أنا لا أتقن المحاكاة "كما لا أتقن السرد ونسج الصيرورة لتقلبات البشر العجيبة , التي تستوقفني تارة مثل المصدوم بحائط عالي بينما هو يسير هائما في بحر خياله , و فجأة يتوقف عن السير لأن الحائط ضربه صفعة على جبينه.. وهل هذا ما يظنه المسكين ؟
نعم الحائط هو الذي اعتدى عليه بينما هو كان سائرا .. وفعلا أتوقف مكبل العقل لأن العقل أيضا يمسي في مثل هذه الحالة , كبعير قُيد بالعقال يسير نصف خطوة لبذل المحاولة بينما هو مربوط في مكانه .
كذلك وتد الخيمة عندما تهب الرياح القوية فالخيمة هي التي تتحرك والوتد هو الذي يستهلك قواه الخائرة ليتنصل من عمق الأرض كي يتسبب في هبوب الرياح ,,,
وتارة يصيب عيني الجحوظ من شدة الهلع حتى يظل البكم في ثغري يعلن حالة الطوارئ منذرا كالرعد فلم أتفوه بكلمة.. فقط استبدل الصوت بحركات تلقائية اقرب منها إلى المتعمدة " فيرتفع حاجبي متقوسا كقوس قزح و أزم شفتي حتى يجف منها الريق ولم يهتد العطش إلى تناول كأس من الماء ,, متى ما جلست إليه أجدني أقول أشياء لأقول ولكني لا أقول شيئا ..كل الذي أقوله باني أنا الغريبة لأني استغرب غرابة مواقفه,,, لهذا توصلت إلى فكرة جديدة وهي انه يتصف بصفات كثيرة كل صفة أكثر غرابة من غيرها بل كأنه ينيب عن الجميع في تصرفاته تلك ..مثلما تقفز الضفادع في البحيرة , تقفز أفكاره الغريبة إلى ذهني لتستولي على مساحة شاسعة من تفكيري.. إلى أن تشغل حيزا كبيرا من وقتي ..لتظهر أمامي غابة من اغرب المواقف التي ترتسم أمام ناظري لذا الجأ إلى التزام الصمت بل استعذب صمت الصمت وابتلعه كلقمة مريئه ثم يستنطق هذا الصمت أساريري وأطرافي و أحاكيه لأكون اغرب غرابة منه ..نعم انه هو ذلك الرجل الذي لا اتفق معه..
و لم أر يوما ما يعجبه انه لا يحب شيء ولا يهو .. و يحب لا شيء.. ولأني عنيدة أحيانا وخاصة في مثل هذه المواقف التي لا أجد لها أدنى تفسير أو شبه مبرر كنت أنقب في البحث عن لا شيء,, تلك التي يحبه وقادني اللا شيء إلى أشياء بالغة الأهمية ...هنا ..أنا التي صدمت بجدار لم تلمسه يد الإنسان بل جبل عالي لم يتأثر يوما بالعوامل الطبيعية جبل لم تجمع الريح على سفحه أوراق الشجر الجاف .. جبل لم يسقط منه ذلك الحجر الصغير ليسحب خلفه أحجار كبيرة.. نعم هذي الحقيقة التي لا يعرفها إلا الرؤساء إنهم يتعاملون مع قوانين الطبيعة معاملة جيدة ومذهلة أفضل من معاملتهم للعقلية البشرية , قالها ذات مرة رئيس الوزراء عندما لمَح رئيس الجمهورية بعزله عن رئاسة الوزراء ,, قال الأول للثاني لو سقط الحجر الصغير من الجبل مؤكد إنه سيتسبب في سقوط الحجر الكبير الذي يعلوه لا تفرح بعزلي أيها الرئيس سوف نسقط معا ..وهكذا سقطا معا وظلت تلك العبارة مثل يتناوله الناس ..
لأعود للفكرة التي توصلت لها من خلالها الى عقلية ذلك الرجل الذي لم يعجبني يوما ..
والذي حيرني كثيرا إلا انه كان سببا لاكتشف شيئا جديدا , غالبا ما أتراجع عن أفكاري السابقة إذا ظهرت أمامي حقائق أخرى تفندها ,, وجدت خلف جدار لا شيء أشياء أهم من تلك الأشياء التي نؤمن بها نحن ونتشدق بها في اغلب الأحايين ,, قال لي انه لا يحب الحب ,, قلت لماذا ؟
قال لأنه لم يجد الحبيب الذي يستحق الحب .
وقال انه لا يحب السياسة لأنها كالسراب , وهو أيضا لا يحب الاقتصاد لأنه هلاك واستهلاك , قال أيضا لا يحب الأناقة لأنها إسراف وهذيان ,, قلت له كفاك ماذا بقي لتحب ؟
كنت اقرأ مجلات مختلفة وخصصت وقتي للقراءة في أربع مواضيع , قرأت صفحة سياسية وجدت هناك تصريحات للمسئولين لا تمت إليهم بصلة من قريب أو بعيد ..
وتليت القراءة في صفحة الاقتصاد كانت فعلا هلاك بين الخسارة والمكسب ووجدت بان ميزان الخسارة يعم العالم ما عدا أمريكا مهما كان المناخ الاقتصادي متفاوتا ومهزوزا أمريكا هي الوحيدة التي تربح لو ربح الجميع وهي التي تربح لو خسر الجميع ولم افهم كيف احل هذه المعادلة ..
هرعت سريعا إلى صفحات أخبار المجتمع ,, هناك مواضيع كثيرة ترسم لوحة كئيبة للحب ,, حيث تنتهي كل قصة جميلة بفضيحة طبعا لأن المحبين من المشاهير وتلك طامة كبرى ولكن ماذا عن معاناة عامة الناس مع الحب والتي تنضوي تحت تعتيم الظلام إنها مأساة حقيقية
قلت ليس هناك سوى صفحة الأزياء فوجدت كلمة الأناقة بعيدة كل البعد عن ذلك الإسفاف والتبرج والعري
عدت الى ذلك الرجل لأقول له : أفكارك تعجبني,, ولكني لست ضد كل شيء وأي شيء