صفحة 1 من 5 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 50

الموضوع: وداعــــــــــــــــــاً

  1. #1
    من مواضيعي

      افتراضي وداعــــــــــــــــــاً

      وداعاً
      تَجْتَاحُنِي الْذِكْرِيِاتُ كَأُرْجُوْحَةٍ، تَسْحَبُنِي سَابِحَةَ في سَمَاءِ أَحْلامِي، لِأَجِدَنِي في حِجْرِهِ أُدَاعِبُ لِحْيَتَهُ الْبَيْضَاءَ بِفَرَحِ الْطُفُوْلَةِ، أُقَبِّلُ يَدَيهِ بِشَوقِ الْصِّبَا وَ أَحْتَضِنَهُ بِلَوْعَةِ الْفُرَاقِ .
      تَهْبِطُ بِي لِأَسْتَفِيْقَ مُتَدَثِرَةً بِحُزْنِي على رَحِيْلِهِ لِلْأَبَدِ .
      يَرْحَلُوْنَ وَ نَفْقِدُ وُجُودَهَمْ بَيْنَ تَفَاصِيْلِنَا .
      هَكَذَا مَضَى مُخَلِفَاً أَرْوَاحَنَا تُنَادِيْهِ و كُلَ ما حَوْلَنَا يُنَاجِيْهِ، تَحِنُ لَهُ الْجُدْرَانُ الّتِي تَلَوَّنَتْ بِرَائِحَةِ عِطّرِهِ و تَبْكِيهِ عَصَاهُ الّتِي لا تَزَالُ بَصَمَاتُهُ عَالِقَةً عَلَيْهَا، تَسْأَلُنِي: في الأَمْسِ كُنْتُ بَيْنَ يَدِيْهِ ذَهَابَاً و إِيَابَاً في الْبِيْتِ، و الْيَوْمَ وَحِيْدَةً بَقِيْتُ مُعَلَقَةً على الْجِدَار، تَنْتَصِبُ شَجَرَتُهُ الْمُبَارَكَةُ كَتِذْكَارٍ تُلَوِّحُ بِأَغْصَانِهَا مُوَدِّعَةً بِعِتَابٍ .
      أُمَّي هُنَاكَ تَأْوِي إلى ظِلِّهِ و تُرْسِلُ إلى جَوْفِ الْسّمَاءِ عُيُوْنَهَا، تَنْسَدِلُ دُمُوْعُهَا لِتُحِيْكَ ثَوْبَ حِدَادِهَا على الْرَفِيقِ و الْصَدِيقِ و الّطَرِيْق.
      تَفْتَحُ حَقِيبَةَ الْوَدَاعِ و تُرَتِّبُ ثِيَابَهُ، أَحَادِثَيهُ، طَعْمَ قَهْوَتِهِ و فُؤَادَاً عَرّاهُ الْقَدَرُ من فَرْحَتِهِ، تُغْلِقُ على غِيَابِهِ، تُوَدِّعُ دِفْءَ الْعُمْرِ بِخِوَاءِ الْصّمْتِ في لَحْظَةِ تَأْبِينِ حَنِيْنِهَا .
      وَ تَنْسَابُ ذِكْرَيَاتُهُ رَقْرَاقَةً تَفُوحُ مِنْهَا رَائِحَةُ كَلِمَاتِهِ الْطَّيِبَةِ، وَ يَظلُّ شَوْقِيَ الأَخْرَسُ مَمْزُوْجَاً بِوَجَعِ صَقِيْعِ الرُّوحِ ؛فَنَهَارٌ لا يَبْتَدِئُ بِه ضَرِيرٌ، و مَسَاءٌ لا يَضُمُّهُ قَاسٍ لا يَعْرِفُ الرّحْمَةَ .
      غِيَابُكَ لا يَعْنِي اخْتِفَاءَكَ؛ ذِكْرَاكَ مُتَّقِدَةٌ على مَسَاحَاتِ الذَّاكِرةِ لِأَبْعَدِ من حُدُودِ النِّسْيَانِ.
      وَدَاعَاً يا أبي .

    • #2
      من مواضيعي

        افتراضي

        فليكن عزاؤك أنه في الجنة بإذن الله، روح تسيل في كلمات، بوركت ويورك مدادك روحًا تتنفس.

