بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة غزة/ في يوم البواسل
إلى كل أسير محرر –بإذن الله- يناضل خلف قضبان الحديد، يحاكي قهر سجانه، يناكي ظلم جلاده، يسامر حلكة ليله المستعر، يداعب خواطره المرة الحلوة، في معصميه قيود من حديد كأنها لجام النار في عينيه، وفي قلبه زنبق برد وسلام، يعاني لوعة الأمرّين.......وبعد،،،
بقلم العز والفخار، بحبر الدم القاني الفلسطيني، بيد تسطر أروع ما سطرته يد البشرية، تكتب نطقا كلمات من أروع الكلمات، يد تضرب أبواب مضرجة بالدماء، رغم أنف العداة والجواسيس، رغم عنجهية الصهيونية، رغم عجرفة العلمانية...
أرسل إليك رسالتي ملئ بعبق التاريخ الأثير، بعطر مسك شهدانا، مغسولة كلماتها بماء الفردوس الكريم، بإذن الله تكون فياضة من ورد الرسول...
أخي، لا تفقد الأمل، ولا تلتهي والألم، لا تشتكي القدر، ولا تتذلل لبشر، بل اقصص حكايتك والقمر، واحك لياليك المرر، اضرب أروع المثل...
ارفع يديك للعلا، ولا تكن جزعا عجلا، اشكو لربك شر البلى، وادعو أن تكون نهاية الحق حقا...
أخي، أنينك صدّع رأسي، أرعشني، آلمني، أفقدني صبرا، فاعلم أخي أن تلك الأنات أموال العالم كلها، ملايين البشر، لا شيء ينسيني إياها...
أخي، أنا بكلماتي في الخارج أجاهد، وأنت في الداخل تناضل، أنا في سجني الكبير السجين أعاني، وأنت في زنزانة التحدي تغني، تطرب قلب الملايين حين تلحن، ووجه سجانك الذي لا تفسير له يضطرم، كل ذلك يسعدنا، يسعدنا صمودك، إيمانك ثباتك على الحق للحق حقا في وجه من لا عرف حقا...
أخي ها نحن ها هنا قد ذبنا سوية وبدأنا بالتلاشي، قطعوا أواصلنا، قطعوا عروقنا، قطعوا رقابنا، وليكن أنهم قطعوا عزائمنا، ولكنهم لم لن يقدروا أن يقطعوا أصلنا، لن يقدروا أن يقتلعوا جذورنا، لم يقدروا أن يدملوا ترابنا، فنحن شعب في أعلى القمم ومن عادانا هو عدو الهوينا...
أخي، إذا بالسهام قذفوك، وإذا بالنيران لجموك، بالتابوت هددوك، فإياك.. إياك أن تنحاز، إياك واهتزاز رأس، فإن لم تمت بالسيف بالحديد مت بغيره تعددت أسباب الموت والموت واحد...
بل اربط جرحك القاسي، وفي عتمة الليل نادي، وبصوتك الشجي أرهبهم، أن للخلاص موعد قادم إن لم يكن اليوم أو الغد كان بعد ألف ألف بندقية تضرب معاقلهم، نادي وكبر ولا تخشى في الله خاشية، زمجر ولا تندم، إن من ندم هو لنا الظالم...
أخي، نحن رجال ما اعتدنا الندب، ليس منا من لم يمسح دمعه اللجوج، يحطم قيود معصمه، بقبضته يضرب الحديد يتفجر نيران، برأسه يضرب جلاده، يسقطه أرض الوغى....
أخي، تجلد استنهض ، فداك أبي وأمي إلى أن تخرج،من إخوتي أعددت لك جنودا، من عظامهم لك الدروع، من دمائهم لك الماء، من لحمهم لك حين الجوع الطعام، لا يهم، من عيناي ضياء ووهج وشرار إلى أن تصل، من عظمي جسر تمر عليه ولا تغلق بابه، من أظافري خناجر اصنع، من رموشي سهام تثقب، من دمي سم وطّاد، من شعري حبال تلجمها حول أعناقهم تنهي حياتهم، من ضلوعي لك دروع، من كل وريد للوريد من كل شريان للشريان لك صرخات، من حنجرتي لك مكبرات، خذ ما شئت منّي واسند للجهاد ولا تتردد... لك من كل حدب وصوب نيران تضطرم لهيبا متطايرا، من كل مطرح ومفعل مركب، من كل ناحية وزاوية مبدأ...ولا تتردد خذ من عمري إلى أن تكفى، من حياتي إلى أن تمل، من دموعي اشرب إلى أن ترتوي، ولا تتردد...من أعماق أعماق فكري خذ حجتك ولا ترحل، بل ابق حيث أنت قائم راسخ في ذهني فإنما أنت الشهيد أو الأسير...
أخي، إياك والغرق ونحن في غر الأمر، إياك الضعف أو الرحيل ونحن هاهنا لازلنا في مطلع الطريق...
أخي، جابه الألم، جابه المرض، تحاشى مخالطة الكسل، أوقد من ذهنك دم ينير سبل الخلاص، ولا تتردد... نحن الجميع علمنا مسماك أدركنا نالك التائه، فاعلم أنا قيد شارتك، ابق حيث أنت دعني أساعد، فكيف أدعوك وأنا منئي عني؟
أنت أمناي، أنت الحل دونك الحل، إياك والجزع، بل اصبر ولا تهتز...إياك ويرى عدوك دمعك، إياك والوجس يتسرب لقلبك فيظن ما لبسته قلبك يداك حديدا، بل هو الحرير هو الفخر هو الحل...ولا تتردد
أخي، اعلم، لا نصر بلا يد ضاربة، ولا عز بلا أسنان قاضمة، اعلم أنه اليوم للشجعان فحسبك، اعلم أنه لمن بين يديه حمل قرآنا وسار، اعلم أنه لمن عمل وما يوما انتظر الجزاء...
أخي، إياك، إياك، والدمع...ولا تنسى موعدنا،-هو بإذن رب البرية عند حوض الرسول نرتوي سوية منه، نستظل يومها تحت ظل عرش المقتدر، أخي أسمعني كلماتك الحرة، وبصراخك رد إليّ معقل أملي، ونحو النصر سر ولا تتردد...
واعلم فيما نهاية الكلم:
اعلم أن...كل الظلام في الكون، ليس بإمكانه إخماد نور شمعة صغيرة..