كم مِنْ غايةٍ نبيلةٍ حُفّ طريقُ الوصولِ إليها بالمكاره والأشواك التي يصعبُ تحمُّلها ، فالسائر على الطريق هو بين أمرين: إمّا أن يصبر على طول الطريق ومتاعبه ونصبه فينال بذلك أجر المجاهدة وأجر قَصْدِ الغاية النبيلة ، وإمّا أن يسلك طريقا آخر قصير المسافة خاليا من البلاء الثقيل لكنّ هذا الطريق مزروع بأعراض المسلمين ودمائهم وأموالهم ؛ فالسيرُ هنا يحتّمُ على صاحبه إتلاف كل شيء داسته قدماه ، رغم علمه التام أنه لا يحق له أن يرتع في حِمى غيره ، لكنّ رغبته متأججة لا تخمد إلا بعد انتهاك محارم الله ، يُجنّدُ في هذه المسيرة كل شيء يُغطّي هذا التعفن الأخلاقي فيستحضر الآية " فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه " ويستمسك بالأعراف الفاسدة التي تُبيح الكذب ...هكذا شأنه لا فرق بين الحلال والحرام ولا بين الطاعة والمعصية ، كلّ هذا من أجل لذة فانية ، وجرعة يسيرة ، ولقمة ربما لا تسمن ولا تغني من جوع .
إنّ الذي يسلك هذا الطريق وهو يعلم عواقبه أشكّ في إيمانه وإنْ صلى في الصفوف الأولى ، لأنّ صلاةً غير مثمرة كشجرة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار .