في بحر الحياة المتلاطم، يبحث الإنسان عن من يحميه من عواصف المحيط ، وهو في خضم تقلبه بين أمواج الحياة يطالع وجوهاً و وجوهاً ، وقد يطمئن لإحدى هذه الوجوه قليلاً ، لكنه ما يلبث أن يكتشف تحت الوجه الباسم وجهاً لأفعى لبست مسوح الضأن ، فينكفأ الإنسان عن هذه الوجوه هارباً وباحثاً عن وجه يلقى به نوراً حقيقاً ، حتى إذا رأى ذلك الوجه اهتز قلبه وطرب ، وكذلك أطمأن وشعر بالأمان ، وهذا بالضبط ما شعرت به عندما ألتقيتك .
كنتُ أيتها الأميرة في بحر الحياة المتلاطم ، أبحر بمركبٍ ساريتي فيه الحزن، وشراعي فيه القلق، تتنكر لي الوجوه وجهاً بعد وجه ، لكنني أبداً ما كنت يائساً في أن أعثر على وجه ألقي عليه أحمال الذكريات القديمة كلها لنسدل الستار عليها سوياً ، ونبدأ معاً أوقاتاً أجمل ، ونرسم مستقبلاً أفضل ، الأمل فيه زادنا ، والسعادة شراعنا، وهو لا شك شراع قوي لا يتأثر بعواصف الليل الهائجة مهما بلغت حدتها وشدتها.
وحدث ما كنت أنتظر، فقد التقيتك ، بعد أن أثقلتني الهموم ، وأرقني القلق ، وأذابني الحزن ، ألتقيتك فوجدتك حانيةُ لطيفةً آسرةً جميلة، ووجهك القمري كان ملاذي إذ انقطعت بي السبل ، فوجدته حديقةً غناء لي ، ووجدته نور طريقي ، وبعد طول سهر سمحت لعيني أن تغفو على وجنتيك .
أيتها الأميرة ، هكذا وجدت نفسي مرةً أخرى ، بعد أن أوشكت على إضاعتها ، ووجدتها على أجمل صورة بعد أن تغشاها السواد، ووجدتها أقوى بعد أن سكنها الوهن.
أدركت حينها أيتها الأميرة ،أنك كنت من أبحث عنه، وأدركت أنك أغلى من كل كنوز الأرض ، وأبهج من كل بهيج ، وأجمل من كل جميل ، وأرق من كل رقيق، وألطف من كل لطيف.
أدركت حينها أنه ينبغي لي أن أشكرك ، أقبل روحك دائماً ، وأن أقطف لك ورود عمري كلها هدية لك ، ولن توفي هذا الورود كلها جزءاً من النور التي وهبتيه لي .