> قال تعالى:
﴿فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ﴾
– [البقرة: 251]
نصرَ اللهُ بني إسرائيل، وهم شهودا،
لقوّةٍ أبادتِ الطاغوتَ بيدِ داوودا.
أحبَّهُ القومُ، وساروا على سُنَنِه،
في نصرةِ الحقِّ، وبالروحِ تُفدى.
وتلاحموا على خُطى مُلكِه ونُبوّتِه،
بعد أن فرّقتهم أهواءُ القرونِ والعُهود.
وتوالت النِّعم على نبيِّ الله...
أنزلَ اللهُ على نبيّه الزبور،
وحيًا، ودليلًا لتدبيرِ الأمور،
فكانَ لقومِه نبيًّا مُرشِدًا،
ولدعوةِ التوحيدِ لهم حاشدًا.
> قال تعالى:
﴿وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ، وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾
– [الإسراء: 55]
وكانت المعجزاتُ جاريةً على يديه...
وهبَ اللهُ لداوودَ معجزاتِه:
الحديدُ كانَ في يدهِ كالطين،
والجبالُ والطيرُ تُسبّحُ معه،
كلّما سبّحَ لربّهِ المُعين.
> قال تعالى:
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ، وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾
– [سبأ: 10]
كان نبيًّا صانعًا، ذا سعيٍ وجهد
كانَ داوودُ نبيًّا حدّادًا،
يصنعُ الدروعَ، ويتقنُها اجتهادًا.
يأكلُ من كدّه، والعرقُ له شرفٌ،
قدوةٌ لقومِه، في السعيِ وسدادًا.
مَلِكٌ ونبيٌّ، وما تكبّر،
ولا اتّكلَ على غيرِه، ومقامُهُ تَرفُ.
ولم يكن عادلًا في الحكم فحسب، بل أيضًا معلّمًا على الفَهم...
وهبَ اللهُ داوودَ العلم،
وألهمهُ الحُكم، وفتحَ له الفهم،
لينظرَ حالَ القومِ، ويحكمَ بالعَدل،
فالعدلُ سماعٌ لطرفَين، فالفصلُ،
هوَ درسُ اللهِ له، نورُ العقل.
> قال تعالى:
﴿فَقَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ، وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ، وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ، فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ، وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ﴾
– [ص: 24]
درسٌ في العدل، لا فتنة...
كانَ في درسِ الإلهِ حكمةٌ،
موعظةٌ لنبيّه، ليستْ بفتنة.
توجيهٌ للمساواةِ، والعدلُ نعمة،
استغفرَ النبيُّ ربَّهُ وركع،
أنابَ وتابَ عن الذنبِ وما وقع،
غفرَ لهُ اللهُ، وبهذا سطع،
زمنُ الإنصافِ، وفي الأرضِ نبع
وأما ليلُ داوود، فكان مقام عبادةٍ وتلاوة
كانَ داوودُ يُداومُ قيامَ الليلِ خشوعًا،
ويتلو الزبورَ بصوتِ المزمارِ تضرّعًا،
تقرّبًا للهِ، مطيعًا وَرِعًا،
يدعو لقومِه، بقلبٍ خضوعًا،
إيمانًا، ونصرًا لدينِهِ منيعًا.
> قال النبي ﷺ:
"أحبُّ الصلاةِ إلى اللهِ صلاةُ داودَ، وأحبُّ الصيامِ إلى اللهِ صيامُ داودَ، كان ينامُ نصفَ الليلِ، ويقومُ ثلثَه، وينامُ سُدُسَه، وكان يصومُ يومًا، ويُفطرُ يومًا."
– رواه البخاري ومسلم
النبي العادل، والابن الدارس
كانَ داوودُ قاضيًا ناصفًا،
نصيرَ المظلومِ، بالجوابِ حاصفًا،
يُصغي لشكوى القومِ، ومُدرّسًا،
لسليمانَ الابنِ، بالحضورِ جالسًا،
كظلٍّ لأبيه، ناصتًا دارسًا.
> قال تعالى:
﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ۚ نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾
– [ص: 30]
وفي يومٍ من أيامِ القضاء، وقع الحُكمُ بين اثنين...
فكانَ يومٌ أتى رجلانِ للحُكمِ،
بينهما، فما استطاعَ داوودُ بالجَزْمِ،
غنمٌ نفشتْ في الحرثِ دونَ علمٍ،
وصاحبُها في ساعةِ الفعلِ نومِ.
> قال تعالى:
﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ، وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ﴾
– [الأنبياء: 78]
حينها انفتحَ نورُ الفهم في قلبِ الابن الصالح..
فكانَ سليمانُ لأبيهِ هامسًا،
بحُكمٍ بليغٍ، كالنورِ شمسًا.
أيقنَ داوودُ أنَّ لسليمانَ علمًا،
وريثٌ له، وللعَدلِ يسطعُ نجمًا.
> قال تعالى:
﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا﴾
– [الأنبياء: 79]