شرح كلام قيل أن سيبويه قاله يجعل الخبر مبتدأ

في الدار زيد
يقال أن سيبويه قال أن في الدار مبتدأ.
لا أعرف هل هذا صحيح أم لا .
فلو كان صحيحا فإن له تفسير يتعلق بعلاقة الإعراب بالمعنى إذ الأصل أن يكون المعنى مثل الإعراب لكن هناك حالات أو أنماط ليست كذلك مثل:
ضربي زيداً قائماً
نعرب ضربي مبتدأ وزيدا مفعولا به وقائما حالا ثم نضيف حال سدت مسد الخبر .
وليست قائما هي الخبر في الإعراب إذ لايصح أن تكون حالا وخبرا أيضا لكن هذا الإعراب على تأويل أن أصل هذا التركيب ضربي زيدا قائما هو أضرب زيدا قائما أضرب فعل وزيدا مفعول به وقائما حال ثم قام المتكلم بتحويل الفعل أضرب الى اسم فصار التركيب ضربي زيدا قائما فاظطررنا الى إعراب ضربي مبتدأ لأن الاسم لايعرب فعلا ثم اكملنا الإعراب كماهو مع الفعل لأن ضربي مصدر الفعل ضرب زيدا مفعول به وقائما حال .
فلما كان هناك مبتدأ ليس له خبر قلنا الحال سدت مسد الخبر وإلا فليس هناك خبر لأن المعنى على تأويل ان أصل التركيب هو أضرب زيدا قائما .
وما يهمنا هو هاتان الحالتان:
نمط:زيد رجل كريم
رجل خبر في الإعراب وليس خبرا في المعنى وكريم نعت في الإعراب وخبر في المعنى.
ونمط:لارجل في الدار
نعرب رجل أنه مبني وليس معربا منصوبا لأن لا النافية واسمها مركبان .
والمهم هنا هو على أي أساس كن هذا التركيب وهذا الإعراب؟
قالوا لأن هذا كلام قيل جوابا لسؤال أي جملة لارجل في الدار قيلت جوابا لسؤال:
هل من رجل في الدار؟
من رجل:رجل مبتدأ مجرور بمن حرف جر زائد أي أن رجل مجرور لفظا مرفوع محلا .
وحرف الجر من الغرض منه الاستغراق أي انم لوقلت:
هل رجل في الدار
فإنك تسأل عن الذي في الدار هل هو رجل ويمكن أن يكون امرأة أي أنك تسأل عن جنس الذي في الدار رجل كان أم امرأة .
أما هل من رجل في الدار
فإنك تسأل عن نوع محدد كانك قلت هل احد من الرجال في الدار أي أنك لاتسأل عن جنس الذي في الدار هل هو رجل أم امرأة ولكن تسأل عن وجود فرد أو أكثر من جنس الرجال وهذا هو معنى الاستغراق .
فلما كان السؤال فيه استغراق جنس الرجال كان الجواب في النفي يتطلب ذلك فيكون معنى :
لارجل في الدار
ليس هناك أي فرد من جنس الرجال في الدار .
إذاً هناك خبر في المعنى لايكون خبرا في الإعراب وهناك كلام مؤسس على سؤال أي أنه جواب سؤال .
لاحظ هذين السؤالين:
أين زيد؟
من في الدار؟
نقول في الجواب:
أين زيد ؟
زيد في الدار
نبدأ بزيد لأن السؤال عنه أي عن مكانه.
من في الدار؟
في الدار زيد
نبدأ بفي الدار لأن السؤال عمن في الدار.
أي أننا لا نخبر عن زيد بأنه في الدار ولكن نخبر عن الدار بان فيها زيد وكانه قيل الدار فيها زيد .
هذا هو معنى جملة في الدار زيد إذا كانت جوابا لسؤال من في الدار؟
أما إذا كانت إخبارا وليست جوابا لسؤال فإنك لاتقول لأحد في الدار زيد الا وهو يعرف ان هناك أحد في الدار لكن لايعرف من هو .
مثل انك لاتقول لأحد:
الذي ضرب زيداً هو عمرو
الا والمخاطب يعلم ان ضربا قد وقع على زيد وهو لايعرف الفاعل .
