أضحكتني إحدى قريباتي عندما قالت بأن الصبغة السوداء التي تقضي على الشيب اختفت من سوق الشعبي في جيبوتي وان السبب يعود إلى الرجال الذين أصبحوا ينافسون النساء على هذا المنتج بمختلف ماركاته , ليس هذا موضوعنا إنما هناك جملة إعلانية بمختلف وسائل الإعلانات كانت ومازالت تحيطني بدائرة التساؤل ألا وهي :
قبل وبعد" .
من البديهي أن نذكر الشيء قبل أن يحدث له تغيير كيف كان وانه كيف أصبح فيما بعد , بعد... إجراء تغييرات عديدة عليه إذ أن الأمر هنا انتهى ولا يبعث على التساؤل لكني وجدت هناك خيط رفيع بين هذه العبارة " قبل وبعد " وبين مواقف الآخرين وقد استعير هذه العبارة على مضض لأني لا أحب التقليد الأعمى أو أن انسب أفكار الآخرين لنفسي كما يفعلها البعض بل يتفنن فيها لدرجة أبعاد الاستنساخ .. فتطرقي لكلمتي قبل وبعد لم يكن من باب التقليد وإنما كان من باب السؤال الذي يقف في طريقي دوما..
مبدئيا اعتذر لكل شركات المنتجات التجميلية سواء منها تلك الشركات التي تطرح في الأسواق عقار إعادة ترميم الشعر للصلع من الرجال وإعادة ترميم طبقة الأدمة التي تتعرض لهجمة شرسة من التجاعيد على وجوه النساء ابتداء من تعرجات وشقوق أشبه بتشققات الطين على السهول بعد مرور السيل ..فتبدأ المقارنة بين الصورة قبل / بعد ..
ولكن كل هذا جميل ومقنع إلى حد ما ..
فأن على الذين يريدون أن يستبقوا من الزمن المتسرب في غفلة منا وميضه حتى ولو بلمسة شكلية عن طريق دفع مبالغ توهمهم بأنها لم تذهب سدى لكي يرضوا ضمائرهم قليلا بمبدأ مفاده أن فلوس فلان من حق فلان ..كما قلت ذات مرة عندما لبيت دعوة سيدة أعمال جيبوتية لعشاء فاخر في منزلها ولم أكن اعرف مناسبة لهذه المأدبة رغم إنها زعمت لكل سيدة وجهت إليها الدعوة بأنها هي "هرم" الحفل أو المأدبة ..وكل واحدة دخلت من الباب الخارجي إلى منزل تلك السيدة وهي تسحب طرف فستانها ظنا منها بأنها المحتفى بها ..ويا عجبا لنرجسيتنا ...وكان لقاء اجتماعيا رائعا حيث التقيت بمن لم التق بهن منذ زمن بعيد ...
ولكن سرعان ما عرفنا الهدف من الحفلة ..بينما كانت روائح الأطباق الشهية تنافس عطور النساء كانت صاحبة الدعوة الميمونة تعرض بعض السلع التجارية المستوردة على المدعوات خاصة تلك التي تستهوي النساء من أطقم مجوهرات و..هلم جر.. إذ كانت بين المدعوات المخطوبات وهنا قلت في سري بأن فضل الفقراء على الأغنياء كفضل الأهل على الأبناء ..لولا الفقير لما كان الغني غنيا ..!!!
وكانت عيوني تراقب صاحبة المنزل فقاتل الله الفضول لقد استطعت أن اقتنص من تعبيرات وجهها كلما عرضت طقما من المجوهرات على إحداهن باختلاف مستواها الوظيفي ...ووصلت إلى قبل وبعد بصورة جلية ..
يبدو أن عبارة قبل وبعد ستأخذنا إلى كوكب آخر لم اعتزم المرور عليه ..ولم اشحن قلمي لرحلة بعيدة ولكن ..لأول مرة أتعرف على الحد الفاصل بين زمني "(القبل والبعد) "عندما يحتك بك شخص ما ويحاول أن يستغفلك بأمر ما, تتغير نبرة صوته تجاهك, عندما يفقد الأمل لممارسة الضحك على عقلك , تجده قد تغير إلى 180درجة من حالته القبل بعد أن تراه في عهد" بعد" ..إلى أي مدى سينقشع قناع الآخر عندما يصطدم بمبدئك عن قبل ليكون البعد بعد آخر؟
لا يتوقف الزمن على حالة واحدة والأجمل ألا تتغير النفوس مع تغييرات المواسم
منذ أزمنة سحيقة للحق والصدق وجه واحد والأجمل دون التجميل هو أن تأخذ من المتغيرات أفضلها وتبقى لديك من الثوابت أرسخها
ومازلت احتار في علاقة ..قبل وبعد بالمبادئ لمجرد أن نحتك بالشخص حين نفقد الحيلة على إقناعه بشيء ما لتتبدل حالتنا إلى صفة ــــ بعدــــ