قرر المضى ..فلا يستطيع الاحتمال أكثر .. بحفل كل شئ به صاخب .. الأضواء تتلاعب فى صخب ، الموسيقى ترج الجسد كأنها زلزال .. حتى الحضور يغمرهم الصخب .. يزداد الإزدحام .. بدا شارد الذهن مشتت الفكر .
تدفق الحضور فى ازدياد ..من صفوة المجتمع من نجوم الفن و الأدب والساسة ورجال الأعمال .. رياضيين يعج القصر بالازدحام .. يشعر بالإختناق .. ليلة طويلة مرهقة .. يوشك القمر على الاختفاء فيتواتر الليل بالنهار شعر بالضيق ، يزداد الاختناق .. تسلل فى غفلة من الزمن ومن الحضور السكارى .. ماضيا ً بطريقه تاركا ً قصره الفخم ، والصفوة خلفه .
ظل يسير ويسير .. أراد أن يسمو بإ حساسه لعالم بعيد .. يخترق بعقله الأفق فى شرود .. أخذته قدماه إلى أريكة خشبية مطلة على النهر النائم .. فجلس عليها .. ثم أخرج مفكرته ،أمسك قلمه .. انتظر حضور الإلهام فأغرقت عقله أحلام يائسة .. واقع يغمره النفاق والألم ..مشاعر موؤدة دفن معها الإحساس .. قاوم نفسه وأمسك قلمه بعد أن سقط من يده ..
حاول أن يسطر الكلمات .. منتظرا ً لقاء الفكر المرتعد والمتوجس من الحضور .. لكن دون جدوى فقد جفت بحور الإلهام .. ومن شدة شعوره بالإستياء والتوتر .. بدد سحب الخيال فسقط على أرض واقع كل شئ به زائف.. أصدقاء يطعنوك بالظهر .. ينهشوك فى تصارع بينهم يغرسون أنيابهم ومخالبهم بلحمك وأنت ما تزال حى .. لتنزف وتتألم حتى الموت دون رحمة .. أشقاء ينهبون الإرث .. زوجة خائنة .. ناعمة كالحرير ،حادة كالماس .. تجذبك من فوق عرشك لأسفل قدميها .. لها سم الأفاعى وأنياب ذئب لتسحق عظامك .
حتى بعد أن أصبح أديب عالمى وأصبح حديث تتجاذبه الأفواه .. زاد الشعور بالإستياء.. فيرى الأشياء بوضوح أكثر الآن ويرى الضمائر عارية .. وكل من يحاول الإقتراب والتودد فلغاية ما .. أعتصر الألم قلبه .. انهارت المقاومة داخله ،سقط القلم من يده والدمع من عيناه .. ارتعد جسده وتمتمت شفتاه ببعض الكلمات .. بصوت محشرج يغلبه البكاء وسأل نفسه ..
بمأزق أنا ؟ ..
ماذا على أن أفعل ؟..
لابد أن يستمر الإبداع .. لا مجال أمامى للتوقف .. وإلا فقضى على وانتهى أمرى .. فيسحق عنقى الأوغاد فأعاد إمساك القلم واستحضر شياطين الفكر .. وبدأ يسطر الكلمات ..
فقال:. عندما يكون الظلام حالك والسماء ممتلئة بالغيوم والأرض مكترثة بالبشر ولكل إنسان مبدأه .. وأنت تسبح بين ظلمات .. فهل سوف تدرك يوم أنك ضللت السبيل .. وافتقدت الكثير لتسايرعقول الآخرين .. فأكثر الظلمات حلاكا ًظلمات مابين أفكارالبشر.. هل تعلم أنك عندما تخاطب الآخرين تغرق بين أفكارهم ؟!.... ولتسايرهم شئ فشئ تسوء بك أحوالك .. ولكى تحاول إرضائهم .. تأكد أنك سوف تخسر الكثير .. ثم توالت الصفحات فى تتابع وتدفق حتى ولدت على يديه رواية جديدة عازمة على البقاء والتحدى لكل ما حولها من تحديات الحياة وإرادة العابثين المنتفعين .. فهى إختارت الحياة وتغلبت عليها وعلى عثرتها .. وكان يتصدرها هذا العنوان .. سأبقى ليرحل الأوغاد .