أما اذا لم يكن يعلم ان الضرب قد وقع فإنك تقول له:
ضرب عمرو زيدا .
أي ان هذا هو استخدام هاتين الجملتين:
الذي ضرب زيدا عمرو
ضرب زيدا عمرو أو ضرب عمرو زيدا .
ولاتقول لأحد زيد في الدار إخبارا وليس جوابا لسؤال الا والفائدة تتعلق بزيد وليس بالذي في الدار اي ان المخاطب لايعلم ان الدار فيها أحد وهو يجهل من هو .
يدل على ذلك:
أرجل في الدار ام امراة ؟
تسأل عن جنس الذي في الدار .
أفي الدار رجل ام أكثر ؟
تسأل عن عدد الرجال .
ولايصح ان تقول:
أفي الدار رجل أم امرأة؟
لأن المسؤول عنه بهمزة الاستفهام يلي الهمزة .
فلما ولي الهمزة في الدار وكان المبتدأ نكرة لم يصح ان تسال عن مكان المبتدأ لأنه نكرة مثل انه لايصح أن تقول أين رجل؟
فلما كان كذلك توجه السؤال الى عدد الذين في المكان من الرجال وليس الى المكان أي مكان رجل أي لايسأل عن مكان النكرة.
لكن لو قلت:
أفي الدار زيد ؟
فإن السؤال يتوجه الى مكان زيد ولذلك يصح أن تقول:
أفي الدار زيد أم في المزرعة؟
مثل انه يصح ان تقول:
أزيد في الدار أم عمرو؟
تسأل عن الذي في الدار هل هو زيد أم عمرو .
صح ذلك لأنه يصح ان تقول أين زيد؟تسأل عن مكان زيد اي تسال عن مكان المعرفة .
لاحظت كيف يتأثر المعنى بالتقديم والتأخير وبنوع الكلمة تعريفا وتنكيرا.
كل هذا وإعراب زيد ورجل مبتدأ وإعراب في الدار خبر .
فإن صح هذا الكلام الذي قيل عن سيبويه فإن رأيي أن تفسيره هو أن الإخبار عن الذي في الدار وليس عن زيد على أساس أن الجملة:
في الدار زيد
هي جواب لسؤال:
من في الدار؟
قال سيبويه:
كأنهم إنّما يُقدِّمون الذي بيانُه أهمُّ لهم وهم ببيانه أعنى، وإن كانا جميعا يَهُمّانِهم ويَعنِيانهم.
شرحه:
تقديم الكلمة عن رتبتها النحوية عند العرب مثل تقديم الخبر على المبتدأ يكون لشيأين:
بيانه أهم لهم
هم ببيانه أعنى
أي إذا سألك احد:
أين زيد؟
فإنك تجيب:
زيد في الدار
ولاتقول في الدار زيد لأن زيد هو موضع السؤال عن المكان.
واذا سالك احد:
من في الدار؟
فإنك تجيب:
في الدار زيد وعمرو وأحمد
ولاتقول:
زيد وعمرو وأحمد في الدار
لأنك لاتخبر عنهم بل تخبر عمن في الدار .
وإن كانا جميعا يهمانهم ويعنيانهم:
اي أن الكلمة التي تقدمت والكلمة التي على رتبتها تهمانهم وتعنيانهم من جهة المعنى مثل:
في الدار زيد
هناك معنيان:
بيان عن مكان زيد
بيان عن الذي في الدار
فقدموا في الدار على زيد لأن الغرض الذي هو موضع العناية والاهتمام يتعلق ببيان من هو في الدار وليس ببيان مكان زيد .
والله أعلم

ضربي زيدا قائما
المشهور أن تخريجها او تأويلها هو:
ضربي زيدا إذا كان قائما
وأقائم الزيدان
أيقوم الزيدان
قائم مبتدأ والزيدان فاعل سد مسد الخبر على أساس أيقوم الزيدان
ولايمكن أن تجعل قائم خبر مقدم لأن الجملة تكون آلزيدان قائم .
والله أعلم