قصة أعجبتني وأثرت في نفسي كثيرا فأحببت أن أنقلها لكم ..


الحنين

رنا عادل
19/7/1424
16/09/2003


أشجار شامخة بعز وكبرياء .. تعانق بعضها بعضاً تعلو حتى السماء..
وبساط أخضر تزينه زهور برية عشقت حلو الحياة رونق الحرية ..
نسيم عليل يعزف أغنية السعادة.. يطرب الآذان.. ويداعب الروح.. ينعش الفؤاد.. يعلن ميلاد حب جديد.
هناك في غابة الأحلام.. كان اللقاء وجمعهما كوخ بسيط.
شيدت جدرانه بآمال وأحلام.. بفرح وسرور.. يتطلعان نحو المستقبل القريب نحو الأفق حيث تطلع شمس فجر جديد بوفاق ووئام نسجا جدران الحياة.. بتضحية وإيثار صنعا الحاضر المنير.. بمحبة وتفاهم وصبر وتعاون بنيا مستقبلاً زاهراً عرفه الزمان.. تجاوزا الأكدار بعزم وثبات.
تلاحم وتجانس بالأفكار..
عيش كريم ورضى بالقضاء والقدر..
هكذا هي الحياة عندهما.. لم يفكرا بشيء يكدر صفو الأجواء المحيطة مهما كان..
لم يتخيلا هموماً تلاحقهما أبداً.. حتى إن المرض لو داهم أحدهما كان الآخر سبباً في شفائه بعد فضل رب العالمين بالسهر على راحته وتطبيبه ورعايته.. وسرعان ما تنتهي الآلام لتعود الأفراح ترفرف على سماء دنياهم ينعمان برضى الرحمن.
هما كذلك إلى أن داهم المرض العضال تلك المسكينة بخفة ودهاء دون أن تشعر .. وبدأ ينهش كذئب انقض على الفريسة ..
علمت بمرضها بعد فوات الأوان، وكتمت أمرها عن أحب الناس لقلبها ورفيق دربها؛ خوفاً عليه ورحمة به.. إخلاصاً ووفاءً وأي وفاء تحمله لزوجها يدفعها لتصارع الموت وحدها دون أن يشاركها حتى الأنين والبكاء.
لكن الأنين وصل قلبه قبل أن يخرج من فيها.. والألم مس جميع أوصاله قبل أن يرى حالها.. فزهرة حياته تذبل أمام ناظريه معلنة الرحيل إلى غير رجعة.. ونورها يحبو كشمعة بعدما كانت وضاءة وهاجة.
وقبله يعتصر بين أضلعه ألماً وحزناً لقرب الرحيل دون أن يرافقها.. وبلمح البصر كانت النهاية وعلى صدره أسلمت الروح، وبين يديه أطلقت آخر ابتسامة للحياة ممزوجة بدمعتين ساخنتين.. عزاؤهما أن هناك سيحلو اللقاء عند رب السماء.. في جنة الخلد.
لم تمض أيام طويلة.. فلم يعتد العيش وحيداً؛ فأرهقته الوحدة.
ولم يحب العيش وحيداً.. فأزهقته الحياة.
ولم يتخيل الحياة دونهما فيذهب لزيارتها كل يوم خمس مرات يحادثها ويدعو لها ويخبرها عن حاله واشتياقه وحنينه لأجمل أيام قضاها برفقتها .. يخبرها عن أزهار كوخ الحب الذي جمعهما كيف ذبلت حزناً لرحيلها .. عن أغصان الأشجار التي كانت تظلها كيف ماتت وتيبست.. اعتصره ألم الفراق ولم يستطع أن يكمل المشوار وحيداً.. شدة الحنين بعد أيام قليلة شوقاً وطرباً للقيا حبيبة عرفها بحمى الرحمن.. وأسلم الروح على ترب مضجعها بابتسامة رسمت على عينه فرحاً باللقاء... أملاً أن يجمعهما الله ثانية في جنة عالية كما جمعهما في دنيا فانية.

___________

القصة منقولة من موقع الاسلام اليوم

www.islamtoday.net

http://www.islamtoday.net/articles/s...=20&artid=2827