شام البطولة» بقلم ميسر العقاد » آخر مشاركة: ميسر العقاد »»»»» حِسانُ الشَّمائل» بقلم رياض شلال المحمدي » آخر مشاركة: ميسر العقاد »»»»» أَحجُّ رُوحًا» بقلم د. سمير العمري » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» هكذا الأيام» بقلم ميسر العقاد » آخر مشاركة: ميسر العقاد »»»»» يتيم يتّم العالم» بقلم ميسر العقاد » آخر مشاركة: ميسر العقاد »»»»» الأجر على الدعوة بالقرآن» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» النقوش التي حول المدينة المنورة» بقلم خالد أبو اسماعيل » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» غير الكلب ما شكرا» بقلم محمد إسماعيل سلامه » آخر مشاركة: محمد إسماعيل سلامه »»»»» خواطر وهمسات.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: احمدالبريد »»»»» هنا غزة» بقلم د. سمير العمري » آخر مشاركة: د. سمير العمري »»»»»
وَشْوَشَاتُ الفَجْرِ لِعَيْنَيْكِ
فِي الفَجْرِ، حِينَ تَتَثَاءَبُ السَّمَاءُ وَتَفْرُكُ عَيْنَيْهَا بِالضُّوءِ،
أَجْلِسُ وَحْدِي... وَأَنْتَ هُنَاكَ، بَعِيدٌ كَأَنَّكَ قَمَرٌ قَرَّرَ أَنْ يَظَلَّ مُعَلَّقًا فِي غُرْبَتِهِ.
أَكْتُبُكَ لَا بِالْحِبْرِ، بَلْ بِرَجْفَةِ الشَّوْقِ،
أُوشِّشُ طَيْفَكَ كَمَا تُوشِّشُ النَّخْلَةُ ظِلَّهَا حِينَ يُطِيلُ الغَائِبُ السَّفَرَ.
أَرَاكَ...
فِي وُجُوهِ العَابِرِينَ، فِي ارْتِجَافِ الضَّوْءِ فَوْقَ النَّافِذَةِ،
فِي إِنْسِكَابِ الصَّمْتِ بَيْنَ حَرْفَيْنِ مِنْ اِسْمِكَ،
وَفِي كُلِّ ارْتِبَاكٍ يَزْرَعُهُ الغِيَابُ فِي قَلْبِي حِينَ يُنَادِيكَ وَلَا يَسْمَعُ غَيْرَ صَدَاهُ.
كُلُّ الفَجْرِ يُشْبِهُكَ...
صَامِتٌ، مُبَلَّلٌ بِالنَّدَى،
وَفِيهِ رَجْفَةُ أَمَانِيَّةٍ تَتَسَلَّلُ مِنْ قَلْبِي إِلَيْكَ،
كَأَنَّ الحَنِينَ طَائِرٌ مَذْبُوحٌ،
يَطِيرُ إِلَيْكَ بِجَنَاحٍ مِنْ ذَاكِرَةٍ، وَجَنَاحٍ مِنْ بُكَاءٍ.
أَمَا زِلْتَ تَذْكُرُنِي؟
أَمَا زَالَ قَلْبِي يَطْرُقُ نَافِذَتَكَ فِي غَفْلَةِ الوَقْتِ؟
أَمْ أَنْ الغِيَابَ لَقَّنَكَ النِّسْيَانَ، كَمَا لَقَّنَتْنِي الوَحْدَةُ أَنْ أَرَاكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا الحَقِيقَةِ؟
أَكْتُبُكَ كَمَنْ يُقِيمُ مَأْتَمًا لِلْغِيَابِ،
وَيُشْعِلُ البُخُورَ فِي مِحْرَابِ الحَنِينِ،
وَيُرَتِّلُ اِسْمَكَ كَآيَةٍ لَمْ يَكْمُلْ تَأْوِيلُهَا بَعْدُ.
الغَائِبُونَ لَا يَمُوتُونَ...
هُمْ فَقَطْ يَتَحَوَّلُونَ إِلَى مُوسِيقَى خَفِيَّةٍ،
إِلَى رَعْشَةٍ فِي الدُّعَاءِ،
إِلَى دَمْعَةٍ تَتَوَارَى تَحْتَ رَمْشِ الشَّوْقِ.
وَفِي كُلِّ فَجْرٍ،
حِينَ تَسْجُدُ المَدِينَةُ لِنُورِهَا الأوَّلِ،،
أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَلِّغْهُ الحَنِينَ، كَمَا بَلَّغَنِي الغِيَابَ.
