في الصباح التالي لليلة التي أيقنت فيها افتراقنا – رغم انقضاءِ مدةٍ طويلةٍ عليه – كان استيقاظي ليس كغيره من الصباحات، و كأنني لم أرد الاستيقاظ أصلاً، كان الخريف صباحها يلفظ آخر أنفاسه وغيومٌ سوداءَ وأمطارٌ وأصواتُ رياح تبشر بقدوم الشتاء، كنت أيضاً ألفظ أنفاساً ثقيلة أحسست بها تخرج للمرة الأولى بعد خروجكِ من حياتي، صادف رحيلك رحيل الخريف وولادة الشتاء بغيومٍ سوداءَ صادفت أيضاً ولادة حزن أسودٍ جديد وعمرٍ عاصفٍ جديد، كأنني كنت أهرب لا إرادياًّ إلى نومي خوفَ أن أفتح عينيَّ على واقع أجهلهُ ولا أعرفه، واقعٌ لم أفكر به يوماً ولم أتصور أنني سأصله، وأحاول أن أغوص في نومي قدر ما استطعت وأضم لحافاً أبيضاً كم لجأت إليه هارباً.
غريبٌ هو حال الضرباتِ المؤلمةِ معي، غريبٌ أنني لا أستطيعُ تصديقَ وقوعها أو أنها كانت ممن تأتي منهم ولا أشعر بها إلا متأخراً وبعد فترةٍ منها، آلامي التي تنتج عنها لها وقع مختلف كما اختلاف مكانةِ أصحابها في قلبي وكما حال أصحابها فلكلٍّ شخصية مختلفة وطريقة مختلفة في رحيله وإحداث الألم، غريبة هي الضرباتُ الموجعة كيف تغوص بداخلي ولا تترك جزءاً مني دون أثرٍ لها فيه.
مجبراً.. أيقظتني الستائر تمرُّ فوق وجهي تنبهني ألا مفر، كان يخترق الصمتَ من حولي صوت يغني "رميت الورد طفيت الشمع... " لكن الغريب أن الورد هو من رماني يا حليم، جلستُ على الكرسي الذي نسيتُ جسدي عليه ليلاً و أنا لازلتُ أتساءل... انتهينا؟ هل فعلاً؟! وبهذه السخافة وبهذه السهولة؟!!! هل صارت مكانتي رخيصة إلى هذا الحد؟؟؟!!! هل التخلي عني سهل بهذه الطريقة؟؟!!! أم هي فترةُ جفاءٍ كغيرها و نعود؟؟ ينتابني إحساس ينفي كل شكوكي، طريقة رحيلها واللؤمُ الذي تحتويه والأملُ الضائعُ بين متاهاتِ حياتي وخفايا تلهبني تكوي روحي حرقة وعجباً لا ندماً، وأعود أفكرُ... و أتوه..

أليسَ من الظلمِ أن يجرحكَ ذاتَ الشخصِ الذي داواكَ يوماً ؟؟؟
أليسَ من المميتِ أن تتألمَ دون معرفة السبب ؟؟!!
صرتُ أخشى التعلق بأتفهِ الأشياء و لو ملكتها خشية أن أفقدها..
صرتُ أخشى مشاعري
صرتُ أخشى حتى زفرةَ الشجون ِ
كم هو سخيف أن نقضيَ خمس سنواتٍ ندور في نفس الحلقة ونتحدث في نفس المواضيع
أكثر ما يؤلمني أن اسمكِ مرتبط بكل ما حولي
أظن أن حماقة ارتـَكـَبْـتـُها يوماً لن تنفك عن ملاحقتي...
أظن ألماً بقلبي قد تمرد.. لن يطفأه سوى موتي
صعبٌ أن تصف الكلماتُ ما أنا فيه
صعبٌ... قد قتلتِ إحساسي
باتت رؤية الورد تؤلمني... صدقاً باتت رؤية الورد تؤلمني