      • #3

      • #4
        من مواضيعي

          افتراضي

          اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خلود محمد جمعة مشاهدة المشاركة
          وداعاً
          تَجْتَاحُنِي الْذِكْرِيِاتُ كَأُرْجُوْحَةٍ، تَسْحَبُنِي سَابِحَةَ في سَمَاءِ أَحْلامِي، لِأَجِدَنِي في حِجْرِهِ أُدَاعِبُ لِحْيَتَهُ الْبَيْضَاءَ بِفَرَحِ الْطُفُوْلَةِ، أُقَبِّلُ يَدَيهِ بِشَوقِ الْصِّبَا وَ أَحْتَضِنَهُ بِلَوْعَةِ الْفُرَاقِ .
          تَهْبِطُ بِي لِأَسْتَفِيْقَ مُتَدَثِرَةً بِحُزْنِي على رَحِيْلِهِ لِلْأَبَدِ .
          يَرْحَلُوْنَ وَ نَفْقِدُ وُجُودَهَمْ بَيْنَ تَفَاصِيْلِنَا .
          هَكَذَا مَضَى مُخَلِفَاً أَرْوَاحَنَا تُنَادِيْهِ و كُلَ ما حَوْلَنَا يُنَاجِيْهِ، تَحِنُ لَهُ الْجُدْرَانُ الّتِي تَلَوَّنَتْ بِرَائِحَةِ عِطّرِهِ و تَبْكِيهِ عَصَاهُ الّتِي لا تَزَالُ بَصَمَاتُهُ عَالِقَةً عَلَيْهَا، تَسْأَلُنِي: في الأَمْسِ كُنْتُ بَيْنَ يَدِيْهِ ذَهَابَاً و إِيَابَاً في الْبِيْتِ، و الْيَوْمَ وَحِيْدَةً بَقِيْتُ مُعَلَقَةً على الْجِدَار، تَنْتَصِبُ شَجَرَتُهُ الْمُبَارَكَةُ كَتِذْكَارٍ تُلَوِّحُ بِأَغْصَانِهَا مُوَدِّعَةً بِعِتَابٍ .
          أُمَّي هُنَاكَ تَأْوِي إلى ظِلِّهِ و تُرْسِلُ إلى جَوْفِ الْسّمَاءِ عُيُوْنَهَا، تَنْسَدِلُ دُمُوْعُهَا لِتُحِيْكَ ثَوْبَ حِدَادِهَا على الْرَفِيقِ و الْصَدِيقِ و الّطَرِيْق.
          تَفْتَحُ حَقِيبَةَ الْوَدَاعِ و تُرَتِّبُ ثِيَابَهُ، أَحَادِثَيهُ، طَعْمَ قَهْوَتِهِ و فُؤَادَاً عَرّاهُ الْقَدَرُ من فَرْحَتِهِ، تُغْلِقُ على غِيَابِهِ، تُوَدِّعُ دِفْءَ الْعُمْرِ بِخِوَاءِ الْصّمْتِ في لَحْظَةِ تَأْبِينِ حَنِيْنِهَا .
          وَ تَنْسَابُ ذِكْرَيَاتُهُ رَقْرَاقَةً تَفُوحُ مِنْهَا رَائِحَةُ كَلِمَاتِهِ الْطَّيِبَةِ، وَ يَظلُّ شَوْقِيَ الأَخْرَسُ مَمْزُوْجَاً بِوَجَعِ صَقِيْعِ الرُّوحِ ؛فَنَهَارٌ لا يَبْتَدِئُ بِه ضَرِيرٌ، و مَسَاءٌ لا يَضُمُّهُ قَاسٍ لا يَعْرِفُ الرّحْمَةَ .
          غِيَابُكَ لا يَعْنِي اخْتِفَاءَكَ؛ ذِكْرَاكَ مُتَّقِدَةٌ على مَسَاحَاتِ الذَّاكِرةِ لِأَبْعَدِ من حُدُودِ النِّسْيَانِ.
          وَدَاعَاً يا أبي .

