فقاعات على صفيح النفس
وسبع حبات من مسبحة الوجدان
محمد نديم 27 من رمضان - 7 أكتوبر 2007
لماذا الشح؟
-لماذا أمشي نحو عملي كالبطة العرجاء ؟ وفي موعد الراتب الشهري ، لماذا أركض إلى الصراف كالغزال؟
ثقيلة هي إرادة العطاء كالجبل ؟ خفيف راقص بالفرح هو الأخذ؟ ربما.
( وأحضرت الأنفس الشح ) صدق الله العظيم.
أيها القلب كن لينا لأشكل منك كعكة الوفاء شهية للناس أجمعين.
من نلوم ايها النديم/ من نلوم/ هل نلوم انفسنا ...؟ / أم هناك اخرون يجب ان نلقي اللوم عليهم ..؟/ لماذا لانملك وعي العطاء/ بدون مقابل.../ اسف هذه مثالية لست اؤمن بها.../ لماذا لانملك وعي العطاء بمقابل/ هذا واقع افضل/ لماذا اذا هذا التباطئ في العطاء...؟/ السبب واضح/ لان من نقدم لهم العطاء لايستحقون ثمن ما نعطيهم من وفاء/ فهم عباد المجون/ والمال/ وهم يكنزون / على حساب الفقراء/ فكذا صارت الامور/ نجاري نسق المياه/ من اجل ان نحصل على قوت الصباح.
2-
لماذا الجحود؟
تقدم عن طيب خاطر حبات عيونك لهم ، ويقدمون الخوف منك والإعراض عنك ، أو الجحود والعداء إليك. يردون الحسنة بالسيئة!!! لماذا؟
ربما يخافون من مرارة تجارب حب زائف سبقت في العمر ، فهم معذورون.
( واللي اتلسع من الشوربة ينفخ في الآيس كريم).
عذرا سيدي القارئ فهو مثل شعبي قديم جديد ، ولكنني لا أعتذر لك عن شعبيتي والتصاقي بحارتي المفضلة في حي مصراوي أصيل.بل لأنه عامي في سياق الفصيح الذي ورد في الجاحدين شعرا يوضح أنهم ربما كانوا ممن قال فيهم الشاعر :
إن أنت أكرمت الكريم ملكته .... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا.
وإن كنت أراه بيت شعر قاسيا جدا ، ولا أحب أن أقسو على من أحب.
عندما تتربى الشعوب على الهوان/ تعيش مهانة/ وعندما تستفيق الشعوب على الهوان فتفكر ولو في اعماقها بالتخروج من الهوان وتجد سادتها يغرسون بذور الهوان من اجل الكراسي ومصالح الذات/ تكون صدمت الشعوب ابلغ اثرا من حد السيف/ وهكذا من تربي ومن تكرم/ فالكل مهان/ والكل يعيش المهانة.
3- لماذا الكبر؟
يرشدنا المحبون إلى الخير خوفا علينا , ونعلم أن حديثهم الصدق ، فنحرص على مخالفتهم ولو سببنا الضرر لأنفسنا !!!! لماذا ؟
ربما هو الكبر؟ .... تركنا العمل بالخير نكاية فيمن دلونا عليه !!!! ولسان حالنا يقول :
( مبقاش إلا أنت يا ...... عشان تنصحني؟ )
مع أن الحكمة ضالة المؤمن ، وقال المعصوم صلى الله عليه وسلم : (صلوا وراء كل بروفاجر)، لايهم ممن تأتي كلمة الحق ، المهم هو أن نتبع الحق.
( خذوا الحكمة ولو من أفواه المجانين). أيها الجنون الذي يسكنني ... أتحفني بمزيد من الحكمة .. ولا تقترب من الكبر.
عندما يرى الانسان نفسه/ يكون جبارا كمن تجبر في الامم السابقة/ كذا جُبلت عليه خلقية هذا الكائن الغبي/ والكبر/ والخيلاء صفتان حتى الفقير عندما عندما يمتلك بضع جذوة من السلطة يلبسهما/ وهي بلاشك عكس العفة/ ايها العزيز الناس اصناف/ والكبر نبع واحد/ يستقي منه من اضاف الى قائمة الناس.
4- لماذا الرغبة؟
في رمضان ... وسكينة تلف القلب وتغلف الروح ... لماذا يا الهي تنتابني يوم صومي هفوات من الرغبة الحارقة لا تمر بي في غير هذا الشهر؟ .. أخجل من ذاتي إذ أمسكها متلبسة بمحاولة استراق البصر. لماذا؟
ربما هي فقاعات شيطانية في قاع النفس تطفو على سطح الوجدان ؟ ربما. وأحمد الله أنها محاولة لم تشط إلى هاوية التنفيذ.