يا لروعة الحرف حين يمرّ عليه قلبٌ مثل قلبك، يرى النور في سطورٍ كانت تنبض بالصمت، فيوقظ فيها الحياة!
تعليقك ليس مرورًا عابرًا، بل هو عبور روحٍ نبيلة على أرض النص، تزرع فيه أزهارًا من التقدير، وتسكب عليه ندى الذائقة الرفيعة.
كم يزهو الحرف حين يُقرأ بعين تعرف الجمال، وكم يشكر قلمي هذا التجلّي المترف بالمشاعر، والعابق بصدق التلقي.
لك من القلب شكرًا يليق برقيك، ومن الروح امتنان لا تحيطه الكلمات.
الصَّمْتُ لَيْسَ غِيابًا...
بَلِ امْتِلَاءٌ فَاضَ حَتّى ضَاقَتْ بِهِ اللُّغَةُ.
هُوَ الرَّفِيقُ الَّذِي لا يَخُونُ،
وَالشَّاهِدُ الوَحِيدُ عَلَى انْكِسَارَاتٍ لا تُرْوَى.
فِي حَضْرَتِهِ تُسْجَنُ الحُرُوفُ،
وَيُحَاكَمُ الصَّوْتُ،
وَيَعْلُو صُرَاخٌ دَاخِلِيٌّ لا يَسْمَعُهُ سِوَايَ.
هُنَاكَ...
أَتَوَضَّأُ بِالوَجَعِ،
وَأُصَلِّي بِصَمْتٍ لا يَعْرِفُهُ غَيْرِي.
فِي حَضْرَتِهِ...
تَنْكَسِرُ الضَّوْضَاءُ، وَتُكفَّنُ الحُرُوفُ.
الصَّمْتُ لَيْسَ فَرَاغًا، بَلْ زِحَامٌ لا يُطَاقُ.
هُوَ مِرْآةٌ تُظْهِرُ مَا لا نَجْرُؤُ عَلَى قَوْلِهِ،
وَصَوْتٌ يَهْمِسُ مِنْ تَحْتِ الجِلْدِ: كَفَى!
فِي حَضْرَتِهِ...
أَهْوِي مِنْ شَاهِقِ وَهْمِي،
وَأَرْتَقُ صَدْعِي بِنَظْرَةٍ هَارِبَةٍ،
وَأَجْمَعُ فُتَاتَ قَلْبِي فِي مِحْرَابِ الصَّبْرِ.
هُنَاكَ... لا أَحَدَ يَسْمَعُ،
وَلَكِنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُقَالُ.
حيث تهمس الأرواح بما عجزت الحناجر عن بَوحه،
وتنزف القلوب على ورقٍ لا يشي بالنحيب.
هذا الحرف موغل في العذوبة والألم
مشاعر ندية توسدت خمائل الحروف وتطاول
وحه عذوبتها، وساير لحنها ألق المفردة الطيعة
لتكون قلادة في جيد الرهف والجمال
بورك النبض الشاعري الجميل
بلغة قوية أبدعت في تصوير دواخل النفس
وقدمت ابلغ وصف للصمت في نص ثريا رقيقا
بمشاعر رقيقة تأرجحت بين همس الأرواح
بما عجزت الحناجر عن بوحه
وبين نزف القلوب على ورق لا يشي بالنحيب.
ومن يراعك ينبثق الجمال.
ردكِ لوحة ضوءٍ تُجيد العناق بين المعنى والإحساس،
تسلّلتِ بحروفكِ إلى عُمق نصّي كما لو كنتِ تترجمين نبضه بصمتٍ عارف.
شكراً لهذا الاحتواء النبيل، ولعينٍ ترى ما بين السطور قبل أن تنطق به الحروف.
بورك هذا الذوق الذي يُنبت الجمال من مجرد مرور.
محبتي التي تعلمين
صمتٌ يُشبهني
في زمنٍ أضحى فيهِ الوَفاءُ غريبًا، أَبقى أنا جَمرَةَ الأملِ التي لا تَنطفئ،
أَمضي بعَينَيْنِ تُشبِهانِ القَصائدَ غيرَ المَكتوبة،
تَسكُنُهُما عَزيمةٌ لا تُساوِم، وعَطفٌ يَفيضُ دونَ طَلَب.
في صَدري وَطَنٌ صغيرٌ، لا يَحتاجُ صَوتًا لِيَتكلَّم،
فكُلُّ نَبضةٍ تَقولُ: "لَن أَنكسِر، حتّى لوِ انطفأ العالَمُ مِن حولي."
زَمني مُختَلِف...
لَهُ طَعمُ الكُتُبِ القَديمةِ التي مَرَّت بها الرِّياحُ دونَ أن تَنتَزِعَ مَعناها،
وليَ يَدانِ تَحمِلانِ شَمسًا، تُدفِئُ ولا تُعاتِب، تُعطي ولا تُحصي.
أنا لستُ عابِرَةً في سَطرٍ من حَياةِ أَحَد،
أنا القَصيدَةُ التي لَم تُكتَب بعد،
والرَّجاءُ الذي لا يَموت،
أنا الكَلِمَةُ التي تَسري في الخُلودِ حينَ يَغفو الزَّمان.
أحاول أن أعود إليَّ
أَمُدُّ يَديَّ نَحوَ امرَأَةٍ تَشْبَهنِي،
تَمْشِي حَافِيَةً بَيْنَ الذَّاكِرَةِ وَالنَّجَاةِ،
تَسْأَلُنِي:
"أَمَا زِلْتِ أَنتِ؟"
أَخْفِضُ رَأْسِي خَجَلًا مِنَ المَرَايَا الَّتِي كَانَتْ،
وَأَمْسَحُ عَنْ وَجْهِي الغُبَارَ الَّذِي تَراكَمَ مِنَ التَّنَازُلَاتِ،
أُعَدِّلُ هِندَامَ قَلْبِي،
وَأَلْمِمُ شَتَاتِي كَأَنَّنِي أَرَتِّبُ نَفْسِي لِلقَاءٍ مُقَدَّسٍ،
وَأَهْمِسُ لَهَا:
"لَمْ أَعُدْ كَمَا كُنتِ…
لَكِنِّي أُحَاوِلُ."
لَكِنَّهَا تَحَدَّقُ فِي عَيْنَيَّ بِمَرَارَةٍ،
تَصْرُخُ بِصَمْتٍ مَزْلَزِلٍ:
"لِمَاذَا تَرَكْتِني هُنَاكَ؟
حِينَ كُنتُ أَخْتَنِقُ وَلَمْ تُخْرِجِينَ صَوْتِي،
حِينَ كُنتُ أُغْتَالُ عَلَى مَهْلٍ،
وَأَنْتِ تُرَبِّتِينَ عَلَى كَتِفِ الخَوْفِ وَتَقُولِينَ: صَبْرًا!"
أَخْفِضُ جَفْنَيَّ…
فَأَنَا الَّتِي عَقَدْتُ حَلْفًا مَعَ الصَّمْتِ،
وَأَلْقَيْتُ بِي فِي بِئْرٍ لَا قَاعَ لَهُ،
هَرَبًا مِنْ اِنْهِيَارِي…
هَرَبًا مِّنِّي.
تَمُدُّ يَدَهَا رَغْمَ كُلِّ شَيْءٍ،
تُرَبِّتُ عَلَى وَجْعِي الَّذِي أَعْرِفُهُ جَيِّدًا،
وَتَهْمِسُ بِنَبْرَةِ الأُمِّ لِابْنَتِهَا التَّائِهَةِ:
"تَعَالِي… لَا زَالَ فِيكِ مَا يَسْتَحِقُّ الحَيَاةَ."
فَأَخْطُو نَحْوَهَا، خُطْوَةً يَسْبِقُهَا نَحِيب،
وَأُدْرِكُ — رُبَّمَا لِأَوَّلِ مَرَّةٍ —
أَنَّ العَوْدَةَ إِلَيَّ…
هِيَ أَعْظَمُ اِنْتِصَارٍ لَمْ يُكْتَبْ فِي سُطُورِ أَحَدٍ.
للصمت مهابة في ظل حروفك الرائعة رغم ما هب عليها من مشاعر شجن
صادقة تكاد تلمس باليد وشعور راق وعميق وعبقرية إحساس وشاعرية أداء
صور بديعة ونسج ساحر ومشاعر امتزجت فيها الحكمة مع الإبداع والإمتاع
فجاءت آسرة مبهرة.
وما أعظم من أن ينتصر الإنسان على نفسه بالعودة إليها.
بوركت وقلمك وحرفك الراقي.