للزمن ألوان ...ولكن الرمادي يختزل كل الألوان ..
الرمادي تخطى سبع عجاف الذاكرة يا أبي ...
وكتب على ملامح الأرض والحرث وحقول الجوع والشبع سنابل الخاطرة ...سار و زحف , وهرول , ثم تحدى المتبارين في سباق الدرجات وإنطلاق طلقات الرصاص في الهواء مع بقاء الصوت في الثلاجة وتجميد الصدى بأثر رياح الماراثون ....
الرمادي ..عشب أصفر يطرد الأنفلونزا و يستعطف شعاع الشمس في وسط النهار ثم يستمد من رائحة الغروب همهمات الدجى المتهاوية على مساحات المساء باستحياء حتى تعبئ أستار الليل الممتد ملء الأفق ..............
الرمادي حين يكون رماديٌ يتساقط في بحر اللا لون حتى تتلاشى الألوان وتتشابك جزئيات الطيف هنا وهناك ويظل صوتي مبحوحا يحاول أن يمسك طرف الخيط المتدلي من غمامة عابرة لا تحاول حتى الوقوف برهة أمام برج الأرصاد لأنه فقط يراقب الغمامات في بلد آخر .........لأسباب لا تهمنا وربما يجب أن لا نعلمها ..لهم حساباتهم ولنا محاسبة أنفسنا على الأحلام ....فقط علينا أن نلعق الفشل وندعي إن مرارته حلاوة ..
الرمادي ..معطف معلق في غرفة أبي وبعدما توفى أبي ظللتُ أناجيه وادس اصابعي الخمس في جيوبه المهملة كي استخرج منها حلوى بلون النصيحة بل أقصد إنها نصيحة بطعم الحلوى شرعت ...اشتم عبق عطر أبي الذي ظل فائحا في الأرجاء وظلال المعطف الذي أسقط تحت مصباح الليل صورته على الجدار كان أصدق من ساعة الحائط الكاذبة التي تخبرني بأن أبي مازال معي بالرغم من انه لم يلب دعوة ادارة المدرسة عندما أنعقد مجلس الأباء .......
رسائل الكون لا تكف لأقراك ...
وأنجم الليل لا تجعلني أبصرك...
فمكتبات العلم مازالت برمتها ..
ضئيلة الترتيب نسقا في مواكبك ..
أيتها الوردة المياسة ..
العطر تعطر منك ندىً
قبل بزوغك / بلوغك ركنا
يتفنن في إهدار خريفين ..
وإراقة ريحان ربيعين ...
ها قبرك يحفر ذاته كالطين ..
أفسحي أيتها الوردة للموكب
قدر مشاة مسارين ..
خط لا يعرف مفهوم العودة ..
وهنا جبل من تبرٍ
يملأ كفيك بقنطارين ..
وتسير موازاته قاطرتين ..
زمنٌ يتقشرُ عن جسد التاريخ
على أيد الريح ..
يرتج هبوبا..
يرتد حنينا ..
يتكلم آليا ..
ينصت رقميا
كاد يفوق على حدة زرقاء بإبصارٍ
كضفيرة بوذا المدهونة بدهاء اللذة
تمتص حرائق زيت الأوجاع
بصمت أقسى من الصخرة
تأتيني الأنباء زرافات
و تقود جموع الألحان الى قانون القرنين ..
أطرق بابك في غرفة ذاكرتي
لكنك لا تتجاوب
حتى كلَّ الباب
لكن ..لم تتعب قدميّ من السير
أين أنا من هذا !!
مازلت معلقة يا أبي بين جدارين ..
مازالت وردتك (...) تشق طريقها بين الجبلين .