الغُمّيضَة
قصة قصيرة
رغم سمعها الضعيف كانت تظن أنها تستطيع أن تلتقط كلماتهم حين يعُدُّون "واحد.. اثنان.. ثلاثة.. أربعة..."، وسيفهمونها حين تصيح بهم "وجدتُكْ!" ربما ليس بنفس الحروف.. المهمّ أنهم سيفهمون..
لكنهم رغم ذلك يتجاهلونها.. أطفال وبنات في عمرها، يلعبون معا.. يضحكون ويبكون.. يمرحون.. يعْدُون.. يصرخون.. يختبئون.. ثم يكتشفون بعضهم، ويعُودون إلى شجرة الغمّيضة، حيث يتسابقون من يلمس الجذع أولا..
يسقط حامدٌ.. ويبكي.. فتصيح أمّه:
-من دفعه؟
-لا أحد.. تعثّر بسرواله..
يضحك الآخرون..
تنطلق اللعبة من جديد، فتتعمّد أن تحشر نفسها عنوة، لكن لا أحد يبحث عنها حين تختبئ خلف عربة الحاج عُمر.. لذلك تتعمّد أن تظهر قليلا، علّ أحدهم "يغافلها": "لمستكِ!".. دون جدوى..
اليوم تقرّر أن تحقّق حلمها في اللعب مع الأطفال.. لكنْ، ليس مع هؤلاء الذين انتظرتْهم طويلا دون أن يهتمّ لوجودها أحدهم..
اليوم تبتعد عنهم.. إلى هناك إلى مدخل القرية الصغيرة.. حيث يوجد أطفال آخرون.. أطفال يرونها طفلة مثلهم تستحق أن تلعب الغمّيضة ولو مرّة واحدة في العمر..
.لذلك تنحني على التراب وترسم ثلاثة صبية.. وتحاول أن تجري قدر استطاعتها لتتوارى عنهم خلف تلك التّلة البعيدة، حيث لن يكتشفوا مكانها بسرعة حين ينتهي العدّ إلى العشرة.. هناك حيث تختبئ .. إلى الأبد..



رد مع اقتباس
