علمتُ يا حبيبتي و ما كنت ُ أدري بأنكِ كلَّ أشيائي
و بأنَّكِ قطعة ضائعة منذ الأزل من أجزائي
و أنكِ الشمس التي أفتقدها كلما حل المساء
و أنكِ طير خرافي يسافر بعيدا في السماء
علمتُ يا سيدتي بأنكِ سكين اخترق أحشائي
و أنكِ المنطقة الوسطى بين إقبالي و حيائي
وأنكِ أميرة قلبي... و أنكِ جرحي و دائي
و أنكِ بسمة تزور ثغري... و أنكِ دمعة حارقة في بكائي
يا سيدتي ...
ها هي الأيام تشرق بجبيني و تهديني روعة الضياء
ها هي الأحلام تأخذني من حيث لا أدري إلى الفضاء
و ها هي الأحزان تتلاشى... و تتبخر بعيدا في الهواء
لميائي ... ارحمي ...
فأنا لا أحتمل أن أبقى معلقا بين الأرض و السماء
ما كنت أظن يوما أنني سأتنفس شيئا غير الهواء
و لكنني ها أنا ذا أتنفس من رئتيكِ أنفاس الوفاء
لميائي ...
إن النار تأكل أجزائي ... و ما استطاع أن يطفئها بكائي
و أنا لا أملكُ إلّا أن أحترق كعود الكبريت في لحظات...
و أتمثل الشوق كالحمام يطير من الشرفات إلى الشرفات
توقفي أرجوكِ... فأنا لا أحتمل مثل هذه النظرات
قد سلمتُ لك أمري ووضعتُ بمرفأ عينيكِ أمتعتي
و تركت موج شعركِ السحري يكسر كل أشرعتي
في عينيكِ شيء لا يستطيع أن يراه غيري
و إحساس مستحيل أن يزور صدرا غير صدري
ارحمي ... ها أنا ذا أضع بين يديكِ كل عمري
ها أنا ذا بين يديكِ كاللوحة البيضاء
لونيها كما شئتِ بلون الورد أو بلون السماء
كل طموحي أن يجمعنا يوما هذا النداء
خيروني بينكِ و بين باقي النساء
فقلتُ ... لا أملك غير قلب واحد يملئه الوفاء
و أن حب حبيبتي يسري بشراييني مثل الدماء
قالوا ... سنمنع عنك الهواء
قلتُ ... سأتنفس من رئتيها
قالوا ... سنمنع عنك الدواء
قلتُ ... يكفيني بلسم شفتيها
قالوا ... سنرمي بك من أعلى السماء
قلتُ ... سأسقط كالطفل بين يديها .
من دفتر محاولات صبيانية
هشـام / 1996