عالم النت في عالم القلم
في استفتاء طرح على النت في خيالي ، رصدت فيه ما جال في البالِ ، فقرّرت أخيرًا أنْ أنثر أفكاري ، فلعلّي أقرأ مزيدًا مّما لم يراود سرحاني ، فخذوا منه ما تشاءون ؛ واتركوا منه ما لا تشتهون ، وشاركوا في تقطيع أوصال ما تنبذون ، ودعوا العقل يجود بما ترون ، وزيدوا عليها كما تشاءون ، وتوكلوا على الحيّ القيوم ، الذي عينه لا تنام ، وعلمه لا يحيط به إنسان ، وسيقف بين يديه كل الأنام ، وسيعلم حينئذ من هو الغني والفقير ، والعالم من الضرير ، يوم لا يجد له ناصرًا أو معين ، إلا علمًا نثر لرضا العزيز القدير ، فاكتب أيها القلم ما تريد ، فإن غدًا لناظره قريب .
قال الأول :
أمّا أنا فأكتب بعلمي وفهمي وأجامل من يجاملني ، ولا أردّ على من يتجاهلني ، فإذا لم تبلغ المشاركات الرقم العاشر ، أسخط على من تجاهلني كالنيزك الثائر ، و أكون لهم كما الحظ العاثر ، لأنّهم ساهموا في دحر الأدب والفكر الرزين ، فهذه طامة كبرى تفوق إعصار أزمتنا المالية ، وخسائر دولنا النفطية ، فأنا أدفع مالًا لأزيد العلم نسبًا وجاهًا .
قال الثاني :
أمّا أنا فلا يهمني كل ذلك ، المهم أنْ أكون مقتنعًا بكتاباتي ، وأنْ أقضي وقتي مستمتعًا بمديحي لذاتي ، وإعجابي بمؤلفاتي ، فلا يقترب مني أحد ، كي لا أثور كالبراكين ، وأسقط شياطين حممي على رأسه كالدبابير .
قال الثالث :
أمّا أنا فأكتب لتزيد مواضيعي ولا يهمني الغث من السمين ، ، فأراقب من ردّ ومن لم يرد ّ ، ومن لم يردّ ممن ردّدت عليه فالويل له ، سأعلنها حربًا لا هوادة فيها ، لا هدنة ولا تهدئة ، بل مواجهة دائمة ، فالحياة دائن ومدين ، لا فرق بين العلم والتجارة ، فكلها ربح وخسارة تخضع لميزان الشطارة ، أعطيتك لتعطيني ، وإلا فسيفي يسبق يميني .
قال الرابع :
أمّا أنا فأكتب لأنقد ، فانتقدوني كما تشاءون ، غربلوا حروفي حرفًا حرفا ، واسلخوني مثل نعجة أبت إلا الهروب من صاحبها عشية عيد الأضحى ، وانتظروني بعد النضوج ؛ لأريكم في عزّ الظهيرة كل النجوم .
قال الخامس :
أمّا أنا فأكتبُ ما يحلو لي ، والويل والثبور لمن يتجرأ عليّ ، ويخاطبني بما أنا مقتنع بأنّي أهل له ، فأنا أعرف نفسي ، والمتنبي ليس بأعلم مني ومن أدبي فرّ ابن كلثوم و خرّت له الجبابر طائعون . ، فليحذر من يخاطبني ، فإنّ غضبي أفظع من تسونامي ، ولساني أحدّ من ابن برد ، أقول وافعل ، لا تورية تعصيني ، ولا رمزية تثنيني ، أثور كالمجنون ، لا أعرف الرحمة و من طبعي الفجور .
قال السادس :
أمّا أنا فأرضى بالقليل ، وطموحي ليس بالكبير . ولن أصبح مثل شكسبير ، فقليل من هنا وقليل من هناك ، مع لقب صغير أفاخر به عند الحبيب ، خير من النوم على قارعة الطريق .
قال السابع :
أمّا أنا فلديّ أسلوبي ، وعلمي ليس بالكبير ، وكل ما أرجوه أنْ يتحملني الكبير والصغير ، ويوجهني العالم والضرير ، فربما يكون في داخلي أديب كبير ، نائم منذ أمد طويل ، فيصحو بعد طول شخير .
قال الثامن :
أمّا أنا فأعتبره نجاحًا حين لا يجاملني أحد ، ولا يركّب فوق جهلي نسب ، فأنا إنسان متواضع ، أرغب بالكثير ، أحتاج لمن ينير لي دربي ، وأزيد من علمي وأدبي ، ولم أجد مكان يشفي الغليل ، يُُقدّم دواءً للعليلِ ، فجئت هنا كي أكتب و أتعلم ، وأهتدي بنور من تكلم ، الإيمان سلاحي ، والتوكل على الله زادي .
قال التاسع :
أمّا أنا فهذا علمي وهذا أدبي وإلى الأمام أوجّه حلمي ، وإلى العلياء يقودني أملي ، أحترم من هم فوقي ، ولا أبخس قدر من هم دوني ، ولا أقول أنّي أسبق زمني ، قرأت كل البحور ، وكتبت في مختلف العلوم ، وطموحي ليس له حدود ، وهناك من هو أعلم مني ، وفوق كل ذي علم عليم .
قال العاشر بعد المليون :
أمّا أنا فإذا لم يقرأني أحد ، أفتح النافذة وأغلقها ، ثمّ أفتحها وأغلقها ثمّ ... ثمّ ... ثمّ وظل يردّدها حتى نام ثمّ تحلّل .