          كلمات متهدجة مجدولة بلوعة الفراق ..
          جاءت موخزة في الشعور ، موغلة في الوجدان
          ما أضعف النفس وأرقها في آن واحد حين تحن إلى ظلها الظليل ونبعها العليل
          وتأوي - كالطير - إلى عشها الدافئ ، أو الذي كان دافئا
          وما أصعب الفقد وأحرّه حين تستحيل الذكريات مرارة نجترها ونلوكها ألما ولوعة وأسى

          كلمات بيضاء نقية
          ذكرتني بكلمات كتبتها يوما حين استبد بي الشوق
          كتبتها في وداع أبي الذي عدت إليه بعد سنوات وسنوات
          فألفيته ثاويا في قبرٍ ناء لا يرد جوابا ولا يسمع لي حسيسا..
          قلت يوما :
          لا بأس بالموت إذا حان الأجل
          ولكنه مر الفراق وألم التذكار
          يؤرقان القلب الشفوق
          وقد تصطرع الأمواج من حولنا
          فنفيء فيئة إلى من كان لنا فيها طوق نجاة

          أحن إليه اليوم كثيرا ..
          مرغما ... غُيّبت عنه سنين عددا
          وكان يرسل له من قسمات وجهه ما يعينني على طريقي
          ويثبتني في ظلمات أحاطت بي و أطبقت على صدري
          على غير اختيار .. حُمّل معي أحمالا تنوء بها العصبة أولو القوة
          لم يشتك يوما بما جناه عليه اختياري
          كان يخرج الأنات ابتسامة
          والزفرات نظرة شوق وترقب

          انجلى ليلي الطويل عن صبح مشرق
          هرولت إليه هرولة الأم الرؤوم إلى وليدها وقد صدع البكاء كبده
          غير أني ألفيته هناك ثاويا
          لا يرد جوابا لمن يكلمه
          وقفت على قبره صامتا أتداعى
          تلعثمت جراحي لما خذلني لساني
          فسكن حرفي ونضب شعري

          والشعر لا يُسمع الصمَّ الدعاءَ ولا .:. يسترجع الروح في أجساد أموات

          سفحت دموعا لا تبلغ - مهما بلغت - معشار قدرٍ من قدره

          كأن لم يمت حي سـواه ولم تفض .:.على أحد إلا عليه المدامـع

          ذهب صامتا
          مَحْني الظهر بأثقالي وآلامي
          ولكن رأسه لم تنحن إلا لخالقها
          وعاش ما عاش من ضيق ومن قتر في كنف عزة نفسه ومِنعتها

          يمد كفاً إلى العلياء ما طرقت .: في سعيها غير أبواب السماوات

          ودعه إخوتي قبل بضع سنين
          وودعته أنا قبل ثمانية عشر عاما
          مهيض الجناح ، كسير مابين الجوانح

          لم يبقَ من مهجتي مما أعود به .:. على نوازع أشجانٍ مقيمات
          سوى جذاذاتِ أوراقٍ يغصُّ بها .:. جَيْبي وترقد حيناً في وساداتي


          ليتني أدركته فأقَبّل قدميه
          كما قبّلها أخي وهو يودعه الثرى

          أبي
          أحن إليك الآن أكثر من أي وقت مضى
          " أحس طيفك مبحرا بحشاشتي ..."
          " أنت المجيء يروح بي "..


          اليوم ألقاك أشواقاً أغالبها .:. بعبرة من مآق مستهلات
          ما أروع الدمع في أجفان مغتبط .:. أدمَى محاجرها دمع المقاساة

          نم قرير العين
          موعدنا الحوض والشفيع أحمد ..


          أستودع الله نوراً ضمّه كفنٌ ... كما توارِي بدورَ التمّ هالات


          اللهم ارحم آباءنا كما ربّوْنا صغارا ..
          جزيت الخير والبر أختنا الكريمة
          ورزقك الله السعادة
          وكتب لك الحسنى وزيادة
          تحياتي ودعواتي

        • #5
          من مواضيعي

            افتراضي

            نسجت من خيوط الحزن عباءة تلفّ الذّكرى لتجعلها حضورا لروح والدك الطّاهرة تجلس أمامك على أريكة الشّوق له
            لغة راقية ومشاعر صادقة!
            بورك الحرف وصاحبته ورحم الله أباك عزيزتي الأخت خلود
            تقديري وتحيّتي

          • #6
            من مواضيعي

              افتراضي

              الله عليك يا خلود ... ما أجمل بوحك وأرق كلماتك ... كيف لا وهي في عزيز على قلبك ،في والدك

              رحمه الله وأسكنه فسيح جنّاته


              ألف تحية

            • #7
              الصورة الرمزية حسن سلامة
              أديب
              تاريخ التسجيل : Nov 2013
              الدولة : إعلامي فلسطيني -الإمارات
              المشاركات : 94
              المواضيع : 27
              الردود : 94
              المعدل اليومي : 0.02
              من مواضيعي

                افتراضي


                بسم الله الله الرحمن الرحيم


                الأخت الموقرة خلود ..
                الاخ العزيز ياسر ..

