حـــركات الإصلاح..
ظلت متواصلة في العالم الإسلامي بدون انقطاع..وتضاعف نشاطها مع الشعور برغبة الغالب في طمس الهُوِيَّة..تصاحبها الكتابة شعرا ونثرا؛تنشر أفكارها ومبادئها ؛وتحرض الحركات التحررية الجهادية حتى كان الاستقلال..وقد لعب الشعر السياسي التحرري دورا فعّالا مازال متواصلا إلى يومنا هذاعلى لسان حمَلَة الرسالة كما في الواحة ..
هذه الحركات الإصلاحية أثمرت الحركات الإسلامية ..وأنتجت جيلا مُحصّنا بمقوِّمات شخصيته..وللتاريخ؛
فقد كانت الغالبية الساحقة من المفكرين والأدباء شعرا ونثرا ؛حفظةً للقرآن الكريم ..للدلالة على تمسك المثقف بِهُوِيَّتِهِ..فترة الاستعمار ..
وكان من تلاميذ الحركة الإصلاحية النجباء ..زعيم الحركة الإسلامية السلفية الشهيد سيد قطب الذي أحدث بمؤلفه الشهير // العدالة الاجتماعية في الإسلام //ضجّة وانتعاشا بين الإخوة المسلمين ..وأَعتبرُه أول من طرق المصالحة الموضوعية في العصر الحديث؛بحديثه المفصّل عن العدالة التي تُحدث التوازن الاجتماعي ؛وتحقِّقُ الرضى الفردي والجماعي بتوفير المساواة..
لنلاحظ أهداءه التاريخي في هذا الكتاب ..
//إلى الفتية الذين كنت ألمحهم بعين الخيال قادمين ؛فوجدتهم في واقع الحياة قائمين..يجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ؛مؤمنين في قرارة نفوسهم :أن العزّةلله ولرسوله وللمؤمنين.
إلى هؤلاء الفتية الذين كانوا في خيالي أمنية وحلما؛فإذا هم حقيقة وواقع ؛حقيقة أعظم من الخيال ؛وواقع أكبر من الآمال .
إلى هؤلاء الفتية الذين انبثقوا من ضمير الغيب كما تنبثق الحياة من ضمير العدم ؛وكما ينبثق النور من خلال الظلمات .
إلى هؤلاء الفتية الذين يجاهدون باسم الله .في سبيل الله .على بركة الله .أهدي هذا الكتاب .//1.
وفهم مثقفوا الأمة أن العدالة تجسد عموديا من أعلى هرم السلطة ؛وقاموا بمحاولات جادة للوصول إلى الحكم ؛عبر أحزاب سياسية حُرَّةٍ؛تحتكم إلى الديمقراطية ..أو عبر محاولات النفاذ داخل أجهزة السلطة ..وكلها باءت وتبوء بالفشل..بهذه الطريقة ..لأسباب نفهما بالتدرج في قراءة هذه المضامين عبر المقالات القادمة..
والأدهى والأمَرُّ؛أنَّ سلطة الخفاء رسّمت الأدب الذي يساير تطلعاتها المصلحية ؛والخدمات التي يمكن أن تقدِّمها لها السياسة؛ويضمن استمرارها ..شجّعوا الموثوق به سياسيا على حساب الصّامد المُقاوِم للمدِّ الفكري الغربي ..
ندرك من خلال هذا المدخل البسيط أن الحركة العلمانية في العالم الإسلامي هي مخلّفات استعمار ؛واستمرار لثقافته ..
ولمّا استحالت حياة أمّة بمذهبين متناقضين /إيديولوجيتين/..فقد نشب الصراع الفكري بسبب تصادم الأفكار بين..
ـ حركة إسلامية تريد/تأصيل الأصيل ..واستحداث الجديد/2
ـ حركة علمانية ترى العلوم الحديثة دافعا إلى اللحاق بركب الحضارة الغربية ..وهنا نسجِّلُ نجاح المشروع الغربي في النفاذإلى قلب الأمّة وعقلها ..
ولكن هذه الحركة العلمانية لاتنفي عن نفسها صفة الإسلام كما فهمته ..صلاة في المسجد؛مناسبات دينية ..وكفى ..هي ضحية مخلفات استعمار وجب محاورتها بالحسنى ..وحبِّها ..وكره أخطائها ..إذْ سرعان ما تدرك الحقائق..هذا صراع فكري داخلي نعمل على التخلص منه أوّلا..
إنّ هذا التعارض بين الحركتين ..حركة إسلامية وحركةعلمانية منع كليهما من الانفراد بالتسيير ..والسلطة الفعلية حتى وإن أبعدت الحركة الإسلامية عن الحكم ..فهذه الحركة تمثل غالبية القاعدة الشعبية الصامتة..
ليسجل التاريخ إقصاء مباشر لشريحة واسعة من المجتمع ..في صنع الحياة ..
إنّ هذا التنازع والتدافع شغلهما بحراسة بعضيهما ..وصرف نظرهما عن التّوغّلِ في حلّ مشاكل المجتمع ..والاهتمام بقضاياه المصيرية ..وفتح الباب على مصراعيه لسلطة الخفاء التي تدمِّرُكلَّ قيم االفضيلة ؛وتمنع السير الحثيث نحو التحسن..
والواقع يشهد أنّه مهما تصدر السلطات من قوانين رائقة للقاعدة الشعبية ..فإنّ الشّاكين كُثُر ؛والمظلومين بلاحصر..سلطة الخفاء ..تعارض إيدجيولوجيتين..هي فوضى النظام الاجتماعي..وما ينتج عنها..
هناك ـ إذا ـ تعارض بين طوائف:
ـ السلطة التي تمثل الجميع ؛وتجتهد في الخدمة ..
ـ حركة علمانية نافذة ؛مدعومة ..تجتهد وفق طريقتها ..
ـ حركة إسلامية تنتظر الانطلاقة الحقيقية وتقاوم بما أتيح لها من وسائل سلمية فاعلة ..تعيش الإرهاص..
ـ سلطة الخفاء التي تخلط كلَّ الأوراق..وتحول بين السلطة ورعيتها ..
ـ المجتمع المتألّم ..الأولى له محاربة سلطة الخفاء بخطة علمية ؛سلمية ..نقترحها في النهاية ..
إحالات:
1ـ العدالة الاجتماعية في الإسلام/سيد قطب دار الشروق ..الطبعة 9سنة1983 ص:5.
2ـ نقد النقد ..أ/د: الحبيب مونسي ..مرجع سابق.