لا يهم !!




استيقظ ممدوح ذات صباح وهو يتساءل عن سر النشاط الغريب الذي يشعر به! فهو قد تعود في السنوات الأخيرة أن يستيقظ متثاقلاَ يجر قدميه حتى يرتدي ملابسه ثم يذهب إلى عمله في الموعد أو متأخراً - لا يهم – حليق الذقن أو لا - لا يهم – يؤدي عمله بإتقان أو لا - لا يهم – تمضي ساعات العمل دون أن يهتم حتى يعود إلى المنزل، فكل شيء - لا يهم – تحضر له أمه طعام الغذاء فيتناوله ويرقد فترة القيلولة ثم يقوم ليمضي أمسيته أمام التلفاز أو حتى على القهوة مع الأصدقاء ثم يعود لينام فلم يكن يشعر بأي جديد ولا يبحث عنه حتى عندما تخرج من كلية التجارة منذ بضع سنوات بتقدير مقبول، لم يشعر بشيءٍ من الإثارة، وقد التحق بعمله في وزارة التأمينات الاجتماعية براتب لم يسمح له في يومٍ من الأيام أن يحلم بشيءٍ يختلف عن روتينه اليومي المعهود، وقد ساهم كونه ولداًً وحيداً في عدم اختلاطه بالأصدقاء، فقط ..كانت هناك زمالة في المدرسة وزمالة في الجامعة وزمالة في العمل وقد سمح لنفسه مرة أن يفكر في الحب عندما كان في الجامعة ولكن لم يلقَ تفكيره هذا قبولاً من زميلاته على قلتهن ولكن هاهو يبدأ



في التفكير بذلك ويشعر بحاله يتغير منذ تم تعيين زميلة جديدة بالعمل، فهو منذ أن رآها، أحس بأنها دنيا أخرى غير تلك التي يعرفها، تنبض حيوية، تبتسم دون افتعال، ذات وجهٍ بريءٍ صبوح لا يخلو من أنوثة ولكن كل ذلك لم يجعله يطمح إلى صداقتها، بل كان تعاملها معه وقد كان هو المشرف عليها في العمل وأحس بأنها تنظر في عينيه وكأنها تنظر داخله، ورغم مبدأه أن - لا شيء يهم – أحس أن هناك ما يهم، فأصبح يهتم بحلاقة ذقنه وهندامه مما أضفى على وجهه الهادئ رزانة قالت عنها عايده أمس أنها أَسَرَتها وصارحته بإعجابها، لذلك لم يستطع النوم بالأمس وعلى الرغم من ذلك فقد استيقظ نشيطاً متفائلاً متعجلاً الذهاب إلى العمل وكأنه ذاهبُ إلى لقاءٍٍ غرامي وقد وصل عمله مبكراً، وحانت لحظة اللقاء وقد قرر أن يصارحها بحبه ورغبته في الزواج منها، وعندما رآها تهللت أساريره لرؤية ابتسامتها الجميلة وهي تقول له بحبور : " صباح الخير" وقد أجابها وهم أن يتكلم ولكنها عاجلته بقولها أنها سعيدة جداً اليوم فقد تمت خطبتها بالأمس لطبيب يعيش في أمريكا وستسافر معه وأنها قد قدمت اليوم لتودع زملائها .....

م/شريف البلتاجي
الكويت 2006