                ...
                هو الفقد الذي لا ترتقي إليه الكلمات ..
                فهو الغصة بين الحلق وبقايا الدموع ..
                لا يدرك ذاك إلا من أمسك بالغياب بين كفيه ، كومضة حارقة ..
                لكننا ، في لحظة بعينها ، يسّقط في أيدينا ، فلا تعابير ..
                وفي لحظات أخرى نعجز عن ترجمة الحواس..
                لذلك ، نحتفظ في ذاكرتنا بما كان الحياة .. بشاغلها ومشاغلها ..
                ولا أخفيكما ، كتجربة مماثلة ، أكثر صعوبة ؛
                حين يفقد المرء جذره
                وحين يفقد برعمه ..!!
                ويصير كريشة في مهب الغياب ،
                ويصحو ذات صحو ؛ حين يعلم أن للخالق شأن كل يوم ،
                ونحن من شأنه ، لا ندرك هذا الكُنه إلا بعد حين ..
                ولا أخفيكما ،
                خذلني الكلام ثلاثين سنة حتى استطعت التعبير ،
                بعد أن استنفدت الحواس أساليبها ..!
                ولم أجد أمامي إلا نقطة بيضاء حدثتني باليقين ،
                ورسمت لي من لدن الرحمن ، رحمة ..
                واتسعت رقعتها ،
                وبياضها تدلى كعناقيد ضوء .
                وقرأت بين الحروف حروفاً
                كانت ومازالت ، وستبقى وعداً إلهياً :
                .. وبشر
                الصابرين ..
                ..
                .

              • #8
                الصورة الرمزية محمد كمال الدين
                شاعر
                تاريخ التسجيل : Jun 2012
                الدولة : في ملكوت الله
                العمر : 39
                المشاركات : 1,492
                المواضيع : 85
                الردود : 1492
                المعدل اليومي : 0.30
                من مواضيعي

                  افتراضي

                  يا للذكرى

                  نص جميل ومميز

                  رحمه الله

                  تقديري وأرق التحايا
                  حينما تهـوي ظنـوني ... في التفاصيلِ البعيدَةْ
                  يا تـرى من يحتويـني ... غيرَ حُزْني والقصيدة؟!

                • #9
                  أديبة
                  تاريخ التسجيل : Jan 2006
                  المشاركات : 6,065
                  المواضيع : 182
                  الردود : 6065
                  المعدل اليومي : 0.84
                  من مواضيعي

                    افتراضي

                    غِيَابُكَ لا يَعْنِي اخْتِفَاءَكَ؛ ذِكْرَاكَ مُتَّقِدَةٌ على مَسَاحَاتِ الذَّاكِرةِ لِأَبْعَدِ من حُدُودِ النِّسْيَانِ.

                    السلام عليكم
                    تغمد الله والدك برحمته الواسعة يا خلود العزيزة ,
                    كان النص جميلا سلسبيلا كدموع صبية صغيرة ,
                    شكرا لك
                    ماسة

                  • #10
                    الصورة الرمزية أحمد الأستاذ
                    أديب
                    تاريخ التسجيل : May 2011
                    الدولة : في قلبٍ ما
                    المشاركات : 2,021
                    المواضيع : 65
                    الردود : 2021
                    المعدل اليومي : 0.38
                    من مواضيعي

                      افتراضي

                      رحمه الله والدك ,وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر,وأسكنه فسيح جناته,
                      أختي خلود,
                      أجسادهم رحلت لكنهم يعيشون فينا ما حيينا
                      هم السابقون ونحن اللاحقون
                      مبدعة أنت في ترجمة المشاعر,
                      بطريقتك الرائعة رسمت لوحة الشوق والوداع باحترافية
                      دمتِ بخير
                      سأكتفي بكِ حلما

                    صفحة 1 من 5 12345 الأخيرةالأخيرة