القبوُ والجدارُ
سأمرّ ثانيةً على
ماكانَ ممنوعاً عليّ, أغافل الحرّاسَ
أقرأ فوقَ أعينهم أناشيدَ النعاس ِ
هم الضحيّة قبلّ من نزلوا ظلام القبّو ِ
هم ظلُّ السجين ِ على الجدارْ
والقبّوُ يوصلنا إلى شبح ِالهراوةِ والجسدْ
وعلى مفخخة ِ الصباح ِ
أرى رفيفَ الطير ِينثرُ ريشهُ فوق الرصيف ِ
ولا رغيفَ يمدُّ إصبعَه لطفل ٍ جائع ِ
والماءُ منشغلٌ بقطّرته الوحيدة ِ
كيفَ تحتالُ ابتعاداً عن فم ٍ عَطِش ٍ
وهذا الماءُ مائي
والحصارُعلى الأمومة ِ و الولدْ!
سأمرّ منتعلاً ثرى وطني
ونعبرُ ثقبَ ابرتنا
وشارات المرور ِ بلا انطفاءْ
حريتي أعلى كثيراً من متاح ِالغيم ِ في هذي السماءْ
والعدلُ ينصبُ في شوارعنا كمائنَه لكلِّ مواطن ٍ
ويشدّهُ –غصبا-ً بحبل ٍ من مسدْ
سأذهبُ إلى آخر ما تبقى لي في هذا القبو
ربما يتسطّحُ ويمتدُّ سقفُه المكوّرُ الخفيضُ
بفعلِ سطوعِ شمس ِالثبابِ/البقاءِ/ الصمودْ
وهذه الأبجدية لا تمنح المواطنة ل " ربما"
إلا إذا كانت ملزمة بالترويضِ والقبول ِ
بما ترتئيه الإرادة
سيطلُّ الفجر من نفق الليل ِ البهيم ِ
ويعود لمواطنته الدائمة فوقَ هذا السقفُ الممتدُّ
حتى أقاصي الحدود الهابطة من ألواح الخليقة
ولا شيء هنا يملأ قبضة الروح ِ
إلا ما يجدّل ضفائر شمس النهار ِ
أو الامتلاءُ
بدم الوردةِ لحظة الشهادة
هما الماء في الحقول ِ
وهواء الثبات في شهيق ِ العاشقينْ
وهما ما يدلّ علينا في مسقط الروح ِ
وتمردها على مقصلةِ الانقراض ِ
ولا بياضَ في هذا الكفنْ
أحمرٌ مخضبٌ بالمسك
ِ حتى قطن الوسادة!
سأمرُّ من ثقب ِ الجدار ِ
هذي القذيقةُ أخطأتني مرتين ِ
فربما ستميتني في الثالثة
ولربما سيموتُ قنّاصُ الصغار ِ
بداء معرفة الرصاصْ:
أن الشهيدةَ لا تموتْ
ولها الخلودُ إلى الأبدْ
كم مرة ٍ عبروا إلينا منذ أول طعنةٍ
في قلبِ هابيلْ
والنيلُ أولهُ فراتٌ
والفراتُ مصبّه في الأرض ِ نيلْ
ماذا تبقي بعد أن رفعوا الجدارَ
على جوانبَ علبةِ السردينْ
هل وسِعتْ شعارَ الأنبياء الكاذبينْ!
وكأنّ" مصرَ" النملة الأولى تدبّ على الرمالْ
وكأنّ "سومر" أختها تحتَ النعالْ
سقطَ الشعارُ وفي الترابِ تمرغتْ
" ميمُ" المددْ
بينَ الجدار ِ وبينَ هذا القبو
مقبرةُ لمن عبروا غزاة
وصلوا إليها لاهثينْ
وبها سيصطدمون في حجر ِ الحدود ِ
ولا صلاةَ تقامُ في وطني على الموتى الطغاة
هربتْ بعيداً جوقةُ الكهّان ِ
وانسلَّ الملقّنُ في جموع ِ الراحلينْ
والآنَ لا أحدٌ سواكم , لا أحدْ!
اصطدم ما دونتّهُ الخرافةُ في جدار الشمس ِ
وتطاير غبارها ونثارها فوق أرض كنعانَ
ربما ما اصطادوه في شباكهم يمنحهم الإقامة قليلا
آن لوعول هذه الأرضُ أن تستفيقَ
وترتّب فوضى الحقول ِ من عبثِ الخرافة
كان هنا حصاةٌ صغيرةٌ تسندُ الجبلَ لحظة الزلزال ِ
كان يا ما كان.. وآن الأوان أن يتوقف راوية الغبار هنا
وله أن يبحثَ في ركام الأساطير عن أشيائهِ المبادة
ما كانَ لشيء ما أن يوصلهم هنا إلا هذا البحرُ
تنزلي أيتها اللعنة المستجابة على حيتانِه الخائنة
ولهذا البرّ الشامي قرون استشعاره التي لا تخطئ
رائحة الغرباء العابرين والباحثين عن مغامرة
وكيف تكون من ألبسها كنعان فروة روحة إرثهم
وتصيرُ في أناشيدهم الدامية " أورشليم والسامرة!"
إلى أين تذهبُ العصافير لو ترك لها الخيار أن تذهبُ
والطيرُ في الرائحة الكريهة يبكي ويكّتمُ إنشاده
سنعدّ قهوتنا العربية على أصولها, سنعدها كما نشاءُ
ولا بأس لو رشقتها قطراتُ دمنا هذا الصباحُ
هنا أغبى الأسئلة : من أين يأتي الرصاصُ, من أينْ!
كل الجهات منصّات تصويب, يا إلهي كيف يصير الوطن منصّة!
وتصير قهوةُ الصباح ِ عقاباً جماعياً وكلَ رشفةٍ غصّة!
انهمرْ كما تشاء انهمرْ, فلنْ نكفّ عن هذه الطقوسُ أيها القناصْ
إذهب إلى "البنتاغون" ببزتك العسكرية وجدّد شباب تدريبك
مع ما يلائم حداثة أمريكا وجينات عدوك المطوّرة بقاءً وصمودا
اذهبْ فأنت مولمٌ للذهابِ ومنذورٌ للغياب ِ
والبقاءُ على هذه الأرض عقيدةٌ والشهيدُ فيها زرعَ اعتقاده
8-12-2009