جفاف
لا غيمةَ في السماء هذا الصباح
ولا قطرةَ ندى على بتلاتِ أزهاري
كم هو ناشفٌ شعاعُ الشمس !!
وكم هو موحشٌ صفيرُ الهواء !!

الصخرة
الصخرةُ التي تشبه الفرس
الصخرةُ التي تعبُّ الريح والمطر
وترعى العشب في الربيع
وتبسطُ ظلّها في مواسم الحصاد
الصخرةُ التي روّضتها في طفولتي
ولم تحرنْ سوى مرةٍ واحدة
كي تنشقَ عطرَ دمي
وتطبعَ على جبيني قبلةً لا تزول
الصخرة التي أحملها في حناياي
أظنها لم تزل هناكَ في حقلنا القديم
تشرئبُّ برأسها للأعالي
لعلها تراني هابطاً من بعيد .

الملائكة
الصغارُ في الحديقة يصخبون
انظري إلى الهالاتِ حول رؤوسهم
وإلى البرقِ الخاطفِ بين أقدامهم
وقولي لي :
أليس هؤلاء هم الملائكة ؟!!

عينٌ بعين
هذه النظرةُ العمياءُ لا أطيقُها
فاسمح لي – أنا الغريبَ – أنْ أغمضَ عينيّ
كأنني أمشي نائماً
أوكأنني أحلم بالمشي في بلادي
اسمح لي - أيّها الأعمى - ألاّ أراك !!

امتلاء

ماضٍ إلى تخوم أحلامه
في عظامه رنينُ فضّةِ الكلام
وفي قلبه ينبوعٌ صغير
يسقي جذوره في المفازات .

فراغ
ثمة فراغٌ مسنّنٌ ثقيل
كدولابِ الفجيعة
يدور الآن في داخلي
ويسحقُ قلبي
وزهرة دهشتي الأخيرة

المضيء
كلُّ ما في هذا الرجلِ مضيء
إنّه يفعلُ ما يقولُ ،
ولا يقولُ غيرَ ما يفعل .

قلق
قَلِقٌ كدوريٍّ على الأسلاك
وبصري مشوّشٌ حسير
كأنني أتَهدّمُ في داخلي
وكأنّ الكواكبَ والنيازكَ تَتهاوى
في فضاء جمجمتي السّحيق .

( سنذهب الآن إليها )
قال قلبي : سنذهبُ الآن إليها
لن نحسب التلال والوهادَ التي بيننا
لن نُعيرَ دورة الأفلاكِ نبضَنا
ولن نسمحَ للبحر أن يغتالَ مركبنا الصغير
أو يفقأ أعينَنا برمحه الأزرق الطويل ...
قال قلبي .. فقلت : هيتَ لك .
وأعرته قوس أفكاري وسهام نيراني
فحمحمَ قافزاً من بين أضلعي :
- سنذهب الآن إليها ، فامتشقني
توشّحْ بشغافي ونياطي
فإنني ناثرٌ على مفرقك الفضيِّ عقيقي
وإننا لبرقان صاخبان
سنقحم غيلان الحديد والبارود
ونمرقُ من عيون الحراس بلا أختام
سنسحب الرياح خلفنا
كسربٍ طويل من الحمام العائد للجنوب
ونصغي معاً إلى هديل الإياب
أهٍ كم يحبُّ الحمامُ الجنوب !!
وكم يحبُّ الجنوبُ الحمام !!