في غياهب الرّعب رقدّت على المذبح كقربان تلاشت أطرافه و صارت اللغة عبئا على لساني ، أستحضرها اضطرارا و لا أجدني أمضي فيها قدما .

في اختفاء النّور ، بينما تلك العيون الحمراء تنبئ بجريمتي التي طوقتني حين انسللت من البيت في ظلمة الليل ؛ لم أصرخ بل تسارعت زفراتي حينما بدّت يده ملوثة بدماء ضحاياه و أنيابه التي لا تعرف سوى طقوس الذّبائح، و فمه الذي ينفث نارا مشتعلة تجذبني من خاصرتي في غير رحمة و تدفع بقدمي إلى الموت ..

يا إلهي لِمَ جُمعت يدي إلى صدري عنوة ؟

كفّ يدك عني أيها الغول ؛ سأستغيث ..لن تصيب جسمي كما تعوّدت مع ضحاياك.

زمجر الغول ( لن أبرح مكاني و لن أدعك ، الصّائد ينتظر صيده الثّمين) ، لم يمضِ إلى سرداب كهفه و إنما لفّني بذراعيه المشعرتين و أنا أنتحب وظللت في مكاني متحجرة كتمثال من الصّخر ..

هزّني هزّة عنيفة بعدما ذاق من خوفي البغيض و عرف قوّة قبضته و قد نفرت شرايين جبينه من حدّة إصراره ..كشّر في وجهي و رّن صوته الهادر كفاكِ انتفاضا ، أنتِ في حضني و مدّ يده تحت الوسادة وسحب منديلا مطرزا بالورد ليمسح عني دموعي الغزيرة .

ثم توقف برهة و همس في أذني ( نقطة ضعفي دموعكِ ابنتي لن أقصّ عليكِ قصّة الغول بعد اليوم) ..
*********
نحن معلّقون بالوهم كأرجوحة تتمايل في ظلام الهواجس ؛ يستهلك البشر قبل أن يكونوا محاربين ذوي جَلْد ..

ذكّرتني قصة أستاذة نادية محمد الجابي (لحظات من رعب ) بذكرى لم تنم مذ فُتحت أذني لروايات أبي رحمة الله عليه و صوته الذي حلّق بي في فضاء الخيال وكان أقرب إلى الحقيقة ..

لكِ حبيبتي أ. نادية باقة ورد وتحيّة احترام ..

كل عام وأنتِ بخير ؛ عيد مبارك مقدما..