رعونة مدامع
رأَيتُنِي رغمَ أَنْفِ وِسادَة أُراهِنُ العَتْمةَ على طولِ السَّهَر، وأَدركَتْ هَواجسي أَنَّ في الصَّحوِ تَنفرِجُ أَساريرُ الذِّكرَياتِ، وأنَّهُ ما زالَ أمَامي الكَثيرُ منْ حَطَبِ الحَنِين .
تَروقُني فكرةُ أنَّ الليلَ هُدنةُ شَمسٍ، وأنَّ النُّورَ يُعِدُّ العُدَّةَ لغزوِ أسْوارِ حُصونِ صَحْوِي، وأنَّ علَيَّ أنْ أراجِعَ فيهَا هَزيمَتِي .
يا إلهي .. كَمْ نَدِيُّ الجُنونِ أنا !! أسرِجُ للعَرَاءِ جَميعَ خُيولِ حُمقي، فلَا أَتَوَانَى عَنْ إِهراقِ فُصولِي في إِثرِ غُصنٍ هارِبٍ مِنْ غَيْث، يَختزِلُ جَميعَ نَوايا الليل البهيم، راكِضًا .. قابضًا على وَهمِ رَبِيع .
أَبكي كالنِّساءِ على مُلكٍ زائلٍ، يَسْري في دَمي مَوْتُ مدينَتِي جُرْحًا فَجُرْحا . أغُذُّ الفرارَ إلى الجهلِ بسيقانِ إنكاري، ومَا أبقيتُ مِن وجَعِ دَفاتِرِي القديمَةِ، سِوَى مَا يُورِّطُني في المزيدِ من اعْتِنَاقِ الشَّوقِ النَّائي الشَّرِيد .
فِي بقايا صَفَحَاتِي حِبرٌ طلَّقَهُ أَو كادَ الوَرَق، وَأحلامُ بَوْحٍ لم يُغَادِرْنَ الهَوَامشَ، يوارينَ سَوْأةَ نَوْمِيَ الشَّحِيح .
أفكِّرُ الآنَ فيما لَو قرَّرَ الفجرُ المُباغَتة، وارْتكابَ الضَّوءِ في حَضْرةِ هذا الشَّجَن، لِيَنْحَسِرَ وَقَارُ هذا العَتْمِ خلفَ أفقِ صحْوَتِي ..
تُرى .. مَنْ يُسَامِرُ حَرْفَ هَذَيَانِي قَبلَ أنْ تَكْتَمِلَ دَورَةُ رُعونَةِ مَدَامعي ؟؟؟