أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 15

الموضوع: شُرْفَةُ الحُبْ

  1. #1
    أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2014
    المشاركات : 52
    المواضيع : 6
    الردود : 52
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي شُرْفَةُ الحُبْ

    شُرْفَةُ الحُبْ

    فجأةً وَجَدَ نَفسَهُ وسْطَ الظَّلامِ مُتَسَمِراً على حائطِ السُّور أَسْفلِ شُرْفَتِها , يُحِيطُ به سُكونٌ تام و هو يحاوِلُ بٍجُهد أن يَضْبِطَ وتيرةَ أنفاسه المُتَسارعة , لا يدْري كيف بدأ الأمر و كيف وصل إلى هنا؟! , ما الذي يحاول فِعْلَهُ في مَثْلِ هذا الزمان و هذا المكان؟! , أتُرَاهُ يَنْوي أخيراً أن يَقْتَحِمَ عليها حياتَها و يُشْعِرَها بِحَقِّه بالوُجوُدِ فيها , فهذا ما كان يَجُولُ في خاطِرِهِ قبل أن يَجِدَ نفسهُ مُتَوَثِّباً ظَهْرَ هذا الحائطِ , ولكن كيف واتتهُ الجرأة على فِعْلِ مِثلِ هذا الأمر و هو الذي يتردَدُ خَجِلاً في إلقاءِ التحيةِ عليها كُلَّما اصطدمت عيناهُ بَوَهْجِ مُقْلَتيها في الطريق , بل و يخشى أن يخْتَلِسَ النَّظَرَ إليها من خَلْف نافِذَةِ حُجْرَتِه المُقَابِلة لشُرْفَتِها , كيف أُرْغمت مَبَادِئهُ على الانصياع لِنَزَواتهِ بهذه السهولة , و ماذا عنها؟ هل ستستقبلُ غارَتَهُ الليلية و استَباحَتُهُ لحُرْمَتِها بتعابيرها المُحايِدة كعادتها في كل مرة يلتقيها أم سَتَلْبسُ قِنَاعاً جديداً هذه المرة يُفصِحُ عن مَكْنُونِ لُـبِّها و خَلَجاتِ نفسِها تِجاهَه , و ما عسى أن يَقولَ هُوَ إذا ما استنطقته عيناها ؟.....


    اضْطَرمتْ تلك الأفكارُ و التَّسِاؤلات داخلَ رأسهِ , خَنَقه السكونُ الثقيل , كتم أَنِينهُ في نَفْسِه , ما كان ليحدث كلَّ هذا لولا هالةُ الغموضِ التي تُحيطُ نَفْسَهَا بِها و التي تحولُ دون عثورهِ على مَوْرِدٍ يَنْفُذُ عَبْرَه إلى أعمَاقِها علَّهُ يَجِدُ هُناك ما يُشَيرُ إليه , ولكن ها هوَ قد طَالَ عليهِ الأَمدُ و لم يَحْظَ بما يُريد فغَلَبتْهُ شَقْوَتُهَ و امْتَطَى سوادَ الليل لِيطْرِقَ باب وَصْلِها على نَهْجِ عشاق الليل لعله يَحوزُ منها ما يشفي به الغَلِيل ويُرِيحُ فُؤاده الكَلِيل.
    وفيما هو يَجُوس بين أفكارِه انْبَجَسَ يَنْبُوعٌ من الضَّوء مُخْتَرِقاً حاجِزَ الظَّلام أجْبَرَهُ على الكُمُونِ في موضِعِه فوقَ حائِطِ السُور ,لاحَ لَهُ طَيْفُهَا مُنْتَصِباً على الشُرْفة ,أشْرَعَتْ ذراعيها تحْتَضِنَ نَسائمَ الليل الرقيقة , اتَّكأت على حَاجِزِ الشُّرفةِ المَعْدِني , أخَذَ يتَوَسلَ شَجَاعَتَهُ في أن يظْهرَ لها فَجَبُنَتْ عنه , خشي إن أفْصَحَ عن وُجُودِه أن تُباغِتَه بمَا لم يَكُن في حُسْبانِه فآثرَ الجُثُومَ في مَكْمَنِه حتى يفْصِلَ الله في أمْرِه , أرْخَى رأْسَهُ و أغْمَضَ عيْنَيْه خَشْيةَ أن تَدُلَّاها على وجوده , يكتنفه شعور بالحنق و الندم معاَ, يغيظهُ أن يَجْتمِعا وحدهما في ذات الزمان و المكان ويَقْصُرُ عنْ أنْ يبوحَ لها بدفينِ قلْبِه و اِلْتِيَاعِه , شَمِتَتْ نَفْسُهُ بِحَالِه فرَدَدَت :


    بِاللَهِ رَبِّ مُحَمَّدٍ حَدِّثنَني
    حَقّاً أَما تَعجَبنَ مِن هَذا الفَتى
    الداخِلِ البَيتَ الشَديدَ حِجابُهُ
    في غَيرِ ميعادٍ أَما يَخشى الرَدى


    كانت تَنْظُرُ من شُرْفَتِها نَاحِيةِ نافذة غُرفَتِهِ بِعُمْق تستجدي خيالها ليوحي لها بالمزيد عنه مُتوَسلةً له بطول انتظارها و لَوْعَةِ فُؤادِها لعلها تَسْتَبينُ سَبيلَ هذا الحب طَالَما احْجَمَ هو عنْ رفْعِ رايتهِ و آثَرَ طَرَفَ الحِياد عن التَّضْحيةِ في سبيلِهْ.

    عادتْ لغُرفَتها بعد أن أَغْلَقتْ بابَ الشُرْفَة , جَلَسَتْ على مِنْضَدَتها , نظرت إلى ما كانت تّكْتُبُه , تبسمت عند بيت الشِّعْرِ الأخير, فتابعت الكِتَابَة :


    فَأَجَبتُها إِنَّ المُحِبَّ مُعَوَّدٌ
    بِلِقاءِ مَن يَهوى وَإِن خافَ العِدى

  2. #2
    الصورة الرمزية مصطفى حمزة شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    الدولة : سوريا - الإمارات
    المشاركات : 4,424
    المواضيع : 168
    الردود : 4424
    المعدل اليومي : 1.00

    افتراضي

    أخي الأكرم ، أديبنا أحمد
    أسعد الله أوقاتك
    قصّة فيها من مغامرات ( كازانوفا ) ، وفيها من مقامات الهمذاني ، وفيها من ( ساكن أصادي وبحبو .. ) وفي النهاية نحن أمام نصّ
    ممتع بطعم الحب البريء ، وبلغة أدبيّة فاخرة ، وبقالب مميّز
    تحياتي
    اللهمّ لا تُحكّمْ بنا مَنْ لا يخافُكَ ولا يرحمُنا

  3. #3
    الصورة الرمزية مازن لبابيدي شاعر
    هيئة تحرير المجلة

    تاريخ التسجيل : Mar 2008
    الدولة : أبو ظبي
    العمر : 64
    المشاركات : 8,888
    المواضيع : 157
    الردود : 8888
    المعدل اليومي : 1.51

    افتراضي

    الأديب المبدع أحمد حسن
    قصة ماتعة بسردها وحبكتها ولغتها المتمكنة
    كما أشكر لك اعتناءك باللغة والتشكيل .

    تقديري وتحيتي
    يا شام إني والأقدار مبرمة /// ما لي سواك قبيل الموت منقلب

  4. #4
    أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2014
    المشاركات : 52
    المواضيع : 6
    الردود : 52
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى حمزة مشاهدة المشاركة
    أخي الأكرم ، أديبنا أحمد
    أسعد الله أوقاتك
    قصّة فيها من مغامرات ( كازانوفا ) ، وفيها من مقامات الهمذاني ، وفيها من ( ساكن أصادي وبحبو .. ) وفي النهاية نحن أمام نصّ
    ممتع بطعم الحب البريء ، وبلغة أدبيّة فاخرة ، وبقالب مميّز
    تحياتي
    الأستاذ الفاضل الأديب مصطفى حمزة

    يُبهَجُني دوماً مروركم الثري و ومضاتكم النَيِّرة

    دمت بود

  5. #5
    أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2014
    المشاركات : 52
    المواضيع : 6
    الردود : 52
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مازن لبابيدي مشاهدة المشاركة
    الأديب المبدع أحمد حسن
    قصة ماتعة بسردها وحبكتها ولغتها المتمكنة
    كما أشكر لك اعتناءك باللغة والتشكيل .

    تقديري وتحيتي
    الأستاذ الفاضل مازن لبابيدي

    أشكر لك مرورك البهي و تقريظك الكريم

    دمت بصحة و عافية

  6. #6
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 1.99

    افتراضي

    بسرد ماتع و أسلوب مشوق وحبكة رهيفة الحس وحالمة رسمت القصة بجمال
    بوركت
    كل التقدير
    رائعة

  7. #7
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.70

    افتراضي

    بمهارة ملك السارد خيوط الحبكة وحرّكها بتداخلات لافتة وتفاصيل وصفية للصراع الداخلي منحت الفكرة جمالية وبعدا
    السرد كان شائقا واللغة طيبة والأداء جميلا

    أم سَتَلْبسُ قِنَاعاً جديداً هذه المرة يُفصِحُ عن مَكْنُونِ ... ربما لم يكن التساؤل هنا دقيقا فالقناع يخفي ولا يفصح
    وفي قولك .. "فَأَجَبتُها إِنَّ المُحِبَّ مُعَوَّدٌ" كانت انتقالة في شخص الراوي لم يمهد الكاتب لها

    قلم قصّي جدير بالمتابعة

    دمت بخير أيها الفاضل

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  8. #8
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 392
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.13

    افتراضي

    مررت على هذا المقام البديع واستمتعت بنصٍ بهي الفكرة والآداء والبيان والحبكة والتصوير
    أجدت وأبدعت أديبنا الراقي فشكرا لك
    ومرحبا بك في واحتك
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #9
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي

    سرد جميل بلغة عاطفيّة رقيقة
    إقحام الراوي في النّهاية لم يكن ذا قيمة هامّة (ولكم الرّأي)
    بوركت
    تقديري وتحيّتي

  10. #10
    أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2014
    المشاركات : 52
    المواضيع : 6
    الردود : 52
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خلود محمد جمعة مشاهدة المشاركة
    بسرد ماتع و أسلوب مشوق وحبكة رهيفة الحس وحالمة رسمت القصة بجمال
    بوركت
    كل التقدير
    رائعة
    الأستاذة الفاضلة خلود
    لك كل الشكر و التقدير على مرورك الكريم و على الإطراء الجميل
    دمت بخير

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. شرفة متجددة : مصطلحات فكرية و ثقافية
    بواسطة عبدالصمد حسن زيبار في المنتدى التَّفكِيرُ والفَلسَفةُ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 18-01-2022, 09:31 PM
  2. الفرزدقُ وجريرُ ... شرفةٌ للنزال الشعري
    بواسطة عادل العاني في المنتدى حَلَبَةُ الوَاحَةِ الأَدَبِيَّةُ
    مشاركات: 169
    آخر مشاركة: 01-06-2016, 11:43 PM
  3. في شرفة الأحلام ... شعر ( ماجد الرقيبة . )
    بواسطة ماجد الرقيبة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 20-04-2010, 11:48 PM
  4. شرفة اليأس ......................!
    بواسطة سلطان السبهان في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 35
    آخر مشاركة: 20-09-2007, 11:14 AM
  5. إطلالة0 من شرفة الغيم ( قصيدة رومانسية سياحية
    بواسطة عاشق الفل في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-06-2004, 06:42 PM