويل التي تجتاح النفس بجيوش الويل تحت وطأة الظلمة و الظلم 000 هنا ارتباط عضوي بين الشاعر و الليل فالسواد يطغى على الليل كما هي النفس المظلمة التي تسرج من أناتها ســــــواد العذاب و زفرات الويل الصورة الضبابية التي يكشفها الشــــاعر عن خيوط ذاته المتألمة تحيك لنا من أوجاعه قصة تسكن الطفولة لتوقظ هاجسها بأسئلة الزمن :
أيـا زمانـي مـتـى الأحــزان تهجـرُنـي
حتَّامَ هـذا الأسـى يجـري علـى قَدَمِـي
يا راحلاً هل علمـت اليـوم عـن تَعَبِـي
أم لست تدري فأنـتَ اليـومَ لسـتَ هَـمِ
يا راحلاً لو علمت اليـوم عـن وَجَعِـي
لـعـدت لــي قـبـل أنْ يغتالـنـي سَقَـمِـي
من فراغ الروح إلى أجنحة العتب تسري الكلمات و تتوه الأحرف على الشفاه علها تجد الطريق من هجــــرة الأحزان إلى سكن القلوب ومن رحيل الأحبة إلى تعب الدروب وتبقى الكلمات الغائبة الحاضرة تستودع القلب فلو يعلم الأحبة بمايسكن القلب من وجع لعدلوا عن رحيلهم وهنا يصور لنا بلاغة الموقف بتجســـــــيد العودة و ارتباطها المجازي ( قبل أن يغتالني سقمي ) 00 ندرك أن البوح النفسي يماشى أفقيا في رســـم الصورة و انطباعها الذاتي ولكن المشاعر المفرطة التي يبوح بها الشاعر بعيدا عن أطلال الأحبة يكتب لنا قصته مع الليل و يحفرها على الأوردة وشماً
يدل على نفسيته المتعبة و عناءه المستمر من أجل الوصول إلى هدفه و لكن الضوء بعيد و المنارة عاليـــــه و الدروب تشعل أيقونتها بالسفر وعلى المدرات تبقى أسئلة البوح تنبت في الخلايا فتوقظ لهيب القلم :
ويـلاهُ يــا قـلـبُ لا تبـكـي عـلـى طَـلَـلٍ
كلُّ الذي قد مضى أضحـى مـنَ العَـدَمِ
يــا قـلـبُ لا تبتأسْ..هـيـا بـنــا قُـدُمــاً
و اتركْ سنيناً مضتْ بالسهدِ و السَّجَمِ
فالليـلُ مهمـا جــرى ظلـمـاً بِـأَوْرِدَتِـي
مـا نـال منِّـي إذا مـا النـورُ كـانَ دَمِـي
يــا قـصَّـةً مــا فـتـأت العـمْـر أكتُـبُـهَـا
سطَّرتـهـا لـوعـةً فــي صفـحـةِ الـنَّـدَمِ
فـي بدئـهـا غـربـةٌ و الـمـوت آخـرُهـا
ريــحٌ عقـيـمٌ بـهـا فـيـضٌ مــنَ الـنِّـقَـمِ
غربة النفس و لوعتها كيونة تبحث عن المفردات لتخط لواعجها و أما الريح العقيمة التي تفيض بمشاعر لا أتفق مع الشاعر على تسميتها بهذا الاسم ( النقم ) لأن الأوردة التي تعرف العشــــــق لا تعــــرف إلا براءة الياسمين و نقاوة القرنفل مهما فعلت المعشوقة ، لأن اللغة الســــامية تبقى غذاء الروح 00 تتقاطع الأبعاد النفسية في مدارات الحدث و تزداد مساحة الإختناق اللغوي :
وا حسرتـاهُ علـى شمسـي إذا غَـرَبَـتْ
و الويل لي من جحيم الذنـبِ و اللَمَـمِ
ربـاه يــا راحـمـاً أنْ أنــتَ لــي أَمَـلِـي
أنـزلْ علـى مسـرفٍ طهـراً مـن الـدِّيَـمِ
غوثـاً مغيثـاً يسـاقُ اليـوم فــي عَـجَـلٍ
و اغسـل بـهِ حوبتـي يـا مسبـغ النِّعَـمِ
في جموح حرف نداء مختصًّا بالنُّدبة ( وا حسرتاه ) تغرب الشـــــمس في النفـــــس المعذبة وتترك بصمات الضوء في شعاعها زفرات تجتاز المسافة بوميض المناجاة ( رباه يا راحماً أن أنت لي أملي ) وأما النفس اللاهثة تبحث عن الأوكسجين الذي ينعش الجسد طالبا الغوث في عجل مبرزا لنا معالم الحدث
( واغسل به حوبتي يا مسبغ النعم ) 0
و اللهِ مـا لـيْ علـى الأيـام مــن عَـتَـبٍ
لـومـيْ عـلـى خـائـنٍ مــا بــرَّ بالقَـسَـمِ
أوَّاه يـــا مــوعــداً مــــازال مُـنْـتَـظِـراً
يرجـو حيـاةً لمـا قـد مـات فـي الرَّحِـمِ
صـبـراً جمـيـلاً غــداً ميـلادنـا و غـــدا
عـــودٌ لـعــزٍّ و أمـجــادٍ عـلــى الـقَـمَـمِ
بين ثنايا المفردات وخفايا الحروف يكمن ضوء العتب المنبعث من مرايا النفس يلقي أحماله على الأحبة وأما عربة الموعد فما زالت تبعث انتظارها المتوقد في رحم يفقد الولادة وذاكرة لا تملك إلا الصبر تؤطره بميلادها الجميل عنوانا للعز و الأمجاد 00
نسبر المفردة والذاكرة الملتهبة بالعشق ومن أنفاس الشاعر نتذوق طعم الحنظل للوجــــه الآخر صورة قاتمة ودموع نادمة وقاموس يبحث عن مفردات الحدث ليسبغها بلون المرارة يمتشــــق من الصورة صدى الأنفاس المتعبة التي تبحث في أورتها عن صهوة البوح و كينونة الذات
بـشـراك بـشـراك إنَّ الـلـيـلَ مُـنْـصَـرِمٌ
أطـربْ فـؤاديْ و أسمعنـيْ مـنَ النَّـغَـمِ
أنشـد و غـرِّد فـإن الصبْـح ذو طَــرَبٍ
و قــل لـهـم إنـنـي نــارٌ عـلــى الـعَـلَـمِ
آمـنــت أنــــي أنــــا لـلـمـجـد تــوأمــهُ
و اسمي هناك اعتلى فـي قمـة الهَـرَمِ
هنا يجدد الشاعر نسغ الحياة ويرسم من لوحته بياض الياسمين ( بشراك بشراك إن الليل منصرم ) وهي صورة تتمازج مع صورة أبو القاسم الشابي :
( ولا بد لليل أن ينجلي ) فنكتشف أن الشاعر أفاق من أوجاعه التي انجلت مع الليل ولهفته التي تخطـــت الأنين و العذاب إلى الطرب مما جعل منها قيمة تعبيرية عن كينونة النفس التي أصبحت تنشد الصباح لتختزل مسافة البوح بطربها وأما كينونة الذات تتعالى لدى الشاعر في قيمه التعبيرية التي تلتقي مع شـــــــــــاعرتنا الخنساء بقولها :
و إن صخراً لتأتم الهداة به كأنه علم على رأسه نار
وكما يقول المثل ( أشهر من نار على علم ) عبارات من معين التراث يصوغها الشاعر بأســــــلوبه وتبقى جماليات اللغة كما يقول الشاعر الدكتور حمد العصيمي
لــكـــنّ جــســمــي بـــــه نـــفـــسُُ وغــايــتــهــا
امّــــــا الــمـــمـــــــــات وامّــــــا قــــمّــــة الــــهـــــــــرم ِ
إن لـــم يــكــن هـــرم الـعـلــيــاء مـنــزلــتــي
فـــلا مــشـــــــــت بـــي إلى درب الــعـــــــلا قــدمـــــــي
وتبقى صكوك النقد تمحص المفردات تبحث بين تثاياها عن ذائقة ابداعية تنقلنا من جمالية المفردات إلى تجربة ذاتية يعيشها الشاعر منذ الطفوله لتصبح تجربة موضوعية يُصر فيها الشاعر على تحقيق طموحه مبرزا الذات المؤطرة بحزنها وهنا أستذكر أبيات للشاعر سمير العمري :
دع عنك قهري يا زمان فإنني أمضي وخطوي راسخ أركانا
أنا لست بالجافي ولا أنا بالذي بدأ الجحـــود و أثـــر النســيانا
إن الزمان لم يحقق للطامحين إلا النزر القليل و تبقى ذاتية الشاعر هيثم اللحياني تبحث عن الطموح في المساحات الواسعة لترسم الأمل على مساحتها البيضاء