أيتها الرغبة ... أعلم أنك جزء من تكويني كإنسان ... لكنني لن أشبعك إلا بين يدي الله وتحت عينه وقانونه.
هل نسيت همت به وهم بها لو لا أن رأى برهان ربه.....؟
هذه لم تستثنى فيها رمضان.....
5- فرح....وفرح
نفرح بشهر الصوم ، نعم ونحزن إن فات ، نعم . ربما كانت هذه الصورة الظاهرة على السطح بين الناس.
ولكن لا يقل لي أحد أن نفسه لم تشعر بشيء من ضيق في أوله أن جاء ... وبعض السرور في آخره أن رحل. ربما ... لحظات صدق نخفيها عن أعيننا نحن البشر وأعين من حولنا من البشر . لا ضير فأنا أيضا بشر.
تلك هي النفس البشرية لا تريد لشيء أن يمنعها مما تحب ولا أن يضايقها فيما تفرح به ، ولا أن يزاحمها فيما تشتهيه.وهي تضيق بالنصح وتكره الحدود والحواجز .
النفس كالطفل إن تتركه شب على *** حب الفطام وإن تفطمه ينفطم.
( من بردة الإمام البوصيري.)
أيها الطفل المتمرد في داخلي .... إهدأ فقد أتعبتني.
طبع الطفل التمرد والعاند/ ونحن كاطفال لانكبر ابدا/ نبقى نعاند الممنوع المحجوب عنا/ ولاننا نريد/ تاتي الاقدار بما لانريد/ فتعكس الصورة على الرغبة/ لتهيج/ وتبحث عن حلول وحتى انصاف الحلول.
6- لماذا السكينة
من أروع لحظات الصوم وأصفاها ... لحظة بين العصر والمغرب ، والشمس تأخذ طريقا إلى مخدعها بالنسبة لنا ، وإلى شروق من جديد بالنسبة لغيرنا ، لحظات ... تحلق فيها الروح بعيدا عن طوق النفس الحديدي القميء ، لحظات لا يطفئ نورها سوى صوت من يربت على كتفي ، قائلا الإفطار جاهز. لتبدأ دورتنا مع النفس مرة أخرى.
أيتها السكينة .... أنت شفاء لنا من ضخب الحياة وضجبج الزيف.
من صخب السكينة هذه/ تبدأ الدورة/ ومن انتظارها يخلق في الانسان الف صور من صور الغروب/ فكأني به يجلس على ربوة عالية/ وهو يحاور نفسه عند مشهد الغروب/ هل مثير كل شيء هكذا بعد سطوع ذبول/ انها ايها النديم سكينة اخرى قبل سكينة الافطار.
7- لماذا الوفاء؟
إلى من أحبتني بصدق ... وبالمجان ... التي كنت أرى في صفاء عينيها الحانيتين, فرحة ميلادي الأولى ، التي هدهدتني في المهد صبيا ، وزفتني عريسا فتيا ، ولما أن أظلمت الدنيا أمامي بكت حتى أضاءت لي الكون بدموعها ، التي تعاتبني لو غبت باحتضان دافئ وقبلتين على الجبين ، التي ما زال خبزها دافئا في فم السنين ، وضربات كفها على كتف الولد الشقي ، وحليب حكاياتها في المساء مازال على شفاهي العطشى.. إلى التي سافرت دون أن أكون هناك أشير لها بمنديلي الأخضر على محطات الرحيل. جدتي. رحمة من الله عليك وبركات.عذرا جدتي ... منديلي الأخضر الذي نسجته وأنت تهمسين لخيوطه بشجونك وموايلك ، قد تغير لونه .قليلا ..؟ كثيرا ؟ لا أدري. لكنه لم يعد رائقا كما كان.
أسألك جدتي فأجيبيني ؟: لماذا أحبك كل هذا الحب؟.
ينبع الحب فينا بجنون/ ويتجه صوب الامصار/ ويعانق في طريقه الاشواك والاغصان/ الجمال واللاجمال/ يعانق النسيم/ يعانق البرد/ يعانق الصقيع/ يعانق الثي/ يعانق اشراقة الصباح/ يعانق اشعة الشمس اللاهبة/ يعانق الدفء/ هنا وهناك/ بين روابي الاجساد وفوق اصداف الحياة/ ولكنه يبقى دائما متوجها نحو ركن قصي هو ادرى به منا/ فما يلبث ان يركن اليه/ ويهدأ بعد رحلة طويلة/ ونعيد السؤال لماذا أنت دون غيرك جدتي...؟
محبتي لك
